اليمن الاتحادي/ خاص :
يثير موت عبد العزيز بن حبتور رئيس مايسمى بحكومة الإنقاذ بصنعاء التابعة لمليشيا الحوثي والغير معترف بها دوليا قضية الاغتيالات السرية التي طالت شخصيات سياسية عديدة في المشهد السياسي العام اليمني خاصة تلك التي حسبت على المليشيا ولم تكن منتمية للجماعة أيديولوجيا بشكل كبير.
حيث دأبت مليشيا الحوثي بانتهاج مسلك واضح يقوم على أساسين الأساس الأول الغموض الكامل في هيكليات وتركيبة الجماعة وطريقة قيادتها الداخلية وعدم الإعلان نهائيا عن القيادات الفعلية التي تظل تنظيما سريا محكما.
الأساس الثاني هو هالة القداسة التي يسعون لوضعها على شخص زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي ومن قبله كانت عليه صورة حسين الحوثي مؤسس هذه الجماعة وبالتالي يجب أن يخرج من المشهد أي إسم ممكن أن يشكل خطرا حقيقيا قد يزعزع هذه الصورة.
وخلال السنوات الماضية شهدت الساحة السياسية بصنعاء الكثير من المؤشرات التي تقول بأن الجهاز الأمني العميق لجماعة الحوثي يعمل على تصفية أي رمزية ممكنة لشخصية سياسية قد تشكل تهديدا حقيقيا لقيادة الجماعة تخلف عبد الملك الحوثي أو تنافسه في السلطة أو يكون لديه حضورا معينا.
أما لو كان لدى تلك الشخصيات طموحات سياسية معينة فهي مرشحة أكثر للتصفية بشكل علني ولاتحتاج إلى مسألة الغموض في التصفية.
وخلال الفترة الماضية يمكن القول بأن هناك شواهد عديدة واضحة تشير أصابع الإتهام من خلالها لجماعة الحوثي بتنفيذ تلك العمليات وبالذات من المنتمين لذات السلالة كما حصل مع أحمد شرف الدين ومحمد عبد الملك المتوكل وعبد الكريم جدبان، ثم بعد ذلك شخصيات أخرى حتى إنه قيل بأن مقتل صالح الصماد الذي وصل إلى رئيس للمجلس السياسي التابع للجماعة في غارة مشهورة للتحالف.
حيث يروي محللون بأن الصماد تم إعطاء إحداثيات مكانه لطيران التحالف للتخلص منه لأنه ظهر بأنه يشكل جناحا قويا واضحا مهددا لجناح آخر يقوده عبد الملك الحوثي ويمثله مهدي المشاط.
وأصبح الصماد لديه شعبية واسعة وقبول كبير لدى مجاميع قبيلة مما جعل الجماعة تخشى من سطوع الصماد رغم إيمانه الكامل بسيده عبد الملك الحوثي إلا أن الجماعة لايمكن أن تتقبل وجود رؤوس بارزة في تنظيمها السري فتم تقديم الصماد قربانا للتحالف العربي الذي أعتبرها ضربة قاسمة.
في المقابل أيضا تشير معلومات مؤكدة من مصادر متعددة بصنعاء أن الضربة الشهيرة بضربة الصالة الكبرى والذي تجمع فيها عشرات الشخصيات اليمنية في عزاء مشهور لوالد وزير داخلية الحوثي جلال الرويشان نفذ الطيران ضربة شهيرة لقيت صدا دوليا وادانات كبيرة وراح ضحيتها العشرات من الشخصيات السياسية الكبيرة أبرزها آمين عام العاصمة صنعاء عبد القادر هلال وعشرات القادة العسكريين المهمين من قادة الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والحرس الخاص والجيش اليمني، الأمر الذي بدا واضحا بعد تلك الضربة في إخلاء الساحة العسكرية بالذات والسياسية بعدها من أبرز الرموز التي يمكن أن تشكل قائمة حقيقية لقيادة الوضع في صنعاء في حال التخلص من الحوثي وإظهار صنعاء خاوية تماما من أي قادات قادرة على قيادة المشهد السياسي .
وبالتالي عادت أصابع الإتهام لتشير لجماعة الحوثي بانها من قدمت احداثيات بالتعاون مع جهات اخرى لضرب الصالة الشهيرة وبالتالي عملية اخلاء الطريق تماما أمام زعامة واحدة لاتقبل أي شراكة.
تطور الأمر بعد ذلك في ديسمبر ٢٠١٧ عندما تمت تصفية علي عبد الله صالح بالطريقة الشهيرة التي قتل بها وبالتالي خرجت عن المشهد آخر الأسماء التي كانت يمكن أن تشكل تهديدا لمقاسمة الحوثي الزعامة ولم يقتصر الأمر على قيادات كبيرة بحجم علي عبد الله صالح ولكن تشير تقارير حقيقية ومعلومات شبه مؤكدة بأن حسن زيد وزير الشباب في حكومة الحوثيين أيضا قتل بطريقة غامضة وراءها جماعة الحوثي وأجهزتها الأمنية بشكل واضح وفج ومثله تم تصفية أشخاص أخرين بحجة المرض وهم من الكتاب والصحفيين المعارضين أو أصحاب الأصوات العالية التي ممكن أن تشكل في لحظة من اللحظات نوعا من الازعاج الذي لاتتقبله الأجهزة الأمنية وليس آخرهم الصحفي الشهير أحمد الحبشي رئيس تحرير صحيفة الميثاق التابعة لحزب المؤتمر .
أعادت قضية إختفاء أو غموض وفاة عبد العزيز بن حبتور رئيس وزراء مايسمى بحكومة الحوثيين ملف الاغتيالات السرية الذي لم يتوقف للحظة بشكل واضح بان ما جرى للرجل هو تصفية حقيقية خاصة وأن بن حبتور كان يقدم بأنه شخصية توافقية إذا ماحدث أي تقارب لأي حكومة قادمة بين الشمال والجنوب أو حكومة قادمة يقودها المجتمع الدولي والأمم المتحدة لما يسمى وحدة وطنية.
وقد يشكل بن حبتور خطرا حقيقيا بأن يحجب حقائب ومقعد يمثل حركة الحوثي المتعصبة للأيديولوجيا والمتمسكة بالمنطقة والمذهب .
وبالتالي تصبح مؤشرات تصفية بن حبتور هي الأقرب للواقعية والأكثر دقة بأن الرجل لم يمت بفيروس كورونا وإنما بفيروس المذهبية والنضال الإرهابي السري لجماعة لاتزال مغلقة ولايعرف أحد هرم سلطتها وأبرز قادتها السريين حتى الآن.