كتب/ بلال الطيب :
يوم الأربعاء 26 سبتمبر 1962م
الساعة الرابعة عصرًا:
بدأ الضباط الأحرار بتنفيذ خطتهم المستعجلة، وذلك بفَرض حَالة الطَوارئ في الكلية الحربية، ومَدرسة الأسلحة، وأصدروا توجيهات من القيادة بِتواجد باقي الضباط في المكانين المذكورين.
الساعة الثامنة مساءً:
قام الضباط الأحرار بفتح المستودعات، وتوزيع الأسلحة.
الساعة العاشرة مساءً:
قام النقيب حُسين السكري بمحاولة قتل الإمام محمد البدر (كما هو مخطط)، وذلك فَور خُروج الأخير من اجتماعه مع وزرائه في قصر البشائر، وقد فشل في مهمته، وتم القبض عليه، وكان من جُملة الجرحى الذين أصيبوا في اليوم الأول للثورة، وتم إسعافهم إلى القاهرة.
الساعة الحادية عشرة مساءً:
بدأ الضباط الأحرار تحركهم، وجَعلوا من مبنى الكلية الحربية مَقرًا لعملياتهم العسكرية، وتولى المقدم عبدالله جزيلان والنقيب عبداللطيف ضيف الله والملازم علي عبدالمغني القيادة العامة. وفي الوقت الذي تولى فيه الملازم ناجي علي الأشول قيادة المجموعة التي تولت حماية مبنى الكلية الحربية (كانت مُغلقة حينها)، توجهت باقي المجموعات للسيطرة على باقي المواقع الاستراتيجية، وكان أكبرها على الإطلاق المجموعة التي توجهت صوب قصر البشائر، مقر الإمام محمد البدر.
ومن 12 دبابة هي قوام الدبابات التي كانت ليلتها تحت تَصرّف الثوار، توجهت 6 منها للسيطرة على قصر البشائر، وعلى دُفعتين، الدفعة الأولى مُكونة من دبابتي اقتحام بقيادة الملازم عبدالله عبدالسلام صبرة، والملازم محمد الشراعي، والدفعة الثانية مُكونة من أربع دبابات مع طواقمها بقيادة الملازمين عبدالله محسن المؤيد، ويحيى جحاف، وأحمد مطهر زيد، وعبده قائد، وانضمت اليهم بعد بدء الهجوم دبابة سابعة بقيادة الملازم عبدالكريم المنصور، في حين تولى الملازم أحمد الرحومي قيادة عدد من السيارات المدرعة لتأمين ذلك الهجوم.
يوم الخميس 27 سبتمبر 1962م
الساعة الرابعة فجرًا:
أرسل الضباط الأحرار سيارة مُصفحة لإحضار العميد عبدالله السلال إلى مقر القيادة، وقد بدأ القائد السلال أولى مَهامه بإصدار أوامره لقيادة مَفرزة قصر السلاح بفتح بوابة القصر لنقل الذخيرة، وذلك بصفته السابقة (قائد الحرس الملكي)؛ مُستفيدًا من الانطباع السائد ليلتها بأنَّ أنصار الأمير الحسن بن الإمام يحيى تَحركوا للإطاحة بحكم الإمام البدر، وهو التصرّف الذي أنقذ الموقف، ورجّح كفة الثُوار.
الساعة السادسة صباحًا:
حَسمت مدفعية الميدان الرابضة في منطقة خزيمة بقيادة الملازم محمد مطهر زيد الأمر، وقامت بنسف واجهة قصر البشائر الجنوبية، وجعلت الإمام المخلوع يُفكر بالمغادرة.
الساعة السابعة صباحًا:
بدأت إذاعة صنعاء بثها الإذاعي، مُعلنةً قيام الجمهورية العربية اليمنية، على وقع نشيد (الله أكبر يا بلادي كبّري).
الساعة العاشرة صباحًا:
تمكن الإمام محمد البدر من الهرب مُتسللًا من قصر البشائر إلى عددٍ من المنازل المُجاورة، مُتنكرًا بملابس غير مَلابسه، مُصطحبًا معه العميد يحيى العروسي (عمه والد زوجته)، وخمسة من عَساكره.
وإلى جانب الإمام المخلوع، تمكّن الأمير عبدالله بن الحسن ومعه الأمير محمد بن الحسن وغيرهما من الهرب، بعد أنْ قادا صباح اليوم الأول للثورة مُقاومة مُحدودة في قصر الشكر، وقد كان لثلاثتهم وعددٍ من أمراء بيت حميد الدين المتواجدين في الخارج دور رئيسي في قيادة معارك إنهاك الجمهورية الوليدة.
الساعة الرابعة عصرًا:
بخطة مُستعجلة، وقوات مُتواضعة، حقق الضباط الأحرار انتصارهم، ولم يأتِ عَصر اليَوم الأول للثورة إلا وصنعاء ومُعظم المدن الرئيسية تحت قَبضتهم، فَرضوا خلال وقتٍ قياسي أمرًا واقعًا، ودانت اليمن من باب المندب حتى صعدة للعهد الجديد، وكان لصدى بياناتهم الحماسية عبر أثير إذاعة صنعاء وقعها الإيجابي في نفوس اليمنيين التواقين للتحرر من الظلم والكهنوت.