توفيق السامعي:
مبعث علي بن أبي طالب (الحلقة2)
وقد جاء عند الطبري باب “خروج الأمراء والعمال على الصدقات”، وهم كالتالي:
قال أبو جعفر: وفرق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جميع البلاد التي دخلها الإسلام عمالاً على الصدقات. فحدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبدالله بن أبي بكر، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد بعث أمراءه وعماله على الصدقات، على كل ما أوطأ الإسلام من البلدان. فبعث المهاجر بن أبي أمية بن المغيرة إلى صنعاء، فخرج عليه العنسي وهو بها، وبعث زياد بن لبيد أخا بني بياضة الأنصاري إلى حضرموت على صدقتها، وبعث عدي بن حاتم على الصدقة؛ صدقة طيئ وأسد، وبعث مالك بن نويرة على صدقات بني حنظلة، وفرق صدقة بني سعد على رجلين منهم، وبعث العلاء بن الحضرمي على البحرين، وبعث علي بن أبي طالب إلى نجران ليجمع صدقاتهم، ويقدم عليه بجزيتهم”، وهذا يدعمه الرواية التالية. حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن ابن أبي نجيح، قال: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب إلى نجران، فلقيه بمكة وقد أحرن، فدخل على فاطمة ابنة رسول الله…” …إلخ الحديث
والحديث السابق، أو الرواية السابقة، أيضاً يدعمه الحديث التالي وهو الثالث:
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة عن ابن إسحاق، عن يحيى بن عبدالله بن عبدالرحمن بن أبي عمرة، عن يزيد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، قال: لما أقبل علي بن أبي طالب من اليمن ليلقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمكة تعجل إلى رسول الله، واستخلف على جنده الذين معه رجلاً من أصحابه، فعمد ذلك الرجل فكسا رجالاً من القوم حللاً من البز الذي كان مع علي بن أبي طالب، فلما دنا جيشه خرج علي ليلقاهم، فإذا هم على الحلل، فقال: ويحك ما هذا؟! قال: كسوت القوم ليتجملوا به إذا قدموا في الناس، فقال: ويلك انزع من قبل أن تنتهي إلى رسول الله. قال: فانتزع الحلل من الناس، وردها في البز، وأظهر الجيش شكاية لما صُنع بهم”.
وفي سيرة ابن هشام، قال أبو عمرو المدني: بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب إلى اليمن، وبعث خالد بن الوليد في جند آخر، وقال: “إن التقيتما فالأمير علي بن أبي طالب”.
وجاء عند البخاري، حدثني أحمد بن عثمان، حدثنا شريح بن مسلمة، حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق، حدثني أبي عن أبي إسحاق، سمعت البراء رضي الله عنه: “بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مع خالد بن الوليد إلى اليمن. قال: ثم بعث علياً بعد ذلك مكانه، فقال: مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يُعَقِّب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل، فكنت فيمن عقب معه، قال: فغنمت أواقي ذوات عدد” .
وجاء أيضاً عند البخاري من الحديث التالي للحديث الأول رقماً وموضعاً (رقم الحديث 4350)، حدثني محمد بن بشار، حدثنا رَوح بن عبادة، حدثنا علي بن سويد بن منجوف، عن عبدالله بن بريدة عن أبيه، قال: “بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- علياً إلى خالد ليقبض الخمس، وكنت أبغض علياً وقد اغتسل، فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟ فما قدمنا على النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكرت ذلك له، فقال يابريدة.. أتبغض علياً؟ فقلت: نعم. قال: لا تبغضه، فإن له في الخمس أكثر من ذلك “!
وانفرد به البخاري من هذا الوجه، والشاهد من الحديث، والأحاديث قبله، أن علياً بعث لتخميس الأخماس إلى نجران، ولم يصل صنعاء البتة، وقد كانت القبائل اليمنية قد أسلمت هناك خلافاً لما قيل أنها أسلمت على يدي علي في يوم واحد، وفي أمر تخصيص الخمس لعلي نظر، ففي لفظ في رواية أخرى (لنا في الخمس) وليس لعلي؛ إذ بأي حق يكون لعلي الخمس وينفرد به دون سائر المسلمين سواء ممن حضروا معه ومع خالد، أو من عامة المسلمين الآخرين؟!
وفي موضع آخر ذكر ابن هشام أن “علي بن أبي طالب غزا اليمن مرتين” دون ذكر أي تفصيل، بينما التفصيل كان في بعث خالد ومراسلاته النبي، ورد النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه. ونحن هنا كباحثين نورد كل الروايات ونفندها كما جاءت في كتب السير والأحاديث والتاريخ، دون زيادة أو نقصان، حتى نصل إلى الحقيقة التي ينشدها الجميع.
…..يتبع مبعث علي بن أبي طالب