29.1 C
الجمهورية اليمنية
8:19 مساءً - 24 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

لمن لا يعرفون أسرار اللايكات

د. رصين بن صالح

الشعوب معدومة التعليم قليلة الوعي – ومنها الشعبان اليمني والمصري – تجدهم أتباع كل ناعق: يحبون المداحين ولا يحبون المنتقدين.. يحبون المطبلين ولا يحبون من يشخص الأخطاء والعيوب مثلي ومثل غيري..
والدليل عدد المعجبين بصعلوك فاشل – تكفيري لا يفقه شيئا في السياسة – مثل عبدالله الشريف!
والمشكلة حين يكون المنتقد ضد (الكبار) مثلي: أنا مثلا – كما يعرف عني قرائي- لا أمدح أحدا:
1- أنتقد الشرعية 2- وأنتقد الحوثيين 3- وأنتقد العفافيش 4- وأنتقد الإخوانجية الإصلاحيين والرشاديين؛ ولذلك فإني منبوذ من هذه التيارات الأربعة.. وهذا معنى (الحرية والاستقلال والحياد والنزاهة) ليش؟
لأنني لا أستطيع أن أدعي شيئا من ذلك، إذا كنت أتقاضى مبلغا شهريا – من أي طرف – مقابل ما أكتب..
منذ سنوات، جربت مرة أن أكتب مقالا أمدح فيه مرسي والإخوان: بعد ساعة وجدت مئة لايك وعشرات التعليقات.. ولم أتفاجأ.. ولم أستغرب.. وفي اليوم التالي تضاعفت اللايكات والتعليقات: من يدخل صفحتي يظنها صفحة مروان الغفوري أو محمد جميح أو كمال البعداني..
حتى المصريون والسوريون والسودانيون والمغاربة.. دخلوا صفحتي وأمطروني بالمديح..
لماذا لم استغرب؟ لأنه يوجد – على الأقل – مليون إخوانجي (إصلاحي أو رشادي) يمني: في الداخل والخارج..
وذات مرة كتبت مقالا أمدح فيه عفاش ونظامه: بعد ساعة وجدت مئة لايك وعشرات التعليقات.. ولم أتفاجأ.. ولم أستغرب.. وفي اليوم التالي تضاعفت اللايكات والتعليقات!
لماذا لم استغرب؟ لأنه يوجد – على الأقل – خمسة ملايين عفاشي يمني: في الداخل والخارج..
وذات مرة كتبت مقالا أمدح فيه الحوثيين – طبعا قبل قطع المرتبات – بعد ساعة وجدت مئة لايك وعشرات التعليقات.. ولم أتفاجأ.. ولم أستغرب.. وفي اليوم التالي تضاعفت اللايكات والتعليقات!
لماذا لم استغرب؟ لأنه يوجد – على الأقل – نصف مليون حوثي يمني: في الداخل والخارج..
وذات مرة كتبت مقالا أمدح فيه هادي وحكومة بن دغر – طبعا قبل قطع المرتبات – بعد ساعة وجدت مئة لايك وعشرات التعليقات.. ولم أتفاجأ.. ولم أستغرب.. وفي اليوم التالي تضاعفت اللايكات والتعليقات!
لماذا لم استغرب؟ لأنه يوجد – على الأقل – خمسة ملايين شمالي وثلاثة ملايين جنوبي – في الداخل والخارج – يؤيدون هادي والشرعية.. ولا يريدون لا الإخوان الإصلاح والرشاد ـ ولا العفافيش، ولا الحوثيين..
وذات مرة كتبت مقالا أمدح فيه الزنداني، فتقاطر إلى صفحتي (الزنادنة) من جميع أنحاء الوطن العربي.. وبعد ساعة وجدت ثلاثمئة لايك ومئات التعليقات.. ولم أتفاجأ.. ولم أستغرب.. وفي اليوم التالي تضاعفت اللايكات والتعليقات!
ونفس الشيء حدث مرة لما مدحت الجنرال محسن، وأحمد علي.. تقاطر العشاق من كل مكان زرافات ووحدانا.. ووجدت في صفحتي ألف لايك لآول مرة منذ بدأت الكتابة في الفيس عام 2009!
وكان من ضمن التعليقات: باب التوبة مفتوح، ونحن نرحب ونتشرف بأمثالكم يا دكتور في صفوفنا.. أنا أعجبتني فكرة (التوبة) وكأن من ينتقدهم فهو (مذنب عاص لله ورسوله) ولا أدري لماذا لم يقولوا: الإسلام يجب ما قبله؛ حتى أدخل في قوله تعالى {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوَءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء17
لأن معدوم التعليم والوعي – فضلا أن يكون قليلهما – هذا رأسا يربط رأيه وموقفه السياسي بالدين: فمن كان معنا فهو مسلم، ومن كان ضدنا فهو كافر أو على الأقل منافق..
وهؤلاء لسان حالهم: وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان إخوانجيا أو عفاشيا أو حوثيا أو شرعيا أو وحدويا.. ثم بعدها تغلق أبواب الجنة.. وخصومنا يدخلون النار..
وأما الذين يعارضون الإخوان أو العفافيش أو الحوثيين أو شرعية هادي أو يجاهرون بأنهم (انفصاليون) ولا يريدون الوحدة.. فهؤلاء لا تتسع لهم الجنة: من وجهة نظر تلك الكائنات الغربية العجيبة..
خذوا مثلا الأخ كمال البعداني: ينتقد الجميع إلا ثلاثة أطراف:
1- الإخوانجية (الإصلاح والرشاد) 2- الجنرال محسن هذا نبي معصوم عنده..
3- حمران حاشد أو كما سماهم خالد الآنسي (الحماريش)
تخيلوا أنه انقلب عليهم.. وانتقد الإخوان ولو غلطة.. أو انتقد الحمران والحماريش.. ما الذي سيحدث؟
حتما ستصبح صفحته مثل صفحة الأخ رصين.. وسيقولون كمال البعداني ارتد وصبأ عن ديننا واتبع الدين الجديد (المؤتمر) إذن هو لم يعد منا.. إذن لا ترفعوا صفحته باللايكات والتعليقات.. أسقطوها أثابكم الله..

أنا – خلال أيام – أستطيع أن أحشد لصفحتي آلاف اللايكات لو أنني مدحت تيارا ما.. ولكن ماذا نمدح في سياسيين لم يستطيعوا أن يحلوا مشكلة مرتبات العلماء من (دكاترة الجامعات) وهم عشرة آلاف، فماذا نقول عن أكثر من نصف مليون موظف شمالي، منهم أكثر من مئة ألف مدرس؟
كيف يمكن لكاتب يحترم نفسه: أن يمدح حكومة لا تصرف مرتبات موظفيها، ويتحدث عن نجاحها ويكتب المقالات في امتداح الفاسد الفاشل السابق بن دغر، والفاسد الفاشل الحالي معين عبدالملك.. إلا إذا كان مأجورا وعديم البصر والبصيرة.. وقبل ذلك لا يخاف الله؟!
أعرف زملاء (دكاترة وكتابا) بدؤوا بكتابة مقالات (تافهة) في امتداح هادي وتوصيف عن حكمته (الإلهية) وصلعته البراقة، وكذلك بن دغر.. وأخيرا أثمر التطبيل نتيجة: لقد صدرت لهم قرارات جمهورية بوكيل أو وكيل مساعد وهذا يعني راتبا شهريا (خمسة آلاف دولار) إضافة إلى السكن الفخم وسائر الامتيازات..
والآن يتمدحون في حكمة معين عبدالملك رئيس الوزراء الفاسد الفاشل، الذين وضع اسمه ضمن النازحين في جامعة ذمار.. وأساتذته – فضلا عن زملائه – في جامعات ذمار وصنعاء وإب وعمران.. بلا مرتبات وأخيرا تعطف وتحنن قلبه العطوف الرقيق الكبير وبدأ يصرف لهم – منذ رمضان الفائت – نصف راتب.. بينما هو يتقاضى ثلاثين ألف دولار شهريا.. ونائبه يتقاضى خمسة وعشرين ألفا، والوزير يتقاضى عشرين ألف دولار.. وكاتب صعلوك بالثانوية – لا يستطيع أن يكتب جملة مفيدة – يعينونه وكيل وزارة الإعلام أو الأوقاف أو الثقافة أو وكيلا في محافظة.. براتب ستة آلاف دولار.. في حين كبار أساتذة اللغة والإعلام في جامعة صنعاء – فضلا عن غيرها – بنتظرون من معين عبدالملك نصف راتب شهريا.. البروفيسور يتقاضى مئة وخمسين ألفا = ثلاثمئة دولار..
والكاتب الصعلوك بالثانوية – فقط لأنه مطبل – يتقاضى ستة آلاف دولار = ثلاثة ملايين!
الآن السؤال: كم نسبة مرتب هذا إلى مرتب ذاك؟ الثلاثمئة من الستة آلاف كم؟
5% هل تصدقون هذا؟
في عهد هادي وبن دغر ومعين عبدالملك: بروفيسورات الجامعات يتقاضون
5% مما يتقاضه الصعلوك وكيل الوزارة بالثانوية..
ثم لا تنقص الوقاحة الحكومتين – في صنعاء وعدن – أن يحدثوك عن (حرص الحكومة على تطوير التعليم والتنمية) وجحر الحمار الداخلي والبقدش دافي..
تطوير ايش ودكاترة الجامعات بلا مرتبات؟ عن أي تطوير تتحدثون؟ هل تسمعون أنفسكم وصدى أكاذيبكم..
أم أنتم تضحكون على عقولنا وتستحمروننا فقط؟
بالله عليكم: اي كاتب (حمار) بعد هذا الفشل الذريع والفساد بلا حدود – يكون عنده ذرة من فهم ووعي ووطنية، ولن نقول خوف من الله – ويكتب مقالا يمدح فيه هؤلاء المسؤولين الفاسدين الفاشلين اللصوص السرق – الذين أهانوا العلم والعلماء وقدموا عليهما الصعاليك بالولاء، ولا شيء غير الولاء – في الحكومتين الملعونتين!
نفس شغل نظام عفاش لا رحمه الله..
وطبعا هؤلاء الصعاليك بالثانوية نصفهم – إن لم يكن أكثر – هم إخوانجية إصلاحيون ورشاديون.. لا تنسوا هذه الحقيقة..
وأما نحن فنختم بدعاء قرآني هو {رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً }الأحزاب68

* استاذ اللغويات واللغات السامية المساعد بجامعة صنعاء

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد