27.5 C
الجمهورية اليمنية
2:26 مساءً - 21 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
Image default
- أهم الأخبارعين الحقيقة

مليشيا الحوثي: تناقضات بين ادعاء نصرة القضية الفلسطينية والتضييق على الفلسطينيين في اليمن

تقرير/ بشرى العامري:

لطالما ادعت مليشيا الحوثي أنها الحليف الأكثر إخلاصاً للقضية الفلسطينية في المنطقة، وتواصل تصوير نفسها كمدافع قوي يقف إلى جانب غزة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة باستمرار أنها منحت اليمنيين الحرية الكاملة للتعبير عن دعمهم لفلسطين ورفضهم للجرائم الصهيونية دون خوف أو قمع.

لكن الحوثيين يتناسون أن الشعب اليمني كان وما يزال في طليعة الدول والشعوب العربية التي ساندت فلسطين على مدى عقود طويلة، سواء على المستوى السياسي والدولي أو الإنساني، ورفضهم لكل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني دون أن تُضيق على الفلسطينيين أو تستغلهم لأغراض سياسية، فاليمن كانت دائماً ومازالت تعتبر فلسطين قضيتها المركزية.

“دعم وشراكة نضالية لعقود طويلة”

منذ بدء القضية الفلسطينية في أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، كان اليمن جزءاً أصيلاً من دعم نضال الفلسطينيين، قبل ظهور الحوثيين حتى.

وقدم اليمن مواقف بطولية دعمت القضية الفلسطينية على مر تلك العقود، أبرزها ما حدث عندما اجتاحت إسرائيل العاصمة اللبنانية بيروت في عام 1982، وأُبعدت القوات الفلسطينية من لبنان.

حينها، كانت اليمن، بكل من عاصمتي شطريها صنعاء وعدن، هي الحاضنة لأبرز القوات الفلسطينية، واستقبلت كل من عدن التي كانت تحت حكم الحزب الاشتراكي، وصنعاء التي كانت تحت حكم علي عبد الله صالح معسكرات المقاتلين الفلسطينيين الذين لم يجدوا مكاناً آخر يلجؤون إليه.

وفي تلك الفترة، برز موقف الرئيس اليمني الجنوبي علي ناصر محمد، والذي أشار اليه ممثل منظمة التحرير الفلسطينية من خلال تقديمه الصواريخ الروسية المخصصة لحماية عدن للفلسطينيين، رغم أن الاتحاد السوفييتي كان قد منع استخدامها إلا من قبل قوات عدن فقط.

 إلا أن قرار الحزب الاشتراكي حينها جاء حاسماً بقوله إن “أي سلاح متوفر هو من أجل فلسطين، ويجب أن يذهب لفلسطين” وأصبح هذا الموقف معروفاً كنقطة مضيئة في تاريخ دعم اليمن للقضية الفلسطينية.

وعلى مدار السنوات التالية، ظلت الشراكة اليمنية الفلسطينية قوية وفاعلة، حيث يتذكر الجميع العملية الفدائية الشهيرة ” عملية كمال عدوان التي نفذتها الشهيدة المناضلة دلال المغربي عندما اقتحمت مع مجموعة من الفدائيين خلالها الأراضي الفلسطينية المحتلة وأعلنت أول جمهورية فلسطينية لمدة خمس ساعات أثناء احتجازها لمجموعة من الإسرائيليين، وكان من بين الفدائيين الذين رافقوها يمنيان اثنان هما عبد الرؤوف عبد السلام علي من تعز، ومحمد حسين الشمري من تهامة.

وتواصلت المواقف البطولية اليمنية لدعم القضية الفلسطينية في مختلف مراحل نضالها، وبقي اليمن وشعبه، على مر السنوات، داعمين أساسيين للقضية الفلسطينية بشكل علني وقوي.

أما الحوثيون، فلم يظهروا أي دعمٍ علنيٍ للقضية الفلسطينية إلا منذ أحداث غزة في العام الماضي، وهو أمر يتفق مع التوجهات الإيرانية لأذرعها في المنطقة، ولا يعكس دعماً حقيقياً للقضية العادلة.

“بين دعم حكومات سابقة للفلسطينيين وانتهاكات الحوثيين بحقهم”

لطالما عاملت اليمن الفلسطينيين كإخوة، لا كلاجئين، إذ اندمجوا في المجتمع اليمني بكل حرية واحترام دون أي تمييز، وتم توفير فرص العمل والتعليم لهم، وفي بعض الأحيان حصلوا على امتيازات تفوق تلك المتاحة لليمنيين أنفسهم.

واستقبلت اليمن قادة فلسطينيين، ووفرت للحركات الجهادية الفلسطينية كل الدعم والمساندة، كما أتاحت للفلسطينيين فرص الاستثمار والإقامة بحرية، وتم دمجهم في المجتمع اليمني بحرية واحترام، وتم توفير فرص التعليم والعمل لهم دون أي تمييز.

حيث استقبل الشعب اليمني الفلسطينيين على ارضه وأحسن ضيافتهم وتم استيعابهم في كثير من الوظائف الحكومية وتم تسهيل استثمارهم وفتحت الجامعات مجانا لأبنائهم كما تم منحهم المساكن في أفضل احياء العاصمة صنعاء.

واتخذت مواقف تاريخية ثابتة في دعم فلسطين دون أن تضر باليمنيين أو تمارس سياسات القمع والتضييق التي تتبعها الحوثيون اليوم.

واستوعب النظام السابق الحكومة الفلسطينية آن ذاك ومنح الرئيس ياسر عرفات منزلا من خمسين لبنة في شارع مجاهد بقلب صنعاء والتي قامت مليشيا الحوثي بالاستيلاء عليه لاحقاً، ومنحته لأحد قادتها لاتخاذه سكناً خاصاً، بعدما كان مخصصاً في السنوات الماضية لاحتجاز المعتقلين والمخطوفين والمخفيين قسراً، من معارضيها.

 كما بنيت قاعة ياسر عرفات بجامعة صنعاء وسميت الشوارع بأسماء فلسطين وعرفات.

مدرسة بلقيس بقطاع غزةوأنشأ نجل شقيق صالح جمعية كنعان لفلسطين والتي قامت بمساعدة الكثير من القيادات والاسر الفلسطينية ومدت جسور التواصل مع حركة فتح وانشأت العديد من المشاريع في فلسطين، والتي كان اخرها مدرسة بلقيس بقطاع غزة والتي تم قصفها في سبتمبر 2022 من قبل الاحتلال.

فيما أنشأ أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر آنذاك جمعية الأقصى واستضافوا قادة حركة حماس ودعموها بفتح مكاتب لها واستوعبوا الكثير من اسر قادتها وانشأت السكن الجامعي للطلاب والطالبات الفلسطينيين، كما قدموا الكثير من المشاريع للداخل الفلسطيني واخرها بناء مستشفى اليمن السعيد بقطاع غزة والذي استهدف ايضاً من قبل الاحتلال الصهيوني في ديسمبر العام الماضي.

مستشفى اليمن السعيد بقطاع غزة وكان الفلسطينيون في اليمن دائمًا يعتبرون اليمن وطناً ثانياً لهم، خاصة بعد موجات النزوح المتعددة التي دفعت العديد منهم إلى اللجوء إلى اليمن.

لم يكتف اليمنيون بذلك فكانوا في كل عمل اجرامي للاحتلال إزاء غزة وبقية الأراضي الفلسطينية يخرج في مسيرات حاشدة منددة ورافضة لكل تلك الاعمال الاجرامية ويسارع في جمع التبرعات وتقديم الغالي والنفيس لنصرة الأقصى وفلسطين وشعبها.

ادوية ومساعدات انسانية يمنية دعم لفلسطين كل تلك المواقف البطولية لليمنيين المؤازرة للشعب والحكومة الفلسطينية منذ عشرات السنوات لم تؤثر او تؤذي الشعب اليمني ولم تجلب لهم أي خراب.

كما عاش الفلسطينيون في اليمن دون أن يتعرضوا لأي مضايقات، ودون أن تشكل هذه الاستضافة أي عبء على اليمنيين أو على الاقتصاد الوطني.

هذا الدعم الثابت للقضية الفلسطينية لم يكن مجرد كلام، بل كان حقيقة يعكسها الشعب والحكومة اليمنية على مدى عقود، دون أن يضحوا بمصالح اليمنيين أو حقوقهم.

إلا أنه منذ أن فرضت مليشيا الحوثي سيطرتها على أجزاء واسعة من اليمن، تغيرت هذه المعادلة تماماً، فقد مارست سياسات قمعية ضد الفلسطينيين، شملت طرد العديد منهم من منازلهم، ومصادرة أموالهم وأملاكهم تحت ذرائع واهية، منها “دعم المجهود الحربي”، رغم تلقي زعيم الحوثيين شكاوى متعددة من الجالية الفلسطينية في صنعاء، إلا أن هذه الشكاوى قوبلت بالتجاهل، بل زادت وتيرة الاعتداءات وشملت النهب، والخطف، وإغلاق مقرات جمعيات فلسطينية، مثل جمعية الأقصى، وجمعية كنعان لفلسطين، ومؤسسة القدس الدولية.

وفي أبريل 2015، استولت المليشيا على مبلغ يعادل مليوناً و200 ألف دولار تابع لجمعية الأقصى في صنعاء. كما فرضت إتاوات غير قانونية على التجار الفلسطينيين، مما أدى إلى تدهور أوضاعهم الاقتصادية، ودفع العديد منهم إلى مغادرة البلاد تحت ضغوطات شديدة. هذه السياسات الظالمة تتناقض بشكل صارخ مع ادعاءات الحوثيين بأنهم يدعمون الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل التحرر، وخطاباتهم السياسية التي تصف نفسها بأنها الأشد دفاعًا عن القضية الفلسطينية.

 

” استغلال الحوثي للقضية الفلسطينية بأبشع صورة”

في الواقع، تُظهر تصرفات الحوثيين على الأرض العكس تماماً، فبدلاً من توفير الحماية والدعم للفلسطينيين المقيمين في اليمن، أصبحت المليشيا تمثل عبئاً إضافياً على حياتهم، حتى بات عدد الفلسطينيين في اليمن ضئيلاً جداً، واتخذ الحوثيون القضية الفلسطينية وسيلة للمزايدة السياسية والإعلامية، بهدف تضليل البسطاء من المواطنين والزج بهم في الجبهات لقتال إخوانهم اليمنيين خدمة لمشروعهم الإمامي المتخلف.

لم يستفد الشعب الفلسطيني أو قضيته من مليشيا الحوثي سوى الاستغلال والتوظيف الخبيث لخدمة أجندتها التدميرية لليمن والمنطقة.

هذا التناقض الفاضح بين خطاب الحوثيين الذي يدعي نصرة فلسطين وبين ممارساتهم الفعلية التي تضر بالفلسطينيين وتنهب حقوقهم، يكشف أن دعمهم المزعوم ليس إلا غطاءً لتحسين صورتهم على الساحة الإقليمية والدولية.

ولذا ينبغي ألا نسمح للحوثي باختطاف تاريخ نضال اليمنيين الطويل في دعم فلسطين، في ظل غياب المتابعة الدقيقة من قبل العامة، الذين قد تغيب عنهم الكثير من الحقائق.

فاستغلال الحوثيين للقضية الفلسطينية بهذه الطريقة يظهر جلياً أنهم يسعون فقط لتلميع صورتهم السياسية، بينما يمارسون سياسات قمعية تقوض هذه القضية، وتجاهل الحوثيين للتاريخ المشرف للشعب اليمني في دعمه للقضية الفلسطينية يعزز من فضح تناقضاتهم، إذ أن اليمنيين لطالما دعموا فلسطين بصدق وإخلاص، دون استغلالها لأغراض سياسية، وكان هذا الدعم تعبيراً عن ارتباط وجداني عميق بالقضية الفلسطينية، وليس مجرد أداة سياسية كما يحاول الحوثيون تصويره اليوم.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد