شهدت المعارك العنيفة التي تدور رحاها على التخوم الغربية والشمالية الشرقية لمحافظة مأرب في اليمن، تحولاً عسكرياً لصالح الجيش اليمني، الذي استطاعصد الهجوم ميليشيات الحوثي والانتقال من حالة الدفاع إلى الهجوم، ما مكنه من تحقيق مكاسب ميدانية في كل من صرواح التابعة لمحافظة مأرب، وعدد منمناطق محافظة الجوف، وفق صحيفة اندبندنت عربية.
واكدت الصحيفة ان الجيش الوطني استعاد مواقع خسرها، أخيراً، خلال معارك مع الحوثيين في منطقة الزور بمديرية صرواح غربي محافظة مأرب (شمالشرق)، ومواجهات أخرى جرت في منطقة مجزر بمحافظة الجوف، الأمر الذي عده مراقبون تحولاً استراتيجياً في سير المواجهات لصالح الجيش الذي باتالطرف المبادر إلى الهجوم.
وأفاد الجيش في بيان بأنه تمكن من تحقيق تقدم جديد على جبهة الجدافر شرق مدينة الحزم مركز محافظة الجوف، شمال شرقي اليمن. وذكر المركز الإعلاميللقوات المسلحة أن القوات النظامية شنت “هجوماً عكسياً من عدة محاور تمكنت خلالها من تحرير مساحات واسعة شمال رغوان وشمال الجدافر باتجاه جبالالأقشع بمحافظة الجوف“.
تصعيد غير مسبوق
وفي حصيلة تبين احتدام المعارك على نحو غير مسبوق، وتعكس الأهمية الاستراتيجية القصوى للمحافظة لدى الجانبين، قُتل نحو 50 شخصاً على الأقل منالحوثيين وقوات الحكومة الشرعية، في مواجهات شهدتها سلسلة جبال “البلق“، ووُصِفت بأنها “الأعنف” منذ بدء هجوم الميليشيات هذا الشهر.
لكن اعلام الجيش اكد ان أكثر من 350 حوثيا قتلوا خلال المعارك التي دارت في صرواح خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية.
وذكر مصدر عسكري أن “عشرات الحوثيين تسللوا مع ساعات الفجر الأولى إلى مواقع للأمن والمسلحين العشائريين من قبيلة آل فجيح عبيدة في جبال البلقالقبلي، وحدثت اشتباكات عنيفة استمرت ثماني ساعات، إلا أن القوات المشتركة التابعة للشرعية نجحت في صد الهجوم“.
وأفاد المصدر ذاته أن مقاتلات التحالف شنت سلسلة غارات جوية استهدفت مواقع الحوثيين بهدف صدهم عن إحراز أي تقدم عسكري في مناطق عدة منالمحافظة.
وشهدت الجهات الغربية في محافظة مأرب على مدى الأسابيع الماضية، تصعيداً كبيراً من جانب الحوثيين الذين زجوا بثقلهم في المركز الإداري الذي يبعد عنالعاصمة صنعاء 110 كيلومترات، وذلك للسيطرة على المنطقة ذات القيمة الاقتصادية الكبيرة، كونها تكتنز كميات كبيرة من النفط، بحسب تصريح القيادي فيالميليشيات محمد البخيتي.
وتحظى مأرب بأهمية كبرى بالنسبة للجانبين، اكتسبتها من جملة عوامل سياسية وعسكرية واقتصادية. فهي المحافظة الغنية بالنفط والغاز، كما تضم معظمالقوات العسكرية الموالية للحكومة الشرعية، ويقيم فيها العديد من المسؤولين الحكوميين، إضافة إلى مقر وزارة الدفاع ومركز القيادة والسيطرة ومناطق عسكريةتتفرع منها ألوية قتالية مختلفة، ومخازن الإمداد والتموين ومطار صافر الترابي الذي يستخدمه التحالف العربي لإمداد الجيش بحاجاته من المؤن والعتاد.
متغيرات عسكرية
ووفق المعطيات الميدانية، شهدت الأيام الماضية معارك عنيفة إثر هجوم حوثي واسع من مناطق عدة في محافظة “الجوف، وتحديداً من مناطق “الجدافر ورغوانومجزر” التابعة للمحافظة.
واستغلت الميليشيا التي تسيطر على العاصمة، عوامل عدة، منها العامل الجغرافي، حيث تمكنت من التنقل بسرعة مع انشغال الجيش على جبهتَي صرواحوهيلان، والعامل الاجتماعي حيث تشكل الجوف رافداً عسكرياً لعناصره.
ووصف المحلل العسكري عبد العزيز الهداشي، معارك الأيام الماضية بأنها “تحول في مسار المعركة من خلال انتقال الجيش الوطني من حالة الدفاع إلىالمبادرة بالهجوم“.
وأوضح الهداشي أن “محور الجوف شهد تحرير منطقة الجدافر، وبالتالي بات “معسكر لبنات“، أكبر المعسكرات الاستراتيجية في الجوف، على مرمى حجرمن قوات الجيش الوطني“.
وفي إشارة إلى الطبيعة الصحراوية المنبسطة التي تعرف بها هذه المنطقة، أشار الهداشي إلى أن “حروب الصحراء تعتمد على العربات والآليات الخفيفةوسرعة الحركة حيث يصعب على الطرف الآخر الاحتماء أو التخندق أو نصب الكمائن في مثل هذه الساحات، وهي العوامل التي يتفوق فيها الجيش بشكلكبير“.
في غضون ذلك، تبنى مجلس الأمن الدولي قراراً يجدد لمدة عام العقوبات المفروضة على شخصيات يمنية ويضيف اسم مدير البحث الجنائي في صنعاءسلطان زابن إلى القائمة. وأيد 14 عضواً القرار الذي تقدمت به بريطانيا في المجلس مع امتناع روسيا عن التصويت.
ويجدد القرار حتى فبراير (شباط) 2022، العقوبات المالية وحظر السفر المفروض على يمنيين. كما يمدد ولاية فريق الخبراء المكلف بمراقبتهم حتى مارس (آذار)2022. ويشدد القرار على “ضرورة خفض التصعيد في كل أنحاء اليمن ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد“، ويدين القتال في شمال مأرب وهجماتالحوثيين المستمرة ضد السعودية، داعياً إلى “وقف فوري للهجمات من دون شروط مسبقة“.
وقرر مجلس الأمن إضافة اسم سلطان زابن، مدير البحث الجنائي في صنعاء، إلى لائحة العقوبات لمشاركته “في أعمال تهدد السلم والأمن والاستقرار فياليمن“، مشيراً إلى أنه “لعب دوراً بارزاً في سياسة الترهيب واستخدام الاعتقال والتعذيب والعنف الجنسي والاغتصاب ضد النساء الناشطات سياسياً“.
جهد دولي لوقف الحرب
وتتزامن التطورات الميدانية غير المسبوقة في مأرب، مع تراجع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن عن قرار اتخذه سلفه دونالد ترمب، بتصنيف الميليشيات منظمةإرهابية خشية عرقلة إيصال المساعدات الدولة إلى ملايين السكان.
ولذلك، يسعى الحوثيون، وفق مراقبين، إلى السيطرة على مأرب قبل الدخول في أي محادثات سياسية مع الحكومة الشرعية، خصوصاً في ظل ضغوط إدارةبايدن للدفع باتجاه الحل السياسي وإنهاء الحرب. .