31.8 C
الجمهورية اليمنية
10:15 مساءً - 4 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

لماذا ثلاث سنين إنقلاب وسنتان ونصف حرب في اليمن؟

د. عبدالقادر الجنيد :
لماذا طال عمر الإنقلاب وطال أمد هذه الحرب، بالرغم من كراهية معظم أبناء اليمن للإنقلاب وبالرغم من إمكانيات التحالف المؤيد للشرعية الهائلة؟

أولا: صفوف الإنقلابيين:
يوجد على رأسهم، فقط صالح والحوثي، وهما فقط من يوافق أو يرفض، وهما فقط من يمنح أو يحجب.

والرئيس السابق صالح، يتبعهألوية الحرس الجمهوري (الجيش العائلي) الذي أنشأه وأداره هو مع إبنه التي عماد أفرادها وكل قياداته الوسطية والعلوية من قبائل محيطة بقبيلته، وقد أغرقها بالدسم والعطايا ومعاشات منتظمة من منظومة شؤون القبائل لعشرات السنين.

الأمن المركزي، الذي أنشأه أخاه وورثه إبن أخيه،
ويسري عليه نفس حال الحرس الجمهوري.

الأمن القومي والأمن السياسي، وهما خلاصة أربعة عقود من الإمكانيات الهائلة والخبرات الواسعة في ترويض اليمنيين وإخفاءهم وترويعهم وتسخيرهم لخدمة الأسرة الحاكمة.
وربما هاتين المؤسستين، هما الأهم في ماكينة الإنقلاب إبتداء من كتم أصوات وأنفاس الناس في المناطق تحت سيطرة الإنقلاب إلى مخابرات الجبهات العسكرية التي تحارب الشرعية والإغتيالات والخلخلات والإشاعات في مناطق سيطرة الشرعية والتخابر على صفوف الشرعية داخل دول التحالف والنازحين في كل العالم وكل أعمال المنظمات الغير حكومية والوسائط الإجتماعية من فيسبوك وتويتر وخلافه.

سلسلة من الأتباع والوجاهات المحلية، ساندها وأغدق عليها طوال فترة حكمه وجعلها فوق القانون.
وهم الذين كان قد خطب فيهم وطلب منها ألا يكونوا مجرد ركاب في التاكسي الذي يقوده هو، فهو لن يظل سائق تاكسي لهم إلى الأبد وبأن عليهم أن يناهضوا خصومه وخصوم أسرته في كل مكان بأنفسهم وبدون إنتظار أوامر منه.

وزاد من إستقطاب اليمن أن أبناء عمومة وجيران وخصوم “ركاب التاكسي” من وجاهات صالح المحلية، في الريف والحضر، كانوا قد انضموا إلى ساحات الحرية والتغيير، التي كانت بمثابة مغناطيس انجذب إليه كل من تضرر من النظام أو أتباع النظام.
تبلورت ونشأت وارتقت ساحات الحرية والتغيير، وتولد وتفرع منها مبادرة خليجية ورحيل الرئيس السابق صالح ومخرجات حوار وطني وقرارات مجلس أمن.
فما كان من الرئيس السابق صالح إلا القيام بالتحالف مع الحوثي، وقاما معا، بإنقلاب في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤.
كان الإنقلاب، هو الرد على كل ما حصل في ساحات الحرية والتغيير وعلى ما يريده اليمنيون من مخرجات الحوار الوطني.
والآن، تتمترس هذه الوجاهات المحلية مع أسرة صالح.

ويجب طمأنة هذه الوجاهات، بأنها من نسيج اليمن الطبيعي وهناك مكان لائق بهم مع أبناء عمومتهم وجيرانهم في الريف والحضر، تحت سيادة القانون.

الموارد المالية غير المشروعة للإنقلابيين ضخمة، هذه موارد دولة، وهم لا ينفقون شيئا على مرتبات أو نفقات أو خدمات.

وهناك إقتصاد سوق سوداء ضخم تحت إدارة الإنقلابيين يحجبون سلعة حيوية مثل البترول أو الغاز ثم يبيعونها بأسعار مضاعفة.
وهناك إتاوات على التجار ورجال الأعمال والمصانع من قبل وصول المواد أو السلع إلى وقت دخولها إلى المعابر والموانئ إلى نقاط التفتيش في الطرقات إلى المخازن والمصانع ثم خروجها مرة أخرى إلى الطرقات ونقلها إلى الدكاكين حتى تصل إلى المستهلك اليمني المسكين، الذي قد صار جلدا وعظما.
صالح والحوثي وأتباعهما، وسلسلة ضخمة من المواطنين تتعيش من هذا الفساد مقابل الولاء والطاعة والتفاني في خدمة “الزعيم” صالح و “السيد” الحوثي.
وهم أيضا عامل من عوامل بقاء الإنقلاب. فالإنقلاب، مصدر رزق لهم.

والحوثي، معه ميليشيا مسلحة مدربة، من حزب الله وإيران.

لعشرين سنة سابقة، كان هناك في بيروت ٣٠٠ مقاتل حوثي متدرب، يبقون ثلاثة أشهر، ولايعودون إلى صعدة إلا وقد وصلت دفعة تالية، بنفس العدد بنظام الباب الدوار.
وكان هناك ١٥٠٠ مبعوث حوثي، في إيران، على طريقة الباب الدوار، أيضاً.

قاعدة وجاهات إجتماعية عريضة، تتمتع ب “العرق” و “العراقة”، ومخزون من التعليم والدراية وخبرة القيادة، صحيح أن سيطرة الحوثي على هذه الفئة، غير مطلق، ولكن تبقى خدمتهم مؤثرة في إطالة عمر الإنقلاب وأمد الحرب والترويج ل “الزعيم” و “السيد”.

تحالف “الزعيم” صالح و “السيد” الحوثي: هذا التحالف، خلفه تراث من العلاقة التكافلية بين السيد والقبيلي في شمال الشمال.
يبقى، هذا التكافل، طالما هناك مصلحة السيطرة المشتركة في غزو ونهب باقي اليمن.
ويبدأ الصراع بينهما، إلى حد القتل، فقط عندما ينفردان ببعضهما.

أي مؤشرات أو تلميحات من صالح بإمكانية أن يتصارع مع الحوثي، إنما هي رقصة من رقصاته والتي يشاركه فيها الحوثي نفسه، لإيهام السعودية والإمارات بأن هذا وارد، وكل ما عليهم فعله هو التخلي عن الشرعية اليمنية ومرجعياتها الثلاث.

لن يتصارع صالح مع الحوثي للأسباب الستة التالية:
١- يعتقدان بأن معهما الحق الطبيعي لحكم كل اليمن. “الزعيم”، معه حق مناطقي و “السيد”، معه حق إلٰهي.
٢- يجثمان على ثروات وموارد ضخمة.
٣- يستمتعان بالسيطرة والنفوذ، وهي أشد إغواء من المال.
٤- عليهما ثارات وأحقاد بطول البلاد وعرضها، ولن يأمنا التخلي عن السلاح.
٥- يعرفان بأنهما لن يحكما اليمن إلا بالغلبة، وهزيمتنا، وخداع دول التحالف.
٦- دخول مفهوم “هيهات منا الذلة”، الذي جلبه الحوثي من إيران، ليحل محل الطريقة اليمنية والمرونة التاريخية المعتادة بالتعايش مع الواقع وفتح صفحة جديدة كل عقد أو عقدين من الزمان.

المناطق تحت سيطرة الشرعية:
لا تعرف من يمسك الخيوط ومن هو القائد الفعلي.
في عدن المحافظ لا يستطيع أن يتسلم مقر عمله ولا سكنه الرسمي.
وفي تعز، المحافظ لا يستطيع أن يبقى بعد أن قتل نافذون مرافقيه، واضطر للهروب بجلده قبل أن يلحق بمرافقيه.
وألوية مسلحة، في عدن محسوبة على الشرعية وهي تعادي ألوية الحماية الرئاسية للرئيس الشرعي.
وكتائب متنافرة، في تعز، تتشدق بأنها واحدة وأنها تحت راية الجيش الوطني.

وهناك جبهات عسكرية طفي/طفي وأخرى طفي/لصي، ولأسباب يعرفها الصغير قبل الكبير، والكل يدعي بأنه أكبر الألغاز، ولعله، أكبر سر ذائع، في اليمن.

وهناك ميليشيات وأحزمة أمنية مناطقية ومذهبية وألوية نخب عسكرية، في مناطق الشرعية منها ما تتبع الإمارات ومنها من يمجد السعودية ومنها من لا تدري تتبع من، وكلها قد تتقاتل فيما بينها قبل وأثناء وبعد مقاتلة الإنقلابيين.

وهناك الكثير مما يمكن أن نذكره عن إنعدام القيادة سواء داخل صفوف الشرعية أو داخل صفوف التحالف، وسنكتفي بالطامة الكبرى وهي أن طائرة الرئيس الشرعي لم تسمح لها الإمارات بالهبوط في العاصمة المؤقتة عدن، ليعود إلى الرياض عاصمة قائدة التحالف، التي تفضل أن يمارس مهامه من عدن.
ولعمري، إن لم يكن هذا تخبطا وانعدام قيادة، في صفوف كل من الشرعية والتحالف، فما الذي يمكن أن نسميه؟

وحتى الفساد، في المناطق الواقعة تحت سيطرة الشرعية.
الإنقلابيون، فاسدون ولكن بنظام . فساد مركزي، يبدأ بالرأس وبتراتبية هرمية ينزل حتى يصل إلى قاع القاع.
أما فساد مناطق الشرعية، فهو فساد عشوائي للمفصعين والمجرمين بقيادة نخب برتب ومناصب وقادة متنافرون، من غير فاسد سيد أو زعيم أو كبير.

الشهر القادم، ستكتمل ثلاثة أعوام من عمر الإنقلاب.
وكانت هذه محاولة لمعرفة سبب طول عمر هذا الإنقلاب، وطول أمد حرب اليمن.

وإذا أرادت الشرعية والتحالف الإنتصار، فما عليهم إلا فكفكة أسباب بقاء الإنقلاب، وليس السير حول نفسها معصوبة العينين، مثل “الجمل في معصرة زيت الجلجلان”.
١٣ أغسطس ٢٠١٧

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد