لن يهتم الحوثيون لأمر اليمن.. لا لحاضره ولا لمستقبله.
كل ما يعنيهم هو تأمين مكانتهم في السلم السياسي والاجتماعي لليمن، لا كمواطنين لهم ما للمواطنين من أبناء اليمن وعليهم ما عليهم وإنما كحكام وجلادين وأصحاب امتيازات خاصة، ومن ثم إقامة نظام سياسي يحقق لهم حماية هذا الهدف.
وعلى هذا الطريق ليتدمر اليمن ويشقى أبناؤه ويشردوا وتسفك دماؤهم، لا يعني لهم ذلك شيئاً في سبيل تحقيق هذه الغاية التي لا تدانيها أهداف أو غايات أخرى.
مع مرور سنين الحرب تتعاظم فرص الحوثيين في تحقيق هذا الهدف، الأمر الذي يصبح معه مستحيلاً حينذاك الوصول إلى تسوية دون أن يكون ذلك الهدف عنصراً حاكما في معادلة التسوية.
ولهذا فإن تطويل أمد الحرب لا يخدم غير ما يسعى اليه الحوثيون، وهو إعادة إنتاج يمن بمقاس يسمح لهم أن يكونوا فيه سادة لا مواطنين.
بالطبع لن يكون هذا هو اليمن الذي يحمل أبناءه نحو المستقبل ، وإنما اليمن الذي يحاصر أبناءه في الزمن المستهلك الذي أورثهم الخوف والجوع والفقر والتخلف.
مسارات مخيفة ومفزعة .. وفي حين نرى حقائق هذا المشروع ماثلة أمام أعيننا ، فإن الإخفاق في صياغة المواجهة الحاسمة معه تطرح أكثر من سؤال حول أهليتنا لإخراج اليمن من هذا المأزق.
والله إنني لا أقلل من التضحيات الجسيمة التي قدمها ويقدمها المقاومون لهذا المشروع والتي يجب أن ننحني إجلالاً لها ، ولا أقلل من كل جهد يبذل على هذا الطريق ، لكنني أعتقد أنه آن الأوان لإعادة بناء مقاومة هذا المشروع على أسس تتحدد فيها بوضوح المسائل التالية:
١-هزيمة المشروع ، وتعني كسر مقاومته ورفضه لبناء دولة المواطنة التي يتطلع إليها اليمنيون.
في كثير من التجارب التاريخية كان المغامرون في حاجة إلى هزيمة من هذا النوع لتصحيح مسار تاريخي يحميهم ويحمي الجميع من مغامرتهم وطيشهم . ويحتاج ذلك بالطبع الى تأكيد حقيقة مقابلة وهي أن المنتصر لا بد أن يكون صاحب مشروع للبناء.
٢-الفصل بين الدولة والحامل السياسي والشعبي لمقاومة هذا المشروع فيما يخص الأدوات وليس الهدف.
٣-بناء العلاقة مع التحالف بديناميات ذات أبعاد استراتيجية والتي بدونها سيخترق التحالف بأكثر من محاولة لتدميره.
لهذا الغرض ارى أنه لا بد من عقد مؤتمر مصغر يقف أمام وثيقة سياسية وعسكرية للخروج برؤيا وخطة عمل لمواجهة التحديات بصورها المختلفة وتصحيح ما تسرب إلى الوعي المضطرب عند البعض من إمكانية التسوية في ظل هذا الوضع الذي لن يقبل فيه الحوثيون بأقل من أن يكونوا جلادين وسادة على اليمن.