موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

من اللحاق بالركب إلى الريادة: الابتكار التكنولوجي يصبح مفتاح التنمية في الصين

* وانغ مو يي:

على رقعة الشطرنج العالمية للتنافس التكنولوجي، تتحول الصين بسرعة مذهلة من “اللاحق” إلى “صانع القواعد”. من روبوتات بوسطن ديناميكس عالية الحركة، إلى ثورة الذكاء الاصطناعي التوليدي التي أطلقتها شركة OpenAI، سيطرت الولايات المتحدة لفترة طويلة على الهيمنة التكنولوجية في العالم. ولكن الآن، مع الصعود السريع لشركات التكنولوجيا الصينية مثلDeepSeek وUnitree Robotics، يتم إعادة تشكيل خريطة الابتكار العالمية. مجموعة من الشركات الصينية التي تعمل في مجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة الجديدة وغيرها، بدأت تتنافس مع عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين في السوق العالمية، وتتفوق عليهم في بعض المجالات، وذلك بفضل الاختراقات التكنولوجية والقدرة على التسويق.

وفي نهاية يناير/ كانون الثاني هذا العام، تجاوز عدد تنزيلات تطبيق DeepSeek الصيني على متجر تطبيقات آبل عدد مرات تنزيل تطبيق ChatGPT الذي طورته OpenAI الأمريكية، وتصدر قائمة الأكثر تنزيلا في متاجر تطبيقات آبل وغوغل Play في أكثر من مائة دولة، كما تسبب في انخفاض حاد في أسعار أسهم العديد من شركات التكنولوجيا الأمريكية.

توجهت أنظار العالم إلى شركة DeepSeek الصينية الناشئة، حيث اكتسب نموذج الذكاء الاصطناعي الذي طورته الشركة بشكل مستقل “DeepSeek” شعبية كبيرة في جميع أنحاء العالم بفضل ميزاته الرئيسية الثلاث: “سهولة الاستخدام، ومفتوح المصدر، ومجاني”.

وقد تم تدريب النموذج الجديد باستخدام حوالي 2000 شريحة فقط بتكلفة أقل من 6 ملايين دولار. والأهم من ذلك، أن DeepSeek اتبعت استراتيجية مفتوحة المصدر، مما سمح للمطورين والباحثين والشركات حول العالم بالمشاركة في تحسين النموذج. أعادت DeepSeek تعريف قواعد صناعة الذكاء الاصطناعي من خلال نظامها البيئي المفتوح وتكلفتها المنخفضة للغاية، وغيرت المشهد العالمي للذكاء الاصطناعي، كما أظهرت روح الانفتاح الذي تتمتع به شركات التكنولوجيا الصينية.

وفي مجال الذكاء الاصطناعي، أظهرت نماذج الذكاء الاصطناعي مثل Qwen من شركة علي بابا، وERNIE Bot من شركة بايدو، وPanGu من شركة هواوي أداءً لامعًا أيضا، مما يبرز الإمكانات غير المحدودة للصين في هذا المجال.

أما في مجال الروبوتات، أطلقت شركة Unitree Robotics الصينية في مايو 2024 الروبوت البشري G1 بسعر 99 ألف يوان فقط (حوالي 13.6 ألف دولار)، مما جذب انتباه رأس المال العالمي بفضل سعره المنخفض للغاية وأدائه المميز. كما أطلقت الشركة الروبوت البشري H1 بسعر 150 ألف دولار، والذي ينافس مباشرة روبوت Tesla Optimus، ولكن بتكلفة تبلغ نصف تكلفة الأخير. وحققت Unitree Robotics أيضًا اختراقًا كبيرًا بتخفيض سعر الروبوت الرباعي الأرجل من مستوى الملايين إلى مستوى عشرات الآلاف من اليوانات، حيث تفوق روبوت Unitree Go2 الرباعي على روبوت Boston Dynamics Spot في اختبارات التضاريس القاسية.

وباعتمادها على مجموعة صناعة الكهروميكانيكيات في منطقة دلتا نهر اليانغتسي الصينية، وصلت نسبة التصنيع المحلي للمكونات الأساسية مثل المخفضات والمحركات في روبوتات Unitree إلى أكثر من 90%، مع انخفاض سنوي في تكلفة الإنتاج بنسبة 15%. وفي عام 2023، بلغت مبيعات الروبوت الرباعي الأرجل لشركة Unitree Robotics في سوق الروبوتات الرباعية العالمية حوالي 70%. مما يعكس التطور السريع والقدرة الابتكارية للصين في مجال الروبوتات و مدي قوتها التكنولوجية الابتكارية.

وبحلول نهاية عام 2024، وصل عدد شركات الروبوتات البشرية في الصين إلى ما يقرب من 100 شركة، حيث أعلنت أكثر من 30 شركة بدء الإنتاج التجاري هذا العام. وفقًا للمعلومات التي كشفت عنها في مؤتمر صناعة الروبوتات البشرية في الصين، بلغ حجم سوق الروبوتات البشرية في الصين في عام 2024 حوالي 2.76 مليار يوان.

بالإضافة إلى ذلك، حققت الصين ريادة عالمية في مجال التكنولوجيا الخضراء، خاصة في مجال السيارات الكهربائية. في عام 2024، حيث بلغ إنتاج الصين من السيارات الجديدة التي تعمل بالطاقة الجديدة 11.345 مليون مركبة، بزيادة قدرها 34.6% عن العام السابق، لتصبح أول دولة في العالم تتجاوز إنتاجها السنوي من السيارات الجديدة 10 ملايين مركبة، كما شهد حجم صادرات سيارات الطاقة الجديدة الصينية ارتفاعا باستمرار.

ويعود هذا الإنجاز إلى نظام سلسلة التوريد الكاملة، وتأثير مجموعة الصناعات القوية في الصين، والابتكارات التكنولوجية المتقدمة للصين في هذا المجال. على سبيل المثال، في مجال بطاريات الطاقة، تحتل شركات مثل CATL وBYD مكانة رائدة في السوق المحلية وتتصدر الحصص السوقية العالمية بفضل تقنيات البطاريات المتقدمة.

أما في مجالات أخرى، فبرزت شركات صينية مثل Game Science، مطورة اللعبة العالمية الشهيرة “الأسطورة السوداء: ووكونغ”، وBrainCo التي تتنافس مع شركة Neuralink التابعة لإيلون ماسك في مجال واجهات الدماغ والحاسوب القابلة للزرع (BCIs) ، وبالإضافة إلى شركات صينية حققت اختراقات خارقة في مجالات الدوائر المتكاملة والكمبيوتر الكمي والاتصالات. كل هذه الأمثلة تثبت أن التكنولوجيا والابتكار في الصين يشهدان صعودًا سريعًا في السنوات الأخيرة، حيث لم تعد الصين تابعة في مجال التكنولوجيا، بل أصبحت قائدة قوية في التكنولوجيا والابتكار.

وفي تقرير عمل الحكومة الصينية خلال “الدورتين السنويتين” هذا العام، ظهرت لأول مرة كلمات مثل “الذكاء الاصطناعي +”، و “الذكاء المتجسد”، و “6” G فيه، مما يسلط الضوء على التقدم الملحوظ للصين في مجال التكنولوجيا وتخطيطها المستقبلي.

مقارنة بالعام الماضي، زاد الاهتمام بتطوير الذكاء الاصطناعي في تقرير عمل الحكومة الصينية هذا العام، كما اقترح التقرير أن الصين ستسرٌع عملية التحول الرقمي في قطاع التصنيع وإذكاء الحيوية الابتكارية للاقتصاد الرقمي، وينبغي مواصلة دفع عملية “الذكاء الاصطناعي +” وبذل جهود أكبر في تطوير مركبات الطاقة الجديدة الذكية والمتصلة بالانترنت وهواتف وحواسيب الذكاء الاصطناعي والروبوتات الذكية وغيرها من الجيل الجديد من المنتجات النهائية الذكية ومعدات التصنيع الذكي. وقد سلطت الضوء على النقاط الرئيسية للتنمية المستقبلية للاقتصاد الصيني.

كثاني أكبر اقتصاد في العالم، تواصل الصين دفع عجلة الابتكار التكنولوجي، وتسعى جاهدة لتقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية، وتعزيز مكانتها الرائدة في المجال التكنولوجي العالمي.

* صحفية صينية

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد