تراجع الحوثيون عن مضمون رسالة بعثوا بها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تضمنت التزامهم بـ«كسر جمود العملية السياسية»، وقبولهم مقترح إعادة «خطوات بناء الثقة»، والتباحث مع «مكتب المبعوث الخاص إلى اليمن» في العاصمة العمانية.
ولم تحتو الرسالة الأولى، بتاريخ 11 يناير (كانون الثاني)، التي اطلعت عليها «الشرق الأوسط»، على أي إشارة تتحدث عن المبعوث المنتهية فترته نهاية الشهر الحالي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، الذي وصل بدوره إلى مسقط قبل 4 أيام، في إطار المسعى الأممي الذي ادعى الحوثيون أنهم سيتعاملون معه إيجابياً. ووصل وفد حوثي إلى مسقط بعيد لقاء مع معين شريم، نائب ولد الشيخ أحمد، بيد أن الجماعة المتهمة بموالاة إيران غيرت موقفها، ولم تستجب لما التزمت به في رسالتها الأولى. وتجاهل الانقلابيون حضور اجتماع كان من المفترض أن يجري في الخامس من فبراير (شباط) الحالي.
ووفقاً لمسؤول يمني تحدث لـ«الشرق الأوسط»، فإن الحوثيين بعثوا برسالة أخرى للأمين العام للأمم المتحدة، يطالبون فيها بالاجتماع مع المبعوث الأممي الجديد (المرشح البريطاني مارتن غريفيث)، رافضين الاجتماع مع إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وزاد المسؤول الذي فضل عدم الإفصاح عن اسمه أن حزب «المؤتمر الشعبي العام» (جناح صنعاء) اختلف أعضاؤه على وفد الحزب الذي أصر ولد الشيخ أحمد غداة مقتل صالح على أنه مكون رئيس في أي محادثات مقبلة للسلام، لافتاً إلى اعتذار تم تقديمه لممثل المبعوث الأممي الخاص في صنعاء عن المشاركة حتى مساء أمس. وعوضاً عن الانخراط في عملية السلام مع الأمم المتحدة، اتجه رئيس وفد الحوثيين والمتحدث باسمهم محمد عبد السلام إلى طهران في العاشر من الشهر الحالي للقاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وفي اتصال مع «الشرق الأوسط»، قال راجح بادي، المتحدث باسم الحكومة اليمنية، إن هذه الخطوة «تؤكد ما قالته الحكومة الشرعية في السابق، وهو أن الحوثيين ليسوا جادين في التعاطي مع الحلول السلمية، وهذه التحركات التي يجرونها لا تخرج من إطار محاولة كسب ود الداخل، وتضييع الوقت في ظل الخسائر التي تتكبدها الجماعة بمختلف الجبهات». والناشط السياسي اليمني البراء شيبان يتذكر أن الحوثيين في الحروب السابقة لم يرضخوا لأي اتفاق «إلا إذا كانوا على وشك الهزيمة». ويقول إن مدى التجاوب الحوثي سيكون رهن خساراتهم على الأرض، ولو استمرت القوات بالتقدم في الجوف وميدي وصعدة، إلى جانب شرق صنعاء والساحل، بالإضافة إلى تعز، سيسارعون بالتجاوب مع الحل.
وسبق للسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر أن قال في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الجماعة «لا صلة لها بالالتزام السياسي، وليس لديها رغبة في أي سلام (…) العالم كله يطالبهم بالحل والتسوية ولكن ليس لديهم حتى نية للتجاوب» مضيفاً: «الحوثي لا يمثل إلا إيران، وطهران ترى أن استمرار تدخلها في العالم العربي استمرار لتصدير الثورة وتجهيل العالم العربي وإفقاره».
ولفهم الموقف الدولي والإقليمي من سير المشاورات اليمنية، يشدد الدكتور عبد العزيز العويشق، الأمين العام المساعد للشؤون السياسية والمفاوضات بمجلس التعاون الخليجي، على أن هناك محاولات وجهوداً لإقناع الطرفين (الشرعية والانقلابيين) بالجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «الجميع متفق، بما فيهم الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، على دعم المبعوث الأممي للأمم المتحدة، باستمرار الحلول المطروحة على الطاولة، مثل خطة الحديدة، وربطها بحل شامل، وجميع الخيارات مطروحة، وأعطت الأمم المتحدة كل الدعم للتواصل مع الأطراف»، مضيفاً: «إذا كانت هناك مشاورات مقبلة بين الجانبين، فإنها لن تنطلق من الصفر، ولكن من ما انتهت إليه مشاورات الكويت».
ولا يرى الدكتور العويشق أن هناك «أي مجال للعودة إلى المربع الأول، فالمجتمع الدولي الذي قضى 5 أشهر في الكويت اتفق على إجراءات أمنية وسياسية، والخلاف كان على ما إذا كان التنفيذ يجب أن يبدأ من الأمني أو السياسي… الخلاف كان على التزامن، وهذا يثير النقاش، ولا يجعلنا نعود للمربع الأول».