حوار محمد جميح
الرياض ـ «القدس العربي»:
عندما تلتقي الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي كصحافي يصعب عليك أحياناً أن تأخذه إلى الزوايا التي تريد منه أن يغطيها، يأخذك هو على العكس إلى حيث يريد، ويمرر رسائله التي ينتقيها لإيصالها لمن يريد، وتذهب معه في عمليات سرد طويلة للتاريخ، وإسقاطات على الواقع، حيث يبدو الرئيس اليمني محبا للتاريخ: قراءة وسرداً.
يتحدث هادي عن خلاصات تجاربه، فيقول إنه وهو شاب قرأ أن الإنسان في رحلته الحياتية يصل إلى قناعات مغايرة تماماً لقناعاته التي رسخها قبل أن يتجاوز الخامسة والثلاثين. ويذكر أنه قرأ كتاب «كفاحي» لهتلر وهو في الخامسة والثلاثين، وأنه خط على هوامش بعض صفحاته ستة عشر قناعة كان يعتقد صحتها، ثم بعد مرور عشرات السنين عاد إلى قناعاته التي سجلها على هوامش الكتاب، لكنه ـ كما يقول ـ بعد كل تلك السنوات لم يعد مقتنعاً بأكثر من اثنتين منها.
يرى هادي الذي استقبلنا في مقر إقامته في العاصمة السعودية الرياض إن ما يجري في اليمن يرجع في الأساس إلى غياب العدالة والمساواة، ولوجود أفكار مضمونها أن هناك «مركزا مقدسا»، وأن هناك يمنيين مقدسين فيما بعض المناطق وبعض اليمنيين غير مقدسين، وهي أفكار يجب مكافحتها.
يقول الرئيس اليمني: مشكلتنا مع الحوثي تتمثل في أنه يرى أن معه أمراً من الله وأنه مكلف بالحكم وأن السلطة من حقه، وهنا كيف تتفاهم ـ سياسياً ـ مع رجل يرى أنه مكلف من الله، ثم المشكلة الأخرى تتمثل في امتثال الحوثيين للأوامر الإيرانية.
هل تقصد مقولة «الحق الإلهي» التي بموجبها يعتقد الحوثي انه أحق بالسلطة من غيره؟
نعم. الحوثي يرى أنه مقدس، ونحن نرى أننا كلنا «عيال تسعة» من المهرة إلى صعدة، ولا أحد أفضل من أحد.
واتهم الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي خصومه الحوثيين بأنهم يحملون مشروعاً دينياً يقوم على تمييز الناس إلى مقدسين وغير مقدسين، مكرراً اتهامهم بالارتباط بإيران.
وشدد هادي في الحوار على أن «الدولة الاتحادية» هي المخرج من الحروب والانقلابات التي تعصف باليمن منذ أكثر من خمسين سنة حسب تعبيره. مؤكداً على أن الحل العسكري بات مطروحاً بقوة بعد رفض الحوثيين لكل الحلول السلمية.
واتهم الحوثيين والرئيس السابق علي عبدالله صالح بالقيام بالانقلاب من أجل إجهاض مشروع الدولة الاتحادية التي قال إنها تقضي على طموحاتهم في الانفراد بالسلطة والثروة.
وأكد أن ما يسمى بـ«المجلس الانتقالي» الذي يرأسه محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي والذي يطالب بعودة دولة الجنوب ما قبل عام 1990، يعتبر في حكم المنتهي، وأن مخرجات الحوار الوطني قد أنصفت القضية الجنوبية وضمنت حلها.
وذكر أن إيران تسعى للسيطرة على مضيق باب المندب عن طريق دعم الحوثيين الذين ذكر انهم ينقضون اتفاقاتهم مع الحكومة بناء على تعليمات من طهران، مجدداً اتهام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بإدخال الحوثيين صنعاء.
وذكر أن هناك تنسيقاً ضمن التحالف العربي لضبط الأمن في المناطق المحررة، مؤكداً أن عدم رغبة بعض الأطراف في إحراز تقدم عسكري في تعز يحسب على مكونات معينة هو ما يعيق تقدم المعارك في تعز.
وأكد الرئيس اليمني أن خطوة نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن منعت إعلان إفلاس البنك، ومن ثم انهيار الدولة في اليمن، متهماً الانقلابيين بمنع توريد إيرادات المناطق التي تحت سيطرتهم للبنك المركزي في عدن.
الدولة الاتحادية
٭ قلت للرئيس: كيف يمكن تحقيق ما تدعو إليه من عدالة ومساواة في إطار الدولة الواحدة؟
٭ «الدولة الاتحادية» كفيلة بذلك، وهي مشروعنا الذي ندافع عنه، وهي التي تم التوافق عليها ضمن مخرجات الحوار الوطني، والمطالبة بها هي السبب في الانقلاب الذي قام به الحوثيون وعلي عبدالله صالح، والذي كان السبب وراء الحرب الدائرة حالياً في اليمن.
٭ لماذا؟
٭ لأن القوى المتسلطة في المركز تريد أن تظل مسيطرة على مقدرات البلاد الاقتصادية وسلطتها السياسية، وإقرار النظام الاتحادي يقضي على طموحات تلك القوى في السيطرة والاستحواذ على السلطة والثروة، لأنه نظام يجعل أهل كل إقليم يتحكمون بثرواتهم ويحكمون أنفسهم بأنفسهم بعيداً عن تسلط المتسلطين في المركز، ولذلك أشعل هؤلاء المتسلطون الحرب، وتحالفوا مع جماعة الحوثي الطائفية التي لها ارتباطاتها الخارجية للقضاء على طموحات اليمنيين في الدولة الاتحادية.
٭ كيف جاءت فكرة الفدرالية ونظام الأقاليم؟
٭ أنا أفضل تسميتها «الاتحادية»، لا الفدرالية.
٭ لماذا؟
٭ لأن البعض ـ في اليمن ـ ينفر من كلمة «فدرالية»، وقد كنت أفكر دائماً وأنا شاهد على تاريخ من الحروب والصراعات أن «الدولة الاتحادية» ستكون حلاً لمشاكل اليمن، وناقشنا الفكرة مع مسؤولين ألمان، وأرسلنا بعد أن توليت الرئاسة ـ وأثناء الحوار الوطني ـ مبعوثين إلى ألمانيا لبحث الموضوع مع الألمان، بحكم خبرتهم في الأنظمة الاتحادية، ثم ترسخت الفكرة، وتم تطويرها من خلال نقاشات مؤتمر الحوار الوطني في اليمن، بما يتناسب مع الحالة اليمنية. واليوم تمثل الدولة الاتحادية حلاً للصراعات في اليمن لأنها توفر العدالة والمساواة، ولدينا نماذج في هذا الخصوص مثل إثيوبيا التي خرجت من الاحتراب إلى النموذج الاتحادي، واقتصادها اليوم يتقدم بشكل كبير، ودول أخرى فيها قوميات مختلفة وأديان مختلفة ولغات وأعراق مختلفة، ومع ذلك نجحت بعد أن اعتمدت النموذج الاتحادي في تقسيم السلطة والثروة.
الاتحادية والوحدة
ويواصل الرئيس اليمني حديثه عن مزايا النظام الاتحادي، بقوله:
الاتحادية هي التي ستحافظ على اليمن موحداً، وستبعد عنه مخاطر التقسيم، لأنها تضمن وحدة البلاد على أن تبقى سلطات كل إقليم التنفيذية والتشريعية والقضائية ضمن حدود الإقليم دون السيطرة على الأقاليم الأخرى، وكما كانت إحدى الشخصيات اليمنية تقول «وِحدة وكلٌ وَحده»، بما يعني بقاء أهل كل إقليم بسلطتهم وثروتهم داخل إقليمهم مع وجود حكومة اتحادية لها سلطاتها وثرواتها المحددة بقانون.
٭ لكن ألا ترى أن هذا الهدف بعيد المنال وسط معارضة مراكز القوى التقليدية في الشمال، والمطالبين بالانفصال في الجنوب له، وبعد نسف مخرجات الحوار الوطني وإشعال الحرب؟
٭ إذا مت قبل أن يتحقق هذا الهدف فسيأتي من يؤمن به ويعمل على تحقيقه، وإذا لم يطبقه اليمنيون اليوم، فسيظلون في احتراب ربما لخمسين سنة قادمة، ثم يدركون أن هذا هو المخرج لهم من دورات الحروب والانقلابات المستمرة منذ أكثر من خمسين سنة.
٭ على ذكر مخاطر تقسيم اليمن التي أشرت إليها، ماذا عن مطالب «المجلس الانتقالي» الذي يرأسه محافظ عدن السابق عيدروس الزبيدي الذي يعلن أن هدفه هو استعادة دولة الجنوب السابقة، الذي يعني ـ عملياً ـ تقسيم البلاد، وعودتها إلى ما كانت عليه قبل عام 1990؟
٭ المجلس في حكم المنتهي، والقضية الجنوبية نحن من أنصفها حين قررنا الاعتراف بها في مؤتمر الحوار الوطني، وخرجنا بحلول للمشاكل والمظالم التي تعرض لها اليمنيون في الجنوب والشمال، والذين يسعون لإفشال مخرجات الحوار الوطني في الشمال والجنوب إنما يسعون لمصالحهم الخاصة على حساب المصالح الوطنية.
أهداف إيران في اليمن
يقول الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إنهم في اليمن يدركون جيداً خطورة المد الإيراني في المنطقة، ويسترجع بعضاً من مراسلاته ولقاءاته مع العاهل السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز. ويؤكد:
٭ شرحت للأشقاء في السعودية في 2012 أن إيران ستسعى لتخريب المبادرة الخليجية لسببين: الأول: لأنها خليجية، والثاني: لأنه تم توقيعها في الرياض، وإيران لا تريد أي نجاح دبلوماسي للرياض في إيجاد حل سلمي في اليمن، وحدثت العاهل السعودي المرحوم عبدالله بن عبدالعزيز بذلك في لقاء بيننا بعد عودتي من نيويورك لحضور لقاءات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 2012. وقلت له إن إيران لا تريد للحوار الوطني أن ينجح. هي تريد الحرب لتتمكن من شيئين: الأول: جعل اليمن ممراً لزعزعة أمن واستقرار السعودية، ومن ثم السيطرة على مكة والمدينة وهو هدف استراتيجي لإيران، والهدف الثاني السيطرة على باب المندب الذي لو تمكنت من السيطرة عليه فإنها لن تكون في حاجة للسلاح النووي لأنها ستهدد بالسيطرة على باب المندب الملاحة البحرية.
٭ وبماذا رد الملك عبدالله؟
٭ التفت إلى المرحوم سعود الفيصل الذي كان حاضراً، وقال له: هذا الذي أقوله لكم منذ عشرين سنة.
٭ لكن ما مدى ارتباط الحوثيين بإيران؟
٭ الارتباط كبير عقائدي وتنظيمي، وفي محادثات الكويت كان وفد الشرعية يتفق مع الانقلابيين على تفاهمات، ثم ينقضونها في اليوم التالي، بعد أن تأتيهم التعليمات من إيران.
صالح والحوثيون
ويستطرد الرئيس اليمني في سرد لقاءاته مع العاهل السعودي السابق عبدالله بن عبدالعزيز، قائلاً:
في 2014 والحوثيون يسقطون عمران ذهبت في زيارة عاجلة إلى الرياض، والتقيت الملك عبدالله وطلبت المساعدة: طلبت 350 مليون دولار لقطاع الطيران الحربي، ومثلها للمدفعية والدبابات، وطلبت 435 مليون دولار لدعم صندوق الضمان الاجتماعي.
ووافق الملك على الطلبات وقال ادفعوا للأشقاء في اليمن هذه المبالغ وفوقها نصفها من عندي، لكن الأمور كانت قد تغيرت بشكل سريع وتحرك الحوثيون بعد سقوط عمران إلى صنعاء لإسقاطها.
وواصل هادي سرده للأحداث التي تلت سقوط العاصمة اليمنية في يد الحوثيين، ويذكر:
٭ بعد سقوط صنعاء، كانت المملكة العربية السعودية تريد أن تبرم اتفاقاً بين علي عبدالله صالح وعلي محسن الأحمر، لوقف تداعيات دخول الحوثيين صنعاء، ووافقت أنا على ما طلبت السعودية، وطلبت من السعوديين الجلوس مع صالح وعلي محسن، فجلسوا مع صالح ثلاث ساعات ومع محسن يمكن ساعتين لكن الاتفاق لم ينجح لأن علي عبدالله صالح كان يعد الأمور من أجل أن تتم سيطرة الحوثي ليس على صنعاء وحسب، ولكن على اليمن كلها.
٭ ذكرتَ أن صالح هو الذي أدخل الحوثيين صنعاء، فيما يوجه فريق صالح التهمة لهادي في إدخال المليشيات إلى العاصمة. أين تكمن الحقيقة؟
٭ ومتى كانت لهادي سيطرة على الحرس الجمهوري أو الأمن المركزي، أو القوات الخاصة؟ ومتى كانت لهادي سيطرة على قبائل حاشد وبكيل، أو على المشائخ الذين فتحوا الطريق للحوثيين للوصول إلى عمران ومن ثم دخول صنعاء بتفاهمات مع علي عبدالله صالح، لمصلحة الحوثيين؟
٭ ولكنكم زرتم عمران بعد سقوطها في يد الحوثيين وقلتم مقولتكم المعروفة إن «عمران عادت إلى حضن الدولة»…
٭ نعم كان ذلك محاولة مني لطمأنة الناس بأن الحرب ستنتهي، وأن الدولة ستعود إلى عمران، وأن الحوثيين لن يستمروا في السيطرة عليها، لأنهم موقعون على مخرجات الحوار الوطني، وكنت أحاول تشجيعهم على الالتزام بالمخرجات، لكن صالح كان قد تواصل مع مشائخ القبائل، الذين عزموا أمرهم مع قادة عسكريين معروفين على فتح الطرق للحوثي، لتمكينه من دخول صنعاء بالاتفاق مع صالح، على أساس «لا تحاربونا ولا نحاربكم»، وتفضلوا خذوا العاصمة.
٭ هناك اتهامات للرئيس هادي بأنه لم يأمر الجيش بالتصدي للحوثين الذين كانوا في طريقهم إلى صنعاء بعد السيطرة على عمران. هل وجهت بشيء من ذلك؟
٭ نعم. وجهت محمد المقدشي الذي كان قائداً للمنطقة الغربية أن يحرك قوة لمواجهة الحوثيين، وخرجت كتائب كانت تابعة لما كان يسمى الفرقة الأولى مدرع وكتائب أخرجها علي الجايفي لكن تلك الكتائب وصلت إلى منتصف الطريق وتم استهداف الجنود، وقتل عدد منهم في كمائن، وانسحبت القوة تاركة سلاحها للحوثيين، في مؤامرة واضحة، وعندما طلبت استعادة سلاح القوة التي خرجت، قال القادة إن القوة تركت سلاحها واستولى عليه الحوثي، وكأن الأمر قد دبر لكي يستولي الحوثي على سلاح الكتائب، كما استولى على سلاح اللواء 310 الذي كان يقوده حميد القشيبي في عمران.
٭ ولكن، كيف تم ذلك وأنت القائد الأعلى للقوات المسلحة؟
٭ لم يكن الجيش في يدي.
وحول ما ينشر في الفترة الأخيرة عن العلاقات المتوترة بين الرئيس السابق علي عبدالله صالح وحلفائه الحوثيين، سألنا الرئيس اليمني:
٭ هل تعتقد أن ما تم نشره في وسائل الإعلام عن وجود خلافات بين طرفي الانقلاب في الداخل حقيقي، أم أنها مجرد مسرحية لصرف النظر عن قضايا أخرى؟
٭ نعم هي خلافات حقيقية، وقد سال الدم بين الحليفين، كما سال من قبل في حروب صعدة، والحوثيون وصالح لا يجمعهم إلا مصلحة البقاء في السلطة، وإلا فإن الحروب الست بين الطرفين لا تسمح بقيام تحالف بينهما، ولولا أنهم اليوم يشعرون أنهم في قارب واحد لانفجر الصراع المسلح بينهم.
٭ لو اندلعت معركة بين الطرفين، فلمن تتوقع أن تكون الغلبة؟
٭ للحوثيين.
٭ كيف؟
٭ الحوثيون أصبحوا أقوى من صالح الذي أدخلهم صنعاء لينتقم من خصومه، ولكن الحوثيين لم ينسوا الحروب الست بينهم وبين صالح، ولم ينسوا دم حسين الحوثي، فعملوا على إضعاف علي عبدالله صالح، وهم اليوم أقوى منه، وأي مواجهة بين الطرفين ستنتهي لصالح الحوثيين، لأن صالح فقد ثقة مؤيديه الذين يشعرون أنه باعهم للحوثيين، وفقد ثقة الجيش بعد أن تحالف مع الحوثيين وفرط في دماء شهداء الجيش في الحروب الست السابقة مع جماعة الحوثي.
الملف العسكري والأمني
والحرب على الإرهاب
انتقلت في الحديث مع الرئيس اليمني إلى الملف العسكري، وكان لقائي قد تم بعيد قرار جمهوري بتعيين رئيس أركان جديد هو اللواء طاهر العقيلي الذي خلف اللواء محمد المقدشي في رئاسة الأركان اليمنية، فسألت الرئيس:
٭ هناك جمود في الجبهات وحالة تشبه اللاحرب واللاسلم ما هي أسباب عدم التقدم على المسارات العسكرية؟
٭ السبب يرجع إلى عدم الاتفاق حول ترجيح أي من الخيارين السياسي والعسكري. أوروبا مثلاً مع حل سياسي، والإدراة الأمريكية تريد ضرب المصالح الإيرانية في اليمن عن طريق دعم الحل العسكري، لأن الأمريكيين يرون أن نهاية المشروع الإيراني في اليمن يمثل بداية نهاية الطموح الامبراطوري الإيراني. وفي قمة الرياض التي حضرها الرئيس الأمريكي (دونالد) ترامب قال لي الرئيس الأمريكي: نحن وأنتم متقفون على مكافحة القاعدة وداعش والحوثي وإيران، وهذا الموقف أفضل بكثير من موقف إدارة باراك أوباما الذي كان يسعى للتمكين للحوثيين في اليمن ليتم له إنجاح الاتفاق النووي مع إيران، ولذا جاء وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري بخطته التي طبختها الإدارة الأمريكية السابقة مع بعض الأطراف الإقليمية، والتي تبنت مطالب علي عبدالله صالح والحوثيين المتمثلة بالتخلص من رئيس الجمهورية بتفويض صلاحياته لنائب يتوافق مع الحوثي وصالح، وقد رفضت تلك الخطة لأني رئيس منتخب، ورئيس الجمهورية لا يذهب إلا بانتخابات تأتي برئيس منتخب جديد. وما زلنا نرفض الخطة ونصر على التنفيذ الكامل لقرارت الأمم المتحدة، ولمخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية.
٭ ماذا عن موقف التحالف العربي من الحل؟
٭ الملك سلمان وولي العهد والقادة العسكريون مع حل لا يبقي الحوثيين قوة عسكرية تمثل دولة داخل الدولة مثلما هو الحال مع حزب الله اللبناني، ونحن على يقين أنه ما لم يكن هناك ضغط عسكري يجبر الحوثي على قبول القرارات الدولية، فإنه لن يسلم سلاحه من تلقاء نفسه.
٭ هل تم التغيير في رئاسة الأركان اليمنية لتتماشى مع ترجيح الحل العسكري مع الانقلابيين؟
٭ العقيلي (رئيس الأركان المعين) من محافظة عمران، وسيكون له دور في تحريك الجبهات، وخاصة جبهات الجوف وصولاً إلى عمران وهو قادم من الميدان، ونحن سنعمل على دعمه.
٭ هل تواجه ضغوطاً للقبول بخطة تسليم مدينة وميناء الحديدة لطرف محايد لتجنيبها عملية عسكرية؟
٭ الحوثيون رفضوا الخطة، ونحن والتحالف متفقون على أن الحل لن يكون إلا عسكرياً لاستعادة الحديدة وغيرها من المدن، لأن الحوثي وعلي عبدالله صالح لن يفوا بأي التزام يجردهم من السلاح الذي سيطروا عليه، ونحن والتحالف بقيادة السعودية ندرك أن الحل العسكري هو الكفيل بدحر الانقلابيين وإرغامهم على القبول بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرارات الدولية، من أجل أن يسود السلام اليمن، ولا يصير اليمن منطلقاً لإقلاق أمن الجيران والعالم.
٭ لكن الحوثيين وصالح لا يزالون أقوياء ويحتفظون بالعاصمة وغيرها من المحافظات…
٭ نحن مصممون على إرغامهم على النزول على مقتضيات العملية السلمية، والمهمة التي نواجهها ليست سهلة، انظر إلى العراق له سنوات في حرب واقتتال، ونحن لن نكون كذلك إن شاء الله، لكننا نتمتع بنفس طويل للوصول إلى أهدافنا.
٭ هناك معلومات عن نقل الملف الأمني من الإمارات إلى السعودية في الجنوب. ما مدى صحة تلك المعلومات؟
٭ هناك تنسيق بين الأطراف المختلفة في المناطق المحررة، وهناك عملية لا تزال في خطواتها الأولى ستراعى فيها جميع الأطراف.
٭ ماذا عن تعز؟ ولماذا تسير المعارك في تعز بشكل يوحي بأن الهدف منها استنزاف الأطراف المختلفة؟
٭ الوضع في تعز معقد، وهناك أطراف مختلفة تقاتل الحوثيين وقوات صالح في المحافظة، وبعض الأطراف لا تريد أن يكون التقدم العسكري محسوباً على مكونات عسكرية وسياسية بعينها.
٭ يتهمكم الانقلابيون بأنكم تمثلون غطاء سياسيا للإرهابيين في القاعدة وتنظيم «داعش»، وغيرها من الحركات المتطرفة. كيف تردون على من يروج لمثل تلك المقولات؟
٭ (ضاحكاً) هناك من بلغ الأمريكيين بأن (الرئيس) هادي لم يحارب القاعدة بالشكل المطلوب، ولكن الأمريكيين ردوا بأن هادي هو من حارب القاعدة بصدق وقوة، وبالنسبة للانقلابيين هم خصوم، ويمكن أن يتحدثوا بأي شيء، لكن المجتمع الدولي والأمم المتحدة تعي تماماً من دعم الإرهاب في اليمن.
نقل البنك إلى عدن
ومشكلة مرتبات الموظفين
٭ سألت الرئيس هادي: هناك من يقول إن نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن لم يثمر بشيء أكثر من أنه أعطى الحوثيين مبررا لعدم صرف مرتبات الموظفين، بحجة أن البنك لم يعد في إيديهم. لماذا لم تقم الحكومة بخطوات لتفعيل منظومة عمل البنك المركزي بعد نقله إلى عدن؟
٭ خطة نقل البنك المركزي من صنعاء كانت متفقاً عليها لإبعاده عن سيطرة الحوثيين الذين استنزفوا الاحتياطي الأجنبي، والصناديق الأخرى في البنك، وقد كان الأمريكيون يريدون نقل البنك إلى عُمان وكان هناك من يريد نقله إلى الأردن أو الإمارات، ولكنني أكدت على ضرورة نقله من صنعاء إلى عدن، وليس إلى خارج البلاد، ومع نقل البنك إلى عدن جنبنا البلاد على أقل التقديرات مخاطر الإفلاس، وقد بدأنا التواصل مع البنك الدولي لدعم الخطوة، وتواصلنا مع الأشقاء في السعودية بشكل خاص، وقمنا بطبع العملة في روسيا لصرف مرتبات الموظفين، وكانت هناك صعوبات واجهتنا فيما يخص صرف المرتبات لمناطق معينة، كما أننا سعينا لإيجاد ضامن للعملة المطبوعة، وقد وافق الروس على طبع العملة، والضامن لها صندوق النقد السعودي، وفي زيارتي للأمم المتحدة المقررة خلال هذا الشهر سيتم بحث تقديم دعم من البنك الدولي على شكل مبالغ تأمين للبنك المركزي لتحريك عمله، ولمنع سعر العملة من الانهيار.
٭ لكن المرتبات لم تصرف بشكل كامل؟
٭ صرفنا من قبل بعض المرتبات والآن وصلت طائرتان للمرتبات إلى عدن بالتنسيق مع التحالف العربي والروس، وبعد أيام ستصل طائرة أخرى، وستدفع المرتبات المتبقية.
٭ ولكن ألا ترى أن نقل البنك إلى عدن وفر حجة للحوثي لعدم صرفه المرتبات في المناطق التي يسيطر عليها؟
٭ لا يحق للحوثيين أن يقولوا ذلك إلا إذا قاموا بتسليم إيرادات المناطق التي يسيطرون عليها للبنك المركزي اليمني، أما وهم يقومون بالاستيلاء على موارد الدولة في صنعاء والمناطق الخاضعة لهم، فإنهم مسؤولون عن تسديد مرتبات الموظفين هناك، ومع ذلك فلن يطول هذا الوضع.
ختاما:
٭ ماذا يريد هادي في نهاية المطاف؟
٭ أريد أن أتمكن من الوصول إلى اللحظة التي أشرف فيها على تنظيم انتخابات رئاسية حرة ونزيهة، أسلم فيها السلطة لمن يختاره الشعب اليمني، ثم أستريح من عناء السياسة.
٭ ألا تفكر في توريث السلطة لجلال هادي؟
٭ (ضاحكاً) أنا أؤمن أن الذين يسعون لتوريث السلطة لأبنائهم يخالفون إرادة الله الذي يؤتي الملك من يشاء وينزعه ممن يشاء، كل الجمهوريات التي حاول فيها الرؤساء توريث الحكم ضربتها الحروب، انظر إلى حال العراق وسوريا وغيرهما، وقد نصحت صالح بالكف عن التفكير في التوريث، فكيف يمكن أن أفكر فيه.
٭ متى سيكون اللقاء في عدن؟
٭ قريباً. خلال هذا الشهر سأذهب لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد عودتي من هناك سأنتقل إلى عدن إن شاء الله.
٭ هل أنت واثق من النصر؟
٭ هناك مقولة تقول: لكي تنتصريجب أن تعرف عدوك، وأن تعرف نفسك. ونحن نعرف العدو، ونعرف أنفسنا، ونعرف الصعوبات التي تواجهنا، وهذه شروط النصر.
٭ شكراً فخامة الرئيس على إتاحة الوقت للحوار؟
٭ شكراً لك ولصحيفة «القدس العربي» على الزيارة.