لم تكن الأزمة الكتالونية التي فرضتها نفسها الفترة الماضية على المشهد السياسي العالمي وليدة اليوم، بل يمكنا القول بأنها أزمة متجددة..
ووافق مواطنو كتالونيا في 25 أكتوبر 1979 في استفتاء شعبي على قانون الحكم الذاتي الجديد لإقليمهم، والذي اعترف باللغتين الإسبانية والكتالونية كلغتين رسميتين في الإقليم، وسمح للسلطات الإقليمية بتولي مسؤوليات المقاطعة، بعد أن ألغيت المؤسسات الكتالونية 1939 بعد حرب أهلية.
كما نظم مواطنو كتالونيا استفتاءا شعبيا أقروا خلاله قانونا جديدا للحكم الذاتي، في 18 يونيو 2006، يوسع من صلاحيات الحكم الذاتي في الإقليم، بعد مفاوضات مع رئيس الحكومة الإسبانية السابق خوسيه لويس ثاباتيرو، ومصادقة البرلمان الإسباني عليه.
وفي 2010 تظاهر آلاف من الكتالونيي في يونيو 2010، بعد أن ألغت المحكمة الدستورية جزءا من قانون الحكم الذاتي الجديد، كما أجري استفتاء في 9 نوفمبر 2014، وصوَّتت الأغلبية الساحقة منهم لصالح خيار الاستقلال عن إسبانيا، وفي 11 يونيو ألغت المحكمة الدستورية الإسبانية نتائج الاستفتاء على استقلال إقليم كتالونيا، وفي 9 سبتمبر أقر برلمان كتالونيا قانونا يحدد أسس الاستفتاء على استقلال الإقليم عن إسبانيا، المقرر أن يُجرى بالأول من أكتوبر، في تحدي لقرار الحكومة الإسبانية.
وشهدت السنوات الأخيرة ازدياد حركات المطالبة بالانفصال كما في جنوب السودان وإقليم كردستان بالعراق، وإقليم كاتالونيا بإسبانيا، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بركسيت).
وحول مصير الأزمة الكتالونية قال الدكتور أحمد فؤاد، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والأستاذ بجامعة الإسكندرية إن خطورة ما يجري في إسبانيا أنه يحدث في دولة أوروبية غربية عريقة ويأتي متزامنا مع انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ودخول الدب الروسي للمياه الدافئة، وهو الانفصال الذي كان يعد سلاحا ضد قوى مناوئة للغرب، انطلق قطاره في يوغسلافيا وتشيكوسلوفاكيا..لكنه هذه المرة مرشح لإنهاك دولة غربية كانت من أوائل من رسمت خرائط العالم وبسطت نفوذها على العالم الجديد والقديم واستعمرته.
وأضاف في تصريحات، أن هذه التحركات لا يمكن فصلها عن وصول ترامب للسلطة رغم أنف الإعلام وأصوات اليهود ورغم الاتهامات بصلاته هو وأسرته بروسيا.
وأكد أنه الدور الأمريكي غير بعيد في تعميق هذه الخلافات الداخلية (التي تعيد إسبانيا على الأقل 40 عاما إلى الوراء) أو منحها، فهناك من يرى أنه لابد من اضعاف اليورو لصالح الدولار، واليوان (العملة الصينية الصاعدة)، حتى ولو كان الثمن تفجير الاتحاد الأوروبي من الداخل كضرورة أمريكية في إطار معارك العملات الدولية.
واختتم تصريحاته قائلًا إنه من المنتظر في هذا الإطار وربما بشعارات الفوضى الخلاقة مجددا نرى انفصال أسبانيا، وايطاليا، و اليونان وعودتهم لعملاتهم القديمة، ويقتصر اليورو على التواجد في دول محدودة منها ألمانيا، وبلجيكا، وهولندا.
جدير بالذكر أن رئيس وزراء إسبانيا، ماريانو راخوي، أعلن أنه تم حل برلمان كتالونيا، على أن تعلن الانتخابات 21 ديسمبر المقبل.