يعيش سكان قرية تبيشعة خارج الديار منذ خمسة أشهر وأكثر بعدما أجبرتهم مليشيا صالح والحوثي على مغارة منازلهم قسرا في 20 فبراير من السنة الجارية.
وكانت المليشيا حينها دمرت كليا ما يقارب من عشرة منازل وتضررت منازل اخرى جراء القصف المدفعي والصاروخي علاوة على الاختطافات والتعذيب الذي طال عددا من شباب القرية.
تقع القرية جنوبي غرب تعز, وهي آخر منطقة تسيطر عليها المليشيا في جبهة الضباب بمحاذاة جبل المنعم, وقدر لأبناء قرية تبيشعة الألم والمعاناة في هذه الحرب التي ألقت بثقلها عليهم, وكوتهم نيران القصف وجرعتهم مرارة الحصار, ولا تزال تذيقهم ألم النزوح والتشرد.
يواجه النازحون من ابناء تبيشعة مصيرا لا يقل سوءا عن البقاء في بيوتهم بعد ان أصبحت عرضة لقذائف الحوثيين, حيث يعيشون أوضاع إنسانية صعبه ويتجرعون مرارة العيش, وقسوة النزوح, في ظل عدم وصول المساعدات الإنسانية إليهم بشكل دوري , فكل المنظمات والجمعيات الإنسانية التي تفاعلت مع قضيتهم تبخرت مع مرور الوقت, واقتصر الدور على بعض المنظمات وفاعلي الخير التي تعطي اليسير لا يفي باحتياجات ومتطلبات عدد الأسر النازحة.
غادرت القرية قسرا نحو 250 أسرة اي نا يقارب من 1500 مدنيا, استقرت في مدرسة اليرموك بحي الدحي في مدينة تعز التي فتحت أبوابها لإيوائهم, ولكن مع إرتفاع عدد الأسر النازحة التي توافدت من بلاد الوافي بجبل حبشي من قرى (العنيين – قرية قشيبه – قرية دمه – قرية سيعه – ومنطقة وهر ) تضاعف العدد إلى 447 أسرة , الأمر الذي جعل كثير من الاسر تبحث لها عن أماكن بديلة لأن مركز الإيواء لا يستوعب كل هذه الأعداد من الأسر في ظل صعوبة واجهها القائمين على المركز في توفير الاحتياجات الأساسية لهم.
توزعت الأسر في مناطق عقاقة وحي بير باشا والحبيل وغيرها من المناطق, أغلبها تعيش في دكاكين صغيرة لأن أرباب الأسر لا يقدرون على استئجار بيوت وشقق فأغلبهم مزارعين وعمال كانوا يعتمدون في معيشتهم على الأرض كمصدر أساسي للدخل.
تواجه أغلب الأسر ظروف إنسانية ومعيشية صعبه, فهي بحاجه ماسة لتوفير لها الغذاء والماء والدواء على أقل تقدير, لتخفف عنها صراعها مرارة الأيام وقسوة النزوح خارج الديار والأرض, رغم أن أغلب المنازل قد دمرت وحولتها مليشيات الموت إلى ركام.
تقول أم أحمد إحدى سكان قرية تبيشعة التقيناها في سوق بير باشا وهي تبحث عن ما يجود به أهل الخير لتوفر لبناتها ما يسد رمق جوعهن: ” احنا من تبيشعة وما في معانا أحد إلا الله.. زوجي توفي من زمان ومعي بنات ولا معانا دخل من أي مكان, نزحنا إلى مدرسة اليرموك والآن مستأجر دكان بحبيل سلمان لي وبناتي وأخرج ادور ما قسم الله ”
واردفت بحرقة ” كنا عائشين ومرتاحين في بيوتنا ولا نمد أيادينا لأحد, الآن شوف كيف حالتنا وكيف اتبهذلنا وحنا عزيزين “.
هذا هو الحال التي آلت اليه بعض الاسر النازحة في محافظة تعز، والذي يوضح بجلاء وضع النازحين بشكل عام في كل مناطق البلاد عامة وتعز خصوصا بسبب الحصار المفروض عليها من قبل المليشيا وتجاهل الجهات المعنية بالإغاثة.
الحاج محمد : يسكن مع أولاده في دكان صغير بحي الدحي لا يكفي لكل أفراد الأسرة فيضطر أن ينام أمام الدكان, قال خلال حديثه لـ “سبتمبر نت” “نسكن بهذا الدكان وبالصميل “بصعوبة بالغة” نقدر نوفر حق الإيجار, كنا نزرع أرضنا ونأكل وما نحتاجه, لكن لما شردوا بنا من بيوتنا وطردونا من أرضنا اتبهذلنا, وجالسين منتظرين فرج الله وان شاء الله تفرج ونرجع القرية ونعز أهلنا “.
أحد السكان الذين دمرت منازلهم التقيناه في السوق فقال : ” كل همنا الآن كيف نوفر لأسرنا الأكل والشرب حتى يفرجها الله”
وأضاف رافضا ذكر اسمه “بيوتنا دمرت أين نروح أين نرجع الله ينتقم من الحوثيين “.
كثيرة هي قصص ومأسي النازحين بتعز بشكل عام الذين يواجهون معيشة صعبة في ظل إستمرار الحرب, وغياب الاهتمام, سيما مع انتشار وباء الكوليرا القاتل وكثير من الأوبئة والأمراض في أوساط النازحين.. الأمر الذي يتطلب تظافر الجهود من الجهات المسؤولة والمنظمات الإنسانية والإغاثية القيام بواجبها تجاه النازحين والتخفيف من معاناتهم.
أخبار ذات صلة
انقر للتعليق
جار التحميل....