18.7 C
الجمهورية اليمنية
7:42 مساءً - 9 يناير, 2025
موقع اليمن الاتحادي
Image default
- أهم الأخبارعين الحقيقة

النقوش الإسلامية المبكرة تدحض العنصرية الهاشمية

توفيق السامعي: 

تعتبر النقوش المدونة في الصخور وفي العظام وفي جذوع الشجر أوثق الأدلة والحجج والبراهين لتدوين أحداث زمانها، بغض النظر إن كانت المعلومات المدونة متحيزة لكاتبها أو سلطة زمنها باعتبار أن التاريخ ما يكتبه المنتصرون، لكن تبقى هناك معلومات وشواهد لا يمكن القفز عليها أو دحضها، وثبوتها دليل قاطع على زمانها وألفاظها، وأدق من الروايات الشفوية التي قد يزاد فيها وينقص، وما تنقله من معلومات يختلط فيها المعنى باللفظ، والزيادة والنقصان.

نقلت معلومات كثيرة من عصر التدوين عن الأنشطة الإنسانية الإسلامية وغير الإسلامية، والدينية والاجتماعية والسياسية والعسكرية… إلخ ولها طرق وروايات شتى تتوه القارئ وتلتبس على المتعلم وغير المتعلم.

ومن ذلك النقل الشفوي الذي دون متأخراً عن زمنه وبروايات شتى روايات الصلاة على النبي –صلى الله عليه وسلم- وما تم استحداثه في ما يسمى الصلاة الإبراهيمية التي استخدمها الهاشميون لتمييز طبقي عنصري ولمكاسب اجتماعية وثقافية وسياسية واقتصادية، واستحداث ما يسمى الآل (آل النبي) في مخالفة صريحة للقرآن الكريم.

وحيث إن الروايات اختلط فيها الحابل بالنابل حول هذا الأمر، عدنا إلى النقوش المدونة في العصور الإسلامية المبكرة ولشخصيات متعددة كأمثلة، ومنها شخصيات هاشمية من العصور المبكرة لمعرفة كيفية صلاتهم على النبي فلم نجد منها نقشاً واحداً دون وأثبت ما يسمى بالصلاة الإبراهيمية، أو ذكر الآل في هذه الصلاة.

فهناك مئات النقوش الإسلامية المدونة في المدينة المنورة مثبتة؛ حيث أساس تكوين الدولة الإسلامية وموطن النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك مكة المكرمة الموطن الأول للنبي والمسلمين الأوائل، وكذلك في جنوب المملكة العربية السعودية والأردن والشام وما دونته هذه النقوش في العصور الإسلامية المبكرة فيها مئات النقوش التي تذكر الصلاة على النبي، ولم يذكر واحد منها الصلاة الإبراهيمية، ولا ما يسمى الآل.

وهذه النقوش أصبحت مدونة وفي متناول الجميع عبر محركات البحث في الإنترنت.

ونحن نتتبع هذا الأمر لأنه في مرحلة متأخرة من الصراع السياسي الهاشمي وما ولدته تلك الصراعات من اختراع نظريات الإمامة وشق صف المسلمين باختلاق التشيع وما ترتب على ذلك من العنصرية الأسرية وادعاء الأفضلية والحاكمية الإلهية، وتدمير الدول وقيامها بالمذابح المختلفة في كل الأزمان وتشريد السكان ونهب الأموال، وغير ذلك من الجرائم التي لا تعج ولا تحصى، وصولاً إلى حصر الدين بها وباعتبارها بوابة التدين ومنهل العلوم الخرافية من طرقها، ومن يعارض أو يرفض يكون مصيره القتل والتشريد وتدمير وطنه ونهب أمواله، والنتيجة مآسٍ وكوارث أعاقت الأمة عن النهوض الحضاري.

وسنسرد هنا نماذج بسيطة للغاية، وبعضاً منها، غير محصين لها، فقط للتدليل على ذهبنا إليه في أبحاثنا في هذا الجانب.

النقش الأول: زيد بن الحسن بن علي

وهو نقش بالخط الكوفي، وجد في ضواحي المدينة، وأهميته كونه من القرن الأول الهجري ومن أحفاد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك لا نجده في نقشه يحرف الصلاة عليه ويبالغ في تعظيمه الشكلي كعادة المتشيعين فيما بعد، بل ذكر النبي محمداً صلى الله عليه وسلم مجرداً حتى من صيغة الصلاة عليه المعروفة كما في النقوش الأخرى، ولو كان أحد ذاكراً ما تسمى الصلاة الإبراهيمية لذكرها زيد بن الحسن.

ويكمن أهمية النقش في كونه لواحد من أحفاد الرسول من الطالبيين أنفسهم الذين اختلق في حقهم التأليه والولاية والوراثة وغير ذلك، وهو زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله عن أبويه. وقد ذكر الرسول هنا مجرداً دون صلاة عليه.

يقول النقش:

آمن زيد بن حسن بالله وحده لا شريك له وشهد

ألا إله إلا الله وحده وأن محمدا عبده ورسوله

على ذلك يحيى ماحيي وعليه يموت إذا مات

وهو يسأل الله أن يقربه من محمد في الآخرة

كما قربه منه في الدنيا وأن يجعله من أحباه وأصفياه

ونجباه.. اللهم بارك لنا في منزلنا هذا وادرأ عنا شره

وشر كل ذي شر وارددنا إليه مر مرا كثيرا

بينما في نقش صغير له بجوار الأول يدعو الله أن يصلي عليه، يقول:

اللهم صل على زيد بن حسن أنت وملائكتك المقربون!

وهنا الصلاة بمعنى الرحمة.

ولهذه الصلاة أصل في كتاب الله الكريم، لكل المؤمنين وليس لأسرة أو شخص بعينه؛ فالآية واضحة في ذلك، بقوله تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً}الأحزاب43

النقش الثاني: لعبدالله بن القاسم اللهبي

وهناك نقش آخر لهاشمي من الهاشميين، من أحفاد أبي لهب، وهو عبدالله بن القاسم بن عباس بن محمد بن معتب بن أبي لهب بن عبدالمطلب، وكتب بالخط الكوفي، وهو يحث على الاجتهاد في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً لو كان من أحد اجتهد وتفنن وذكر الصلاة الإبراهيمية أو ما يسمى الآل لذكرها هذا الرجل الهاشمي قبل غيره، مما يثبت أن ما نقل في كتب في أمر الصلاة الإبراهيمية في كتب النقل وغيرها من النقل، وفي أزمنة متأخرة، ليست صحيحة، وليس أصح من النقوش لأصحابها في زمنها؛ فهي عند المناهج البحثية في العلوم الإنسانية تعتبر سيدة الأدلة.

يقول النقش:

رحم الله عبدا اجتهد

في الصلاة على رسول الله

فإن المصلي عليه مسارع في

رضوان الله صلى الله عليه وسلم

وكتب عبدالله بن القاسم بن عباس

وهو يسأل الله

الخلاص من

النار والأمن

من العذاب

النقش الثالث: إبراهيم بن ميمون

وهو نقش إبراهيم بن ميمون الأسلمي، كتبه في سنة 135 للهجرة، يقول فيه:

اللهم صلي على محمد اللهم

اكتب صلاتي مع المصلين على محمد

واكتب شهادتي مع من شهد أنه رسولك

وشهادتي مع من شهد أنه لا إله إلا الله

وكتب إبراهيم ابن ميمون الأسلمي معلم الكُتّاب

لصبح إحدى عشرة مضت من شوال سنة

خمس وثلاثين ومائة رحمه الله..

والمستغرب أنه أثبت ياء الدعاء في (صل)، وكذلك أثبت ألف (بن) قبل ابن ميمون مع أنه معلم الطلاب في الكُتّاب!

وسنة 135هـ تعتبر من الفترة الإسلامية المبكرة.

النقش الرابع: لصفوان مولى يحيى بن سليمان

وهو نقش أكثر إطراءً على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بالخط الكوفي أيضاً، وهو من القرن الثاني الهجري، من نقوش المدينة المنورة..

يقول النقش:

اللهم صل على

محمد النبي

عبدك ورسو

لك إمام المتقين و

سيد المسلمين ورسول

رب العلمين وكتب صفوان مولى يحيى (أو حي) بن سليمان.

 

صيغ الصلاة على النبي في النقوش

من خلال ما مر بنا في النقوش الصخرية التي وجدت في المدينة المنورة أو في مكة المكرمة أو في بعض المناطق الأخرى كجنوب المملكة أو شمالها، نجد ثلاث صيغ من صيغ الصلوات على النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- وهي:

– اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، وهي مدونات معظم النقوش

– صلى الله عليه وسلم، وهي الصلاة المتعارف عليها والأكثر شيوعاً في الكتب

– صلى الله عليه

– صلى الله على محمد

– أو ذكر الرسول باسمه مجرداً دون صلاة

ولم نجد ولا نقشاً واحداً من النقوش تعطف آله في الصلاة عليه، أو ما يسمى بالصلاة الإبراهيمية منذ القرن الأول وحتى في القرن الثالث الهجري، وهذا ينافي تماماً ما ورد في كتب الأحاديث وكتب التدوين الأخرى، مما يدل دلالة قاطعة على أنها صلاة مفتعلة مؤخراً بعد ظهور الإمامية الشيعية والتعصب السلالي الهاشمي لأهداف سياسية صرفة والبحث عن التفاف مجتمعي حول دعاة الإمامة لنصرتهم على بقية المسلمين، وبغية المكاسب الاجتماعية والاقتصادية.

وعليه فإن العودة إلى جمع هذه النقوش واستقاء المعلومات المختلفة منها لكتابة السير، أو النصوص الدينية، أو تفسير بعض الأحكام الشرعية، وكذلك اللغوية، وتكون محل مقارنة وتمحيص لكتب الحديث، وكتب السير، وغيرها من الكتب والأحداث.

وكثرة النقوش المدونة يثري هذه المجالات المختلفة لتصحيح كتب النقل الشفوي، وتدقيق الروايات المختلفة، بما ينفع الأمة الإسلامية ويزيل عنها غبش المصادرة والجهل والتسيد والعنصرية.

*لمحة من كتابي الهاشمية

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد