33.6 C
الجمهورية اليمنية
10:34 صباحًا - 22 مايو, 2025
موقع اليمن الاتحادي
Image default
- أهم الأخبارعين الحقيقة

الوحدة اليمنية من منجزات الحقوق والحريات إلى جرائم الحوثي وانتهاك الإنسانية

من بين رماد الحروب ومرارة الشتات، نهض الحلم اليمني مشرقاً، يحمل راية الإنسان وحقوقه، ويشق طريقه بثبات في دروب الحرية، رغم العثرات والرياح المعاكسة.

كانت الوحدة اليمنية أكثر من حدثٍ سياسي، كانت مشروعاً وطنياً جامعاً، ارتبط منذ لحظته الأولى بقيم النور والانفتاح، وأشرعة المستقبل.

ليظل الثاني والعشرون من مايو 1990 يوماً استثنائياً في الذاكرة اليمنية، لا لأنه طوى صفحة التشطير فحسب، بل لأنه خطّ بمداد الأمل بدايةً لعصر جديد، كان الوطن فيه على موعد مع ذاته.

وحدة الجغرافيا والتاريخ

يوم الثاني والعشرون من مايو اليوم الذي تصافحت فيه الجغرافيا مع التاريخ، وتوحدت فيه الروح اليمنية بعد أن أنهكها الانقسام، لتلد من رحم المعاناة جمهورية فتية، آمنت بأن التعدد لا يناقض الوحدة، وأن الديمقراطية ليست ترفاً، بل ضرورة وجودية لضمان العدالة والكرامة والحرية.

منذ لحظتها الأولى، ارتبطت الوحدة بمشروع وطني شامل يقوم على أسس الديمقراطية والتعددية واحترام حقوق الإنسان.

وخلال الفترة من 1990 حتى 2014، حققت الجمهورية اليمنية إنجازاتٍ ملموسة في المجال الحقوقي والإنساني، وأسّست لمرحلة جديدة من الوعي المجتمعي، وسيادة القانون، والانفتاح السياسي والإعلامي.

من أبرز المحطات التي جسّدت هذا التحول العميق في مسار الدولة اليمنية بعد تحقيق الوحدة وقبل انقلاب مليشيات الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014 والذي جاء ليقوض كل تلك المكتسبات ويعيد البلاد إلى عصر الظلم والجهل والاضطهاد.

– إقرار التعددية السياسية والحزبية:

لأول مرة في تاريخ اليمن، تم الاعتراف دستورياً بحق تأسيس الأحزاب والمنظمات السياسية مما عزز حرية التعبير والانتماء السياسي.

وجرت أول انتخابات برلمانية تعددية عام 1993، وأول انتخابات رئاسية مباشرة عام 1999، ما شكّل تحولًا ديمقراطياً غير مسبوق.

– اعتماد دستور موحد يضمن الحقوق والحريات:

حيث نصّ دستور الجمهورية اليمنية على حرية الفكر والتعبير والتنقل والتجمع والمساواة أمام القانون ومشاركة المرأة مع التزامات واضحة بحماية حقوق الإنسان.

– توسيع مساحة حرية الصحافة والإعلام:

حيث شهدت اليمن بعد الوحدة طفرة غير مسبوقة في إصدار الصحف والمجلات الحزبية والمستقلة وظهور إعلام خاص.

وبحلول 2010 كان هناك أكثر من 100 وسيلة إعلامية، منها صحف وقنوات تلفزيونية خاصة ومواقع اخبارية مستقلة.

–  تحقيق المواطنة المتساوية:

حيث تم إزالة الفوارق الإدارية والقانونية بين أبناء الشطرين الشمالي والجنوبي وتوحيد البُنى القانونية والمؤسسية بما يضمن المساواة الكاملة في الحقوق والواجبات.

– تأسيس مؤسسات حقوقية ورقابية:

حيث تم إنشاء وزارة حقوق الإنسان عام (2003) وتداولتها اربع نساء كما تم انشاء اللجنة الوطنية للمرأة، والمجلس الأعلى للأمومة والطفولة، إلى جانب العشرات من منظمات المجتمع المدني العاملة في الحقوق والرصد.

– الانضمام إلى المعاهدات والمواثيق الدولية:

حيث صادقت اليمن على كثير من الاتفاقيات والمعاهدات المرتبطة بحقوق الانسان والتي تجاوز عددها 57 اتفاقية بدءاً من الاعتراف بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1990 ضمن الدستور اليمني وهي خطوة دستورية غير مسبوقة في معظم دساتير البلدان، ومروراً بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1987 والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1987 وانتهاء بالمصادقة على البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصرية ضد المرأة في ديسمبر 2004.

– الاهتمام بقضايا المرأة والطفل:

تم إقرار سياسات وطنية لدعم مشاركة المرأة في الحياة العامة، وتم تعيين أول وزيرة وهيبة فارع في عام 2001 كوزيرة دولة لحقوق الانسان، كما ضم أول برلمان بعد الوحدة 9 نساء تحت قبته التي تم دمجها بين ممثلي الشعب في شطري الوطن قبل الوحدة، وتولت عدد من النساء حقائب وزارية ومناصب قيادية كوكيلات وزارة وغيرها.

وشغلت نحو 100 امرأة منصب مدير عام في الجهاز الحكومي للدولة، ومايزيد عن 150 امرأة في السلك الدبلوماسي.

وارتفعت نسبة التحاق الفتيات بالتعليم الأساسي من 30% عام 1990 إلى أكثر من 65% بحلول 2010.

كما أطلقت برامج لمحاربة زواج القاصرات، وعمالة الأطفال، والتمييز ضد النساء.

– توحيد النظام القضائي وتعزيزه:

تم توحيد القضاء بين الشطرين، وإنشاء محاكم ونيابات في جميع المحافظات، وتحديث التشريعات لتنسجم مع الحقوق والحريات.

وتعززت الرقابة القضائية نسبياً على الأداء الأمني، وانخفضت معدلات الاعتقال خارج القانون في فترات متفرقة.

– تفعيل مؤسسات المجتمع المدني:

حيث ارتفع عدد منظمات المجتمع المدني من عشرات قبل الوحدة إلى أكثر من 3,000 منظمة بحلول 2014، وعمل كثير منها  في قضايا حقوق الإنسان والمساءلة والديمقراطية.

– التصدي لمظاهر الانتهاكات:

حيث أُطلقت حملات وطنية لمناهضة الثأر والحد من زواج القاصرات ومكافحة التمييز والعنف ضد النساء  وعمالة الاطفال وغيرها من القضايا الحقوقية المختلفة

وبعض هذه الحملات جاءت بالتعاون مع المنظمات الدولية، وبدعم حكومي جزئي، قبل أن تتعطل مع دخول البلاد في مرحلة الانقلاب.

– مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013–2014):

والذي مثل ذروة العمل الحقوقي والسياسي في البلاد، حيث ناقش قضايا المواطنة والعدالة الانتقالية والحقوق المدنية ومساواة المرأة.

وخلص إلى مخرجات تؤسس لدولة مدنية ديمقراطية عادلة، قبل أن يجهضها انقلاب جماعة الحوثي في سبتمبر 2014.

مليشيا الحوثي توجه طعنة في خاصرة الوحدة

 قامت الوحدة اليمنية تتويجاً لنضالات طويلة، لتنطلق نحو بناء دولة حديثة تحتكم للدستور والقانون، وتكفل الحقوق والحريات لجميع أبنائها.

لم تكن الوحدة اليمنية مجرد حدث سياسي عابر، بل كانت محطة تاريخية فارقة في مسيرة الشعب اليمني، نقلته من الانقسام والتشظي إلى رحاب وطن موحد، يسوده التعايش، ويحتكم فيه الجميع إلى دولة المواطنة والقانون.

لكن هذا الحلم الوطني الكبير لم يسلم من محاولات التآمر والانقضاض عليه، حتى جاءت ميليشيا الحوثي بانقلابها المشؤوم عام 2014، لتوجه طعنة غادرة في خاصرة الوطن، وتسعى لتقويض منجزات الوحدة، وتمزيق نسيجه الاجتماعي، وفرض واقع انفصال جديد بقوة السلاح والعنصرية والسلالية.

 جاءت الميليشيا لتعيد البلاد إلى مربع العنف والانقسام، محاولةً طمس الهوية اليمنية، ومحو مكتسبات الشعب التي تحققت في ظل دولة الوحدة، وفي مقدمتها الحرية، وحقوق الإنسان، والتعددية، والتعايش.

وعمدت إلى تقويض كل أواصر التوافق الوطني، وأعلنت الحرب على قيم الإخاء والتعدد، وشرعت في نقض المواثيق والاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وارتكبت أبشع الجرائم ضد الإنسانية من قتل وتهجير وتعذيب واختطاف، في محاولة لفرض واقع قسري يتنافى مع روح الوحدة، ويتعارض مع كل مكتسبات الشعب اليمني منذ إعادة توحيد البلاد في 1990.

غير أن هذا المنجز الوطني العظيم، الذي تحقق بإرادة شعبية جامعة، وجد نفسه في مواجهة مشروع طائفي وسلالي تقوده ميليشيا الحوثي، التي سعت منذ اللحظة الاولى للانقلاب على الدولة إلى تمزيق الوطن الموحد، وضرب نسيجه الاجتماعي، وتقسيم المواطنين على أسس طبقية ومناطقية ومذهبية بغيضة.

 ورغم محاولات ميليشيا الحوثي تمزيق الوطن، وبث بذور الكراهية والتفرقة، والانقلاب على القيم الإنسانية والدستورية، ستظل الوحدة راسخة في وجدان اليمنيين قاطبة، باعتبارها منجزاً لا يمكن التفريط به، وحقاً غير قابل للمساومة.

وتقع مسؤولية الحفاظ على هذا المنجز التاريخي  على عاتق كل القوى الوطنية، لاستعادة الدولة، ومواجهة مشاريع التشرذم والتقسيم، وبناء وطن يتسع لجميع أبنائه، قائم على العدالة، والمواطنة، وحقوق الإنسان، كما أراد له رواد الوحدة وصانعوها الأوائل.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد