بشرى العامري:
محافظة إب القلب النابض بالحياة والمقاومة، يدرك الحوثيون أهمية هذه المحافظة ليس لموقعها الجغرافي الاستراتيجي فقط، بل ولدورها التاريخي في الحركات التحررية الوطنية. لذا تسعى ميليشيات الحوثي بكل قوة إلى قمع أي تحرك شعبي داخلها، واستهداف رموزها الوطنية بطريقة ممنهجة.
فلا يمر يوم على اللواء الأخضر، دون أن تُسجل فيه جريمة جديدة ترتكبها الميليشيات بحق المدنيين، وكل جريمة تولّد شهيداً جديداً يُضيء بدمه درب الخلاص، ويغذي الغضب الشعبي المتصاعد الذي بات يشكل تهديداً حقيقياً للمليشيات في المحافظة وهو مايفسر جنونها وبطشها المتزايد في الانتهاكات والجرائم بحق المدنيين.
وتشمل هذه الجرائم القتل خارج نطاق القانون، والاعتقالات التعسفية، ونهب الممتلكات، وفرض الجبايات بما في ذلك حالات تصفية مباشرة واغتيالات ممنهجة، لمعارضين سياسيين، ومواطنين رفضوا دفع الجبايات، وأفراداً حاولوا الدفاع عن أراضيهم أو ممتلكاتهم ضد محاولات النهب.
واليوم لم يعد غضب أبناء إب محصوراً داخل حدود المحافظة، بل امتد إلى العاصمة صنعاء، حيث توافدت حشود المحتجين من مختلف المديريات، في مظاهرات عارمة تندد بجرائم الحوثيين، خاصة تلك التي استهدفت رموزاً اجتماعية بارزة، هذه الشخصيات تمثل امتداداً لإرث المحافظة التاريخي، التي كانت مهداً لأبطال ثورة 26 سبتمبر وحركات التحرر اليمنية.
فلا يمكن للتاريخ أن يغفل عن ذكر الشهيد اللواء علي عبد المغني ورفاقه الذين قادوا شرارة الثورة ضد حكم الإمامة، وكانت إب خزّاناً بشرياً للحركة الوطنية ضد الاستعمار البريطاني، واحتضنت أول اجتماعات قادة الثورة الذين ساروا نحو عدن لتدشين مسيرة الاستقلال.
وتعيد اليوم إب كتابة التاريخ بمقاومتها المتنامية للحوثيين، حيث يشكل رفضها الشعبي المتزايد حجر الأساس لخلاص البلاد بأكمله من هيمنة الميليشيات السلالية، وليس فقط تحرير المحافظة التي تُعد “درة العقد” في نحر اليمن السعيد.
وكما انطلقت قوافل الحرية في ثورة 26 سبتمبر المجيدة من أبناء هذه المحافظة، ها هي إب تستعيد دورها التاريخي، مطلقةً صرخة الحرية من جديد، لتعلن أن الطريق إلى اليمن الحر يبدأ من اللواء الأخضر. وكما قال الشاعر:
وللحرّيّة الحمراء بابٌ… بكلّ يدٍ مضرّجة يُدقُّ.