قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن قوات الحوثي وصالح شنت هجمات مدفعية متكررة وعشوائية على أحياء سكنية في تعز، ثالث أكبر مدينة في اليمن، في انتهاك لقوانين الحرب، خلال فترة 10 أيام في مايو/أيار 2017.
وأدى قصف قوات الحوثي المسلحة والقوات الموالية للرئيس السابق على عبد الله صالح على المدينة إلى وفاة 30 مدنيا على الأقل، وجرح أكثر من 160 آخرين، وفق أطباء في مستشفيين محليين.
كما شنت القوات التابعة لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي قصفا مدفعيا على ما يبدو على مناطق سكنية خارج المدينة.
ووثقت هيومن رايتس ووتش 7 هجمات بين 21 و23 مايو/أيار تسببت في مقتل 12 مدنيا على الأقل، بينهم 4 أطفال، وأصابت 29 آخرين، بينهم 10 أطفال.
شنت قوات الحوثي صالح 6 هجمات مدفعية على ما يبدو على مدينة تعز الخاضعة لسيطرة القوات التابعة للحكومة اليمنية في 22 مايو/أيار، وقصفت القوات التابعة للحكومة على ما يبدو منطقة الحوبان، الخاضعة لقوات الحوثي – صالح، شمال شرق تعز، فقتلت 3 مدنيين، بينهم طفلان، وأصابت 2 آخرَيْن.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “القصف الذي تنفذه قوات الحوثي – صالح على المناطق المأهولة يتسبب في خسائر هائلة بين المدنيين”.
في مايو/أيار ويونيو/حزيران، قابلت هيومن رايتس ووتش 14 شاهدا على هجمات مايو/أيار، بالإضافة إلى ناشطين محليين وموظفين في مجال الصحة.
خلال السنتين الماضيتين، أطلقت قوات الحوثي – صالح، بشكل متكرر وعشوائي، قذائف هاون وصواريخ من أماكن مرتفعة في منطقة الحوبان، شمال شرق تعز، على مناطق كثيفة السكان.
سيطرت القوات التابعة للحكومة اليمنية على مًعظم مدينة تعز منذ مارس/آذار 2016. أفاد مراقبون محليون، أحدهم من منطقة الحوبان، بوقوع عديد الهجمات العشوائية على المدينة من قبل قوات الحوثي – صالح، وهجمات متقطعة من قبل القوات التابعة للحكومة، مثل قصف 22 مايو/أيار، على منطقة الحوبان. ذكرت منظمة “مواطنة”، مجموعة حقوقية بارزة في اليمن، أن قوات الحوثي – صالح مسؤولة عن عشرات الهجمات العشوائية التي وثقتها في تعز بين أبريل/نيسان 2015 ومارس/آذار 2016.
أعدّ فارس العبيدي، ناشط محلي، لائحة بضحايا هجمات الأيام الثلاثة في مايو/أيار لما كان القصف شديدا، بعد تحدثه مع شهود وناجين، بالإضافة إلى مراجعة سجلات مستشفيات تعز الثلاثة.
ضمت اللائحة التي شاركها مع هيومن رايتس ووتش، أسماء 54 مدنيا وأعمارهم وتواريخ إصابتهم. يوجد 3 أطفال وامرأتين من بين القتلى الـ 14.
قال الدكتور أحمد الدميني، المدير التقني في مستشفى الثورة، المستشفى الرئيسي في مدينة تعز، إن المستشفى استقبل بين 20 و26 مايو/أيار 58 مدنيا مصابين إصابات حرب، من بينهم 20 طفلا، بالإضافة إلى 3 أشخاص توفوا قبل وصولهم، من بينهم طفل.
وقال إن أغلبية الإصابات كانت جراء القصف. قال الدكتور وليد الوتيري، رئيس المختبر في مستشفى الصفوة، إن مستشفيات الصفوة والثورة والروضة استقبلت جثامين 31 شخصا، من بينهم 6 أطفال، بالإضافة إلى 167 جريحا، من بينهم 60 طفلا، على مدى 10 أيام.
تجدد القصف بعد أن أجبرت قوات تابعة للحكومة قوات الحوثي – صالح على التراجع من عدة مواقع شرق المدينة، وفق ماهر العبسي، ناشط محلي.
قال العبسي إن المناطق التي قُصِفت في 21 مايو/أيار تبعد حوالي 800 متر عن الخطوط الامامية، بينما المناطق التي قُصِفت في 22 و23 مايو/أيار كانت في وسط المدينة، “في مناطق مدنية مكتظة”، بعيدة عن الخطوط الأمامية.
وقال شهود على الهجمات الست على تعز التي وثقتها هيومن رايتس ووتش إن القوات المتحالفة مع الحكومة لم تكن متواجدة في هذه الأحياء وقت وقوع الهجمات.
ووصف الدكتور الدميني، من مستشفى الثورة، ما حصل مع ملك قايد، فتاة في الثامنة من العمر فقدت ذراعها جراء الهجوم يوم 23 مايو/أيار:
“أسوأ مشهد رأيته كان للطفلة ملك. شعرت في البدء بأنني عاجز ومقهور لأنه لا يوجد سوى جراح واحد في غرفة العمليات، وكان مشغولا بحالات أخرى. لكنه في آخر الأمر، أنهى عمله وأجرى لها العملية. شعرت بالأسف على الفتاة. كيف ستعيش بذراع واحدة؟ هل ستتأقلم مع الأولاد الآخرين بينما ستحمل طوال حياتها أثار الحرب؟”.
وثقت هيومن رايتس ووتش سابقا قصف قوات الحوثي – صالح العشوائي في تعز.
في يونيو/حزيران 2016، أدى القصف إلى وفاة 18 مدنيا على الأقل وجرح 688 آخرين خلال 3 أيام. وفق الأمم المتحدة، استهدف القصف أسواقا مكتظة بينما كان السكان يتبضعون لشهر رمضان.
في أغسطس / آب 2015، قُتل 14 مدنيا، بينهم 5 نساء و5 أطفال، إثر 3 هجمات شنتها قوات الحوثي – صالح على تعز. في فبراير/شباط 2017، أعطى ناشطون في تعز هيومن رايتس ووتش لائحة بعشرات الهجمات على تعز منذ مارس/آذار 2015 أدت إلى وقوع خسائر كبيرة بين المدنيين.
تحظر قوانين الحرب، المنطبقة على الصراع المسلح في اليمن، الهجمات العشوائية التي تطال أهدافا عسكرية ومدنية أو المدنيين دون تمييز، وتشمل الهجمات غير الموجهة نحو هدف عسكري محدد أو تلك التي تستخدم أسلحة لا يمكن توجيهها نحو هدف عسكري محدد، مثل الصواريخ غير الموجهة.
كما تنص قوانين الحرب على أن يختار القادة وسيلة هجوم يمكن توجيهها نحو أهداف عسكرية، مع تقليص الأذى العرضي الذي يُمكن أن يلحق بالمدنيين. الأسلحة غير الدقيقة التي لا يمكن توجيهها نحو أهداف عسكرية دون تعريض المدنيين للخطر لا يجب أن تستعمل في المناطق المأهولة بالسكان. كما على القوات تفادي تحديد أهداف عسكرية قرب مناطق مكتظة بالسكان، والسعي إلى إزالة المدنيين من المناطق القريبة من الأهداف العسكرية.
قالت ويتسن: “على قادة قوات الحوثي – صالح أن يدركوا أنهم قد يواجهون تُهما بارتكاب جرائم حرب لأنهم أمروا بشن هجمات عشوائية على أحياء سكنية في تعز. على جميع الأطراف التقيد بقوانين الحرب لتقليص الضرر اللاحق بالمدنيين الذين يواجهون القتال منذ أكثر من عامين”.
21 مايو/أيار
يوم 21 مايو/أيار 2017، حوالي الساعة 5 مساء، أصابت قذيفة منطقة الحميرة بمديرية صالة، حي سكني على بعد حوالي 200 متر من الخطوط الأمامية، فقتلت امرأة وابنها وأصابت 4 آخرين، بينهم ابنة المرأة.
قال عبد الرحمن النقيب (28 عاما)، لـ هيومن رايتس ووتش إنه وصديقه سمعا انفجارا مدويا وشاهدا ذخائر تسقط قرب حاجز أمني، مما أدى إلى إصابة عنصر أمن محلي. كما أصابت الشظايا شاحنة صغيرة بها سائق، وامرأة وطفليها. قال النقيب:
سمعنا شخصا يستغيث بعد الانفجار. ذهب 4 أو 5 منا للمساعدة … لم أتعرف عليهم في البداية، كان السائق مصابا. وعندما وصلنا إلى المستشفى، قالوا لنا إن المرأة ماتت، نظرت إلى ابنها، خلتُ وجهه مألوفا لي. صدمت حين عرفت أنها أخت زوجتي وهذان طفلاها. كانوا قادمين لزيارتنا.
توفيت إيمان السفياني (37 عاما)، التي ترملت مؤخرا، وابنها مهند (13 عاما) في الهجوم، وأصيبت ابنتها شهد (8 أعوام). قال ناشط محلى إن 3 رجال آخرين، أحدهم يعمل في نقطة التفتيش، وسائق، أصيبوا فى الهجوم.
أدى هجومان آخران في ذلك اليوم، أحدهما قرب مدرسة والآخر قرب مسجد، إلى مقتل 5 مدنيين، بينهم طفل. كما أصيب 3 آخرون بجروح، بينهم طفلان، وفقا لما ذكره الناشط المحلي العبيدي.
22 مايو/أيار
في 22 مايو/أيار، حوالي الساعة 1:30 بعد الظهر، سقطت ذخائر بالقرب من الباب الكبير، في حي القاهرة بتعز، وهي منطقة مزدحمة يتجمع فيها الناس بانتظام للتسوق في السوق القريب. طبقا لقائمة ضحايا العبيدي، أسفر الهجوم عن مقتل مدني وجرح 10 آخرين، بينهم طفل.
كان حمود الشرعبي (20 عاما) يشتري الخضراوات في السوق بالقرب من الباب الكبير عندما سقطت القذيفة. قال:
سقطت أول قذيفة على مقربة مني. تساقط الناس. أصيب بعضهم بجراح… كنت أفكر في إنقاذ رجل قريب مني، لكني لم أعرف ماذا أفعل… ثم وجدت نفسي على الأرض، فقدت الوعي.
قال والد الشرعبي إنه سمع انفجارا يليه إطلاق مدافع خفيفة: “لقد شعرنا بالخوف، فشرع الناس يهربون. جاء شخص وقال لنا إنه رأى شخصا على دراجة نارية ينقذ ابني. شعرت بالخوف على ابني”.
أجرى الأطباء عمليتين جراحيتين للشرعبي وأزالوا طلقة مدفعية خفيفة من جسده. أطلع هيومن رايتس ووتش على الطلقة التي تم استخراجها.
أضاف العبيدي أن هجوما آخر في ذات اليوم على حي العسكري جرح 3 مدنيين، بينهم امرأة في الـ 50 من عمرها، وفتى في الـ 17.
في اليوم نفسه، قصفت القوات التابعة للحكومة على ما يبدو منطقة الحوبان، شمال شرق تعز، بشكل عشوائي. بحسب ناشط محلي، وقع الهجوم حوالي الساعة 5:10 صباحا، وأصاب حي الجملة. قال أحد سكان الحي (25 عاما) إنه كان ينتظر أن يفتح متجر أبوابه – بعد صلاة الفجر – لما أصابت القذيفة المكان. قال: “بعد أن هزّ الانفجار الهائل المكان، خرج جميع سكان الحي لإنقاذنا”. أصيب وطفل آخر يبلغ من العمر 16 عاما بجروح، بينما قتل 3 أشخاص آخرين، منهم طفلان يبلغان من العمر 15 و17 عاما.
23 مايو/أيار
حوالي الساعة 11:30 صباح يوم 23 مايو/أيار، أصابت ذخائر عربة لبيع الفاكهة بالقرب من باب الشيخ موسى في حي القاهرة، مما أسفر عن إصابة 5 مدنيين، بينهم 3 أطفال، وفقا للعبيدي. قال هاني سعيد (35 عاما)، وهو صاحب صالون حلاقة قريب، إنه هرع لمساعدة فتاة تبلغ من العمر 16 عاما تبيع الخضراوات بجوار محله وخالتها اللتين أصيبتا بجروح.
حوالي الساعة 4:30 مساء، سقطت 3 قذائف على الأقل على حي الضبوعة، بفارق زمني تراوح بين 10 و15 دقيقة، مما أسفر عن مقتل 6 مدنيين على الأقل، بينهم طفلان، وإصابة 7 آخرين، بينهم 4 أطفال.
في مقطع فيديو تم تصويره بعد الهجوم مباشرة، تُبرز آثار الحفرة والأسفلت المفتت في موقع الاصطدام استخدام قذائف هاون من عيار 120 مم. واستنادا إلى اتجاه التأثير، أطلقت القذيفة من الشرق نحو الغرب، ما يؤكد إطلاق قذائف الهاون من شرق المدينة حيث تتمركز قوات الحوثي – صالح.
قال هزاع النبيش، من السكان المحليين، إن أول ذخيرة على حي الضبوعة سقطت قرب “مركز الأمومة والطفولة”، وهو مركز صحي صغير، مما أسفر عن مقتل ابن عمه سالم كداف وإصابة سامي – ابن كداف – البالغ من العمر 5 سنوات. كما أصابت شظايا من القذيفة فتاة تبلغ من العمر 13 عاما.
سقطت القذيفتان التاليتان بالقرب من مخزن لمواد البناء، فضربت إحداهما منزلا والأخرى سقطت في منتصف الشارع، مما أسفر عن مقتل 4 أشخاص، بينهم صبي يبلغ من العمر 7 سنوات، وإصابة 3 آخرين، بينهم صبي يبلغ من العمر 12 عاما، حسبما ذكر النبيش.
قالت غزل قاسم (24 عاما) إنها كانت في متجر مع ابنيها، أحدهما رضيع، عندما سقطت القذائف. قالت إنها ارتعبت وبحثت عن مخبأ يحميها. ذهبت إلى المستشفى بعد الهجوم، بسبب اختراق شظايا معدنية لظهرها، وإصابة ابنها البالغ من العمر 4 سنوات بجروح في يده.
في نفس وقت سقوط القذائف على حي الضبوعة تقريبا، قتل فلاح العطفي (32 عاما)، وفقد أمين العشاري (54 عاما) ساقيه بعد سقوط قذيفة على بعد حوالي 500 متر شرقي مقر قوات الأمن المركزي في تعز، وفقا لما قاله ابن العشاري.