أكد وزير السياحة اليمني د. محمد عبدالمجيد قباطي، أن الحوثيين حفروا قبرهم بأيديهم عقب اغتيال الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وأن المشهد الآن قد صار أقل تعقيدًا، بما يمهد باحتمالية أن يكون العام 2018 هو عام استعادة الدولة.
وتحدث الوزير اليمني في حوار مع «البيان» عن فرص إنعاش السياحة في اليمن رغم ظروف الحرب، مراهناً على تنمية قطاع السياحة في جزيرة سقطرى ومناطق يمنية أخرى، لافتاً إلى ان ميليشيا الحوثي الإيرانية متورطة بشكل مباشر في نهب التراث الإنساني في اليمن.
واستعرض الوزير استراتيجية وزارته في التغلب على العقبات التي تواجه القطاع السياحي في اليمن في ضوء ما لحق به من ضرر بالغ جراء الحرب وممارسات الحوثيين.. وإلى تفاصيل الحوار:
كيف تأثر قطاع السياحة في اليمن جراء الحرب؟ وكيف نالت منه جرائم وانتهاكات الحوثيين؟
في السابق كان هناك نوع من التناقض بين فكرة تشجيع وتطوير السياحة في اليمن وفكرة أن النظام يُضخم من موضوع وجود الإرهاب. ومن هذا المنطلق السياحة كقطاع اقتصادي هام ظل مهمشًا لفترة طويلة.
الأمور تضاعفت أكثر مع انقلاب الحوثي ونتيجة التدمير الذي حصل للبنية التحتية بشكل كبير. مدينة مثل عدن بها أكثر من 80 فندقًا بشارع واحد تم تحطيمها وتدميرها بالكامل أثناء اجتياح الحوثي لها؛ ما أضر بالقطاع السياحي وقطاع الفندقة بالأساس.
كما أن المنشآت الكبيرة للسياحة في اليمن بشكل عام حاول النظام السابق أن يبيعها بصورة فيها نوع من التحايل الكبير وشكل من أشكال الفساد، وبالتالي تنتصب أمامنا مهمة لاستعادة مثل هذه الفنادق الكبيرة والمنتجعات التي بيعت أحيانًا بثمن بخس وبصورة فيها كثير من التحايل على ممتلكات الدولة ومقدراتها.
تشجيع السياحة وما طبيعة الدور الذي تقوم به وزارتكم في الوقت الراهن؟
نعمل على تنشيط السياحة في المناطق الخارجة عن نطاق الحرب وخارج التضرر الذي حدث لكثير من المحافظات اليمنية في المناطق المحررة. النشاط الآن يتجه لتشجيع السياحة إلى جزيرة سقطرى التي هي من أكبر الجزر العربية على الإطلاق وبها قدرة على الجذب السياحي.
ونحاول أيضًا إعادة السياحية إلى محافظة حضرموت وهي المحافظة التاريخية التي فيها ما يسمى «مانهاتن الصحراء» ووجود منازل في قلب الصحراء تتعدى عشرة طوابق مبنية من الطين عمرت الآن أكثر من 500 عام. وأيضًا تشجيع السياحة إلى محافظة المهرة حيث توجد هناك مديرية حوف التي تعتبر من أجمل المديريات الموجودة، وتكاد تشبه في جوها وطقسها المناطق الاستوائية في إفريقيا.
هناك منطقة أخرى هي من المناطق المحررة وهي مأرب، وهي رمز الحضارة اليمنية الأولى، وللأسف تم تدمير الكثير منها من قبل الحوثي من منطلق عدم اعترافهم أو وعيهم بأهمية الحضارة والتاريخ، ومن جهة أخرى لاستغلالها في الكثير من عمليات الفساد التي تمت من خلال بيع هذه المقتنيات والآثار والمخطوطات وتهريبها للخارج.
ألا يبدو غريبًا الحديث عن مسألة «السياحة في اليمن» وتشجيعها في ظل ظروف الحرب الراهنة؟
بالتأكيد. لكن 80% من الأراضي اليمنية تم تحريرها، ليس ذلك فقط ولكن مثلًا نأخذ على سبيل المثال جزيرة سقطرى التي أشرت إليها، فهي تزيد عن أربعة آلاف كيلومتر مربع، وإذا ما قارناها بجزر شبيهة في المحيط الهندي مثل جزر سيشل التي لا تبلغ حتى خمس مساحة سقطرى أو جزيرة موريشيوس.
فالجزيرتان تستقبلان ما يزيد عن المليون سائح ومستوى دخل الفرد فيهما يزيد عن 20 ألف دولار، فلماذا نهمل سقطرى وهي تتمتع بقدرة على جذب السياحة أكثر من الجزيرتين على سبيل المثال؟ كما أن سقطرى تبعد عن البر اليمني بأكثر 350 كم2 وبالتالي هي جزيرة آمنة بعيدة عن مناطق النزاع في اليمن.
ما هي تكلفة إعادة ترميم المناطق السياحية بعد الخراب جراء ممارسات الحوثيين؟
ما تحطم خلال الحرب هو شيء كبير جدًا. نتحدث عما يزيد عن 30 مليار دولار لإعادة البنية التحتية في اليمن بالكامل. أما جزيرة سقطرى فلم تصلها الحرب بالكامل وإنما تحتاج إلى الكثير من الأموال.
نحن الآن على وشك التوقيع على بروتوكولات مع الكثير من الممولين الدوليين الذين يستطيعون أن يساهموا في إيجاد المطلوب لإعادة بناء البنية التحتية في سقطرى خاصة ومستقبلًا في اليمن كله لبناء الفنادق والمنتجعات وتعزيز القدرة الاستيعابية لمطار سقطرى.
بشكل طفيف هناك سياح يزورون هذه المناطق، لكنَّ التحدي الكبير كان في جزيرة سقطرى وإمكانية ربطها بشكل مباشر بالخارج. ونحن نواجه هذا التحدي وإن شاء الله نستطيع أن نتجاوزه قريبًا.
ما بعد الاغتيال وفي ما يرتبط بالتطورات التي يشهدها اليمن، كيف ترى سيناريوهات ما بعد اغتيال علي عبدالله صالح؟
أظن أن الحوثيين حفروا قبرهم بأيديهم من خلال تلك الطريقة الدنيئة والخسيسة في قتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح. المشهد الآن أصبح أقل تعقيدًا وهناك طرفان متواجهان. نشهد الآن على مدى الأيام الماضية انطلاقة قوات الشرعية على الساحل الغربي.
والمعركة حول صنعاء ربما إلى حد كبير كانت مقلقة لكن مع تنامي الانتفاضة والشعور بالظلم الكبير الذي تعيشه العاصمة نتوقع أن يحدث نوع من التزامن ما بين الانتفاضة ودخول قوات الشرعية بدعم قوات التحالف؛ لاستعادة العاصمة.
وهل بذلك أغلق الباب في وجه المسار السياسي؟
بالعكس، الضغط العسكري لمحاولة إفهام الحوثيين ومن ورائهم إيران بمصيرهم ما لم يأخذوا في الاعتبار طبيعة التوافقات التي كنا قد توصلنا إليها وهذه التوافقات كلنا وقعنا عليها. نحن جاهزون لتسوية سياسية قائمة على هذه المرجعيات الثلاث، ونتعشم أن يدرك هذا الطرف المسنود من إيران أن مصيره هو الهزيمة، بالتالي يعود إلى طاولة التسوية السياسية التي هي بعكس ليبيا وبعكس سوريا قد اتضحت ملامحها بشكل كبير.
وكيف يؤثر تعنت الحوثي على المسار السياسي؟
كحكومة شرعية نحاول إلى حد كبير أن نتجنب إراقة الدماء والمزيد من الحروب. واضح أن من يُسير الأمور في صنعاء ومن يوجه الأمور هم أطراف مرتبطون بشكل كامل بإيران. ليس بعيدًا عن الحق القول إن الخبراء الإيرانيين وخبراء حزب الله هم الذين يديرون المشهد في اليمن، وبالتالي هؤلاء إلى حد كبير مرتبطون بما تتخذه طهران من قرارات.
بينما نستقبل العام 2018، هل تعتقد –في ضوء المعطيات الراهنة – بأنه قد يحمل بشائر الخير لليمنيين؟
أتعشم بأن 2018 سيكون عام استعادة الدولة، وبالتالي الانطلاق نحو إعادة الإعمار والتنمية في اليمن. ونتوقع ما كانت كتبته مجلة إيكونوميست البريطانية حول ذلك الأمر عندما توقعت مطلع 2017 أن اليمن سيكون صاحب أعلى معدل نمو اقتصادي في العالم حال توقفت الحرب. نتمنى أن يكون العام 2018 هو ما ستؤول إليه تلك التوقعات.
دور قيادي للإمارات في إعادة الإعمار
أشاد وزير السياحة اليمني د. محمد عبد المجيد قباطي، بتضحيات الإمارات في سبيل تحرير اليمن من الاحتلال الحوثي الإيراني. وقال في حوار مع «البيان»: «أشقاؤنا في الإمارات كان لهم دور أساسي وبارز في إطار سير قوات التحالف بجانب قيادة المملكة العربية السعودية لهذا التحالف.
دورهم كان إنسانياً واضحاً وأخوياً في تحرير عدن؛ فقد تحملوا العبء معنا وساهموا إلى حد كبير في إعادة الحياة الطبيعية لعدن والمناطق المختلفة التي تواجدت فيها القوات الإماراتية».
وأضاف وزير السياحة اليمني: «الإماراتيون وقفوا إلى جانبنا وضحّوا بدمائهم ونشعر بأن ذلك دين علينا. ونتعشم أن يكون أيضا دورهم في المرحلة المقبلة مرحلة إعادة الإعمار والتنمية، وسيظهر ذلك الدور من خلال ما نراه من وجود خطة شاملة لإعادة البناء في اليمن، ونتعشم أن تلعب الشركات العربية دوراً في ملف إعادة الإعمار في اليمن».
ورداً على سؤال عن كيفية تأثير موقف الدول العربية الداعية لمكافحة الإرهاب ضد قطر على الملف اليمني، قال قباطي: «انكشاف الدور القطري إلى حد كبير أفادنا في اليمن. كان هناك الكثير من التخوف من أن بعض الضربات التي تمت على قوات التحالف تم التشكيك بأنها ربما تكون بفعل فاعل فعلاً. بحكم قطر وموقفها الذي تحاول أن تتموضع فيه الآن بشكل واضح إلى جانب إيران».