بعد خمسة أشهر على تسلّمه منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى ليبيا، شدّد غسان سلامة على أن مستقبل هذا البلد يمرّ عبر مؤسساته، قائلاً في تصريحات صحفية الجمعة إن “الكلمة الرئيسة لنهجي هي المؤسسات”.
لكنه اعتبر في الوقت نفسه أنه “من الغباء الاعتقاد أنه يمكن في سنة أو سنتين أو ثلاث، أن تلتئم كل الجراح في البلاد”، مشددًا على أن “ذلك يتطلب من دون شك جيلاً بأكمله”.
ومنذ الإطاحة بنظام الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي في 2011، غرقت ليبيا التي تضم ستة ملايين نسمة في نزاعات بين مجموعات مسلحة، وسلطات سياسية متنافسة على السلطة.
وأضاف سلامة أنه “من الغباء أن نفكر أن تضميد كل جراح البلاد، ممكن في غضون عام أو عامين أو ثلاثة، لا بد من جيل دون شك”.
وتابع:”لكنّ التحدي ليس في تحقيق كل شيء الآن، بل في فتح الطريق الذي يجب أن تسلكه البلاد حتى تستطيع حقًا، أن تقوم بدمج المبادئ المؤسساتية في ثقافتها السياسية”.
وأفاد أن “مسألة المؤسسات تبدو أساسية بالنسبة لي، وإلا سيقتصر الأمر على منافسة بين أفراد يقولون إنهم يمثلون عشائر كبيرة، حتى يتبيّن لكم أنهم لا يمثلون شيئًا مهمًا”.
ومن خلال خطة عمله، يأمل المبعوث الأممي الخاص أن تبدأ في كانون الأول/ديسمبر المقبل، عملية إجراء تعداد للناخبين في ليبيا.
أما في شباط/فبراير المقبل، فسيتمثّل هدفه بتنظيم مؤتمر وطني يجمع الأطراف الليبية كافة حول مشروع مشترك لتنظيم انتخابات، بحسب ما قال “سلامة” الخميس أمام مجلس الأمن الدولي دون أن يعطي تاريخًا محددًا لذلك.
وأوضح أن “الأمر يتعلق بتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية وربما أيضًا بلدية”.
ولدى سؤاله عمّا إذا كانت الانتخابات التشريعية، والرئاسية والبلدية ستُنظم في الوقت نفسه، أجاب:”لم أقرر بعد، البلاد ليست جاهزة لأي انتخابات، حتى نستطيع تنظيم انتخابات، وهناك شروط تقنية وسياسية وأمنية، وهذه الشروط غير متوافرة اليوم”.
وبيّن “سلامة” وهو وزير لبناني سابق، أن “تنظيم استفتاء حول دستور جديد لليبيا، هو مشروع قيد الإعداد أيضَا”.
استبدال دون إضافة
ورأى سلامة أن “ما يثير القلق لدي هو تنظيم انتخابات واختيار برلمان ثالث، والأمر نفسه بالنسبة إلى الحكومات”، مضيفًا أنه “لا بد من الإدراك في ليبيا -والناس لا يعون مدى خطورة ذلك- أن الانتخابات تعني استبدال شخص بآخر وليس إضافة شخص إلى آخر”.
وأشار إلى أنه “خلال الانتخابات الأخيرة في 2014، لم يحصل تبادل بل تراكم، والبرلمان الذي انتخب لم يحل محلّ البرلمان السابق بل أُضيف إليه”.
ولفت إلى أنه “في ليبيا ما تزال هناك حكومتان من فترة ما قبل اتفاق الصخيرات في 2015 ، والحكومة التي تشكلت بموجب الاتفاق”، مضيفًا:”لا أريد حكومة رابعة”.
ومن أجل إجراء الانتخابات، فإن الشرط السياسي الأساسي هو الحصول على التزام من الجهات الرئيسة، بأن كل الذين سيتم انتخابهم سيحلّون محل المسؤولين الحاليين ولن تتم إضافتهم إليهم”.
وأردف سلامة أن “ليبيا بلد لم يدخل مفهوم المؤسسات بعد في ثقافته السياسية، إذ لم يكن هناك مؤسسات كثيرة خلال عهد القذافي فهو لم يكن يريد ذلك، وسلطته كانت تقوم على التفكيك الشامل للمؤسسات، وسنوات الفوضى التي تلت لم تساعد في ترسيخ الفكرة”.
وذكر أن “دور الأمم المتحدة ليس البقاء لفترة طويلة في مثل هذا النوع من الدول، لذلك علينا توحيد المؤسسات المنقسمة وتحرير المؤسسات الخاضعة لمسؤول أو مجموعة، والتي لا تعمل لما فيه المصلحة العامة، وتفعيل المؤسسات التي لا يستخدمها أحد”.
ولدى سؤال “سلامة” حول الوضع الإنساني والمهاجرين الذين يتم الإتجار بهم أحيانًا، ردّ بالقول إن “الحكومة الليبية ليس لديها جيش أو شرطة، والأمر لا يتعلق بنية سيئة بل أحيانًا بالعجز” مشيرًا إلى أن الحكومة “تفتقد إلى الأدوات من أجل ممارسة السلطة”.