اليمن الاتحادي/ خاص :
من الواضح أن المحادثات السعودية الإيرانية التي تمت في الأسابيع الماضية بوساطة عراقية قطرية حسب مصادر مطلعة أثمرت تقاربا واضحا لحلحلة الملف اليمني والبحث عن مخرج للحرب التي دخلت عامها السابع دون هوادة.
وكانت ميليشيات الحوثي التي انقلبت على مؤسسات الدولة الشرعية في اليمن قد سيطرت على صنعاء في سبتمبر 2014، واستمرت في توسعها نحو الجنوب حيث وصلت عدن وحاصرت تعز.
ولكن تراجعت قوات الحوثي كثيرا بعد تدخل واسع للتحالف العربي الداعم للشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية مارس 2015 واستمرت جبهات الحرب مشتعلة دون هوادة.
وتطور الموقف في الثلاثة الأشهر الماضية بعد هجوم متواصل لمليشيا الحوثي نحو مدينة مأرب شرق اليمن وهي آخر معقل استراتيجي للسلطة الشرعية في اليمن في جانب مناطق شمال اليمن
ويرى المراقبون أن الحوثي يريد إسقاط مأرب النفطية وبعدها يرى أن إسقاط محافظات الجنوب الغنية بالنفط ستكون تحصيل حاصل ويجعله بموقف أقوى للمضي في مباحثات مباشرة مع السعودية بينما استبقت السعودية الأمر وأعلنت الشهر الماضي مبادرة للسلام تقوم على وقف إطلاق النار وفتح المطارات والميناء والتقاء مباشر بين الأطراف اليمنية.
ورفض الحوثي المبادرة السعودية ورأى فيها تنصلا عن دورها وقال لا يقبل أن تكون السعودية وسيطا وأنها طرف في الحرب.
من جهتها سارعت السعودية بمد جسور التواصل مع إيران مباشرة لتأكيد طرحها بأن طهران مصدر تحريك الحوثي ومصدر دعمه الذي تنامى مؤخرا عبر قصف مستمر للطيران المسير وصواريخ سكوود التي طالت مناطق مختلفة من السعودية منها العاصمة الرياض. ولعبت جهات إقليمية منها الدوحة وبغداد ومسقط أدوارا مختلفة لردم الفجوة بين الرياض وطهران.
ومساء امس الثلاثاء ظهر تحولا واضحا تمثل بلقاء الأمير محمد بن سلمان للتلفزيون السعودي وقال فيه ما يمكن أن تعد رسائل للحوثي تخفف من الحملات المتبادلة حيث وصف الحوثي بأنه يبقى يمنيا وذو نزعة عروبية وطالبه للقاء مع الأطراف اليمنية.
واليوم الاربعاء التقى وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف الناطق باسم ميليشيا الحوثي في لقاء بالعاصمة العمانية مسقط وجاء تصريح ظريف ليقول للحوثيين أن عليهم أن يلتقوا الأطراف اليمنية.
وبحسب مراقبين فإن سلطنة عمان لعبت دورا مكثفا لتقريب وجهات النظر واستقبلت مسقط وزير الخارجية الإيراني اليوم الأربعاء ليلتقي ممثل الحوثيين عبدالسلام فليته الشهير بمحمد عبدالسلام و الذي يقيم في السلطنة منذ قرابة أربعة أعوام.
واللافت في الأمر هو أن الموقف الدولي الذي طالب الحوثيين مرارا خلال الثلاثة الأشهر الماضية بوقف هجومهم على مأرب لم يلق اذنا صاغية من الحوثيين بل قال بعض المراقبين في المنظمات الدولية ان الامر غير ما يظهر للإعلام حيث هناك رضى دولي بأن يحسم أحد الطرفين الأمر عسكريا ليتسهل أمر الحل السلمي وان الشرعية ومعها التحالف العربي عجزوا خلال ست سنوات من حسم الأمر وان أطراف دولية أعطت الحوثي إشارة موافقة لحسم معركة مأرب وبعدها سيكون وضعه احسن في التفاوض الدولي
ولكن جاءت المفاجأة بصمود مأرب والتفاف الشارع اليمني للوقوف ضد الحوثي ورفض التسويق بأن مأرب مجرد معقل لتيار الإخوان المسلمين في اليمن بل مدينة مقاومة ضد حركة الحوثي تمثل تيار الجمهورية، وأن الإخوان ليسوا بتلك القوة بقدر ما هم جزء من المقاومة ضد الحوثي.
ويذهب بعض المحللين الإعلاميين إلى أبعد من ذلك باتهام جماعة الإخوان نفسها بعدم امتناعها من عقد صفقة مع الحوثي لولا تنامي المقاومة الشعبية الرافضة للحوثيين والتي يبدو اذهلت كل الأطراف وغيرت في سيناريو اللعبة لتجعل الأطراف الإقليمية وفي مقدمتهم إيران والسعودية يدركون أن الرفض لجماعة الحوثي يتجاوز واجهة الشرعية لمقاومة شعبية واسعة، وأنه إذا لم يرضخ الحوثي لصوت السلم والقبول بالتنوع الذي تمثله اليمن فإن سيناريو الحرب الطويلة بنفق مؤلم هو ما ينتظر اليمنيين.