قال اللواء أحمد عسيري نائب رئيس الاستخبارات السعودية، إن التحالف العربي الذي تقوده بلاده، لا يمكنه الانسحاب من اليمن قبل إنقاذه بإنهاء انقلاب الحوثي وإعادة السلام حتى لا يتحول إلى صومال آخر.
وأضاف “عسيري”، الذي عمل متحدثا رسميا باسم التحالف في حوار مع شبكة “يورو نيوز” الأوروبية: ”لا نستطيع الانسحاب من اليمن لأننا جيران ولدينا مصلحة كبيرة في إحلال السلام والاستقرار” مشيرا إلى أنه” لا يمكننا الاسْتِسلام لأن هذا سيفتح الباب لحزب الله في اليمن”.
وتابع” نتدخل في اليمن لأننا لا نريد أن يصبح هذا البلد صومالاً آخر، ليبيا أخرى، لبناناَ آخر … في هذه الأمثلة الثلاثة التي ذكرتها للتو، كانت هناك أعمال المجتمع الدولي، ثم انسحبت”.
وأكد أن بلاده ترحب بأي دولة تريد مساعدة اليمن” إذا أراد أي بلد آخر التعامل مع الوضع في اليمن، فليفعل، سيكون موضع ترحيب”.
وحول دور إيران في اليمن، قال عسيري، إن لها” مصلحة في إبقاء اليمن دولة فاشلة لكي تتمكن من السيطرة عليها من خلال ميليشيات الحوثي. وهذه حقيقة يجهلها الناس”.
فيما يلي تفاصيل الحوار الذي أجرته الصحفية في الشبكة الأوروبية” آنليز بورخيس”:
اللواء عسيري أود أن أشكرك لموافقتك على هذه المقابلة.
*اسمحوا لي أن أبدأ بسؤال عن الصراع في اليمن الذي، وفقاً للأمم المتحدة، هو أسوأ أزمة إنسانية في العالم، المملكة العربية السعودية تقود التدخل العسكري في ذلك البلد وكنت المتحدث الرسمي باسم التحالف العربي حتى تموز/ يوليو الماضي.
هل تشعر بأي شكل من الأشكال بالمسؤولية عن موت الآلاف من الأشخاص وتشريد ملايين آخرين في اليمن؟ هل المملكة العربية السعودية مسؤولة عن ” أسوأ أزمة إنسانية في العالم”؟
للإجابة على هذا النوع من الأسئلة، يجب النظر إلى الوضع من زاوية أوسع. ماذا حدث في اليمن؟ اليمن هي إحدى الدول التي زعزع استقرارها ما سمي آنذاك بالربيع العربي. في العام 2011، خرج الناس إلى الشوارع للمطالبة بالتغيير .
*للمطالبة بالتغيير، بالإصلاحات …
للمطالبة بالتغيير ورحيل حكومة علي عبد الله صالح. لتجنب انهيار البلاد، المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي – تبنت ما سمى آنذاك – مبادرة مجلس التعاون الخليجي: خطة لتجنب انهيار اليمن ومنح الأمل للشعب من خلال أمرين: أولا، انتخاب حكومة انتقالية، حكومة انتقالية من شأنها أن تقود البلاد بطريقتين: دستور جديد لكل السكان اليمنيين، بما في ذلك الأقلية الحوثية.
ثانياً، إجراء انتخابات حرة جديدة لتعيين حكومة جديدة، رئيس جديد، وغير ذلك.
وأشرف على هذه العملية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي.
ثم حدث الانقلاب. لماذا حدث ؟ لأن الحوثيين يمثلون أقلية. ولو كانوا قد اعتمدوا على صندوق الاقتراع، لما وصلوا إلى السلطة.
منذ ذلك الحين، نرى ما حدث. اليوم، اتبعت البلاد مساراً – مظلماً جداً – وسيصل في النهاية إلى دولة فاشلة أخرى.
*بالتأكيد، ساهمت الغارات الجوية والحصار على اليمن بوضعه الحالي. البلد انهار. ألا تعتقدون أن المملكة العربية السعودية لعبت دورا في هذه الأزمة؟
من فضلك، سأذكر بالقصة كلها. لا يمكن اعتبار اليمن العنصر الوحيد.
لقد ذكرت أرقاماً، لكن هناك أرقام مختلفة، هناك تقييمات مختلفة للوضع، وجهات نظر مختلفة حول هذا الوضع.
لا شك أن هناك مشاكل في اليمن. هناك أزمة إنسانية، لكن ما نفعله، المملكة والتحالف، هو أننا نتعامل مع الأسباب والعواقب.
لسوء الحظ، معظم الذين يعلقون على الأزمة في اليمن يركزون على العواقب فقط وينسون النظر إلى الأسباب.
السبب هو أن هناك بلد سيخضع لسيطرة الميليشيات.
ما هو الوضع اليوم في لبنان؟ في لبنان، لا توجد حكومة، لا توجد حكومة فعالة. هناك – لنقل – حكومة شكلية، لكن الميليشيات هي التي تدير البلاد وهذا ما نحاول تجنبه (في اليمن).
*أود أن نركز على اليمن أولاً – ويمكننا التحدث عن دول أخرى في المنطقة من بعد.
سؤالي هو: في السنوات الثلاث الماضية، اتهم التحالف العربي الذي عملت فيه بقصف المنازل والمتاجر والأسواق … لماذا لم يُفعل شيئاً لحماية المدنيين في هذه الحرب؟
قتل المدنيين عمداً وتدمير الممتلكات المدنية يماثل جرائم الحرب …
أعتقد أن هذا ليس صحيحاً، أولاً لأن هناك فريق تحقيق يحقق.
*من الخطأ القول إن التحالف العربي ضرب المنازل والمتاجر؟
كلا، لأنه لم يكن مقصودا، إرادتنا هي إنقاذ الناس، وليس تدميرهم، يجب أن نعود إلى أساس التدخل: فهو مرتبط بطلب من الحكومة اليمنية، هي عملية قانونية، وقد طلبت الحكومة اليمنية تنفيذ معاهدة الدفاع المشترك من خلال جامعة الدول العربية، لذلك هو قانوني.
هدفنا ليس مهاجمة السكان. لماذا نذهب إلى السكان ؟ لقتلهم؟ كلا!
اليوم، ما نقوم به في اليمن هو نيابة عن المجتمع الدولي. اننا نعرض جنودنا ومواردنا وسمعتنا للخطر، نقضي الوقت هناك. لماذا؟ لأننا نريد إحلال السلام والاستقرار في اليمن.
اذا أراد أي بلد آخر التعامل مع الوضع في اليمن، فليفعل، سيكون موضع ترحيب.
نتدخل في اليمن لأننا لا نريد أن يصبح هذا البلد صومالاً آخر، ليبيا أخرى، لبناناَ آخر … في هذه الأمثلة الثلاثة التي ذكرتها للتو، كانت هناك أعمال المجتمع الدولي، ثم انسحبت.
لا نستطيع الانسحاب من اليمن لأننا جيران ولدينا مصلحة كبيرة في إحلال السلام والاستقرار.
*أصر مرة أخرى: قُتل ما لا يقل عن 10 آلاف شخص في هذه الحرب وهذه الأرقام تعود إلى العام 2016. لذا، لا شك أن عدد الضحايا ارتفع اليوم … ما هي الخطوة المقبلة بالنسبة لليمن؟ الخطوة المقبلة في هذا الصراع؟
لا أريد مناقشة هذه الأرقام، هذا الرقم خاطئ، إنه ليس رقماً دقيقاً.
*هل هناك المزيد من الضحايا؟
كلا، هناك عدد أقل. وهذا ما يفسره السياق. يجب الأخذ بعين الاعتبار كيف تتصرف هذه الميليشيات .
*لكنه رقم ذكرته الأمم المتحدة.
لا أعتقد أن الأمم المتحدة تحققت من هذا الرقم بشكل كاف لأنها غير موجودة هناك ، للأسف، وهذه هي إحدى الصعوبات: لا يوجد مراقبون من الأمم المتحدة هناك.
لذا، هذه الأرقام خاطئة، كررها مراراَ وتكراراً أولئك الذين يريدون أن يظل الوضع في اليمن سيئا، كما هو عليه اليوم. هناك أطراف لها مصلحة في ضمان إبقاء اليمن كدولة فاشلة .
من مصلحة ايران أن تصبح اليمن دولة فاشلة.
*من له مصلحة إبقاء اليمن هكذا؟
الأشخاص الذين يدعمون هذه الميليشيات. أرى الأمور بوضوح، لإيران مصلحة في إبقاء اليمن دولة فاشلة لكي تتمكن من السيطرة عليها من خلال الميليشيات. وهذه حقيقة يجهلها الناس.
فالناس يسمعون الأشياء، ويتصفحون الأخبار على الإنترنت، ويجدون رقماً خاطئاً ويكررونه. لا يوجد تقرير واحد من الأمم المتحدة يتعلق بالحالة على الأرض.
هل يمكنك القول بأن هناك مراقبين على الأرض؟ هل يمكنك أن تؤكدين هذا .. أسألك … هل يوجد مراقبون هناك على الأرض؟
نعمل على الحد من معاناة الناس.
*هناك نشطاء على الأرض …
وهذا يعطينا صورة غامضة عن الأشياء لأن للنشطاء أسبابهم الخاصة.
هناك حكومة معترف بها من قبل المجتمع الدولي ويمكن للناس الاتصال بهذه الحكومة.
هذه الحكومة لديها أشخاص على الأرض وهناك يمنيون يعملون على الوضع في البلاد ويمكنهم الإبلاغ عن هذا النوع من الشهادات.
لذا، لن نناقش هذا الرقم لأنني أعتقد أن القضية ليست هنا. نعترف بان هناك أزمة في اليمن ونعمل على حلها كما قلت، أنفقنا مليون ونصف المليون دولار عليها. لا أعتقد أن أي دولة أخرى فعلت ذلك.
نطلب من الذين ينتقدون التحالف أن يشاركوا في الجهود المبذولة للحد من معاناة الناس، بدلاً من انتقاد الناس في وسائل الإعلام باستمرار …
*كيف نحل هذه الأزمة؟ كيف ننهي هذا الصراع؟
نعمل على ثلاثة محاور مختلفة:
أولا، ندعم جهود الأمم المتحدة للتوصل إلى تسوية سياسية. مناقشة بين اليمنيين، مفاوضات بين اليمنيين لإعادة السلام والاستقرار.
ونؤيد جهود الممثل الخاص للأمم المتحدة في اليمن ونتمنى له حظا سعيدا ونجاحاً كبيراً في مهمته. ثانيا، نعمل للحد من المعاناة التي تحدثتي عنها.
* يمكنك تقليل المعاناة؟ كيف؟
من خلال التواجد على الأرض والعمل مع الناس .
*لكن إذا حلقت في الوقت نفسه طائرات سعودية وقامت بضربات جوية …
لكن إذا اسْتَمَرَّيتي بمقاطعتي لن تصل الفكرة إلى المواطنين. أولا، نعمل في المنطقة التي توجد فيها الحكومة الحالية والتي تم تأمينها فعلاً حيث بإمكان الناس أن يعيشوا حياة طبيعية حيث تتوفر المواد الغذائية والأدوية والمياه والخدمات. لهذا السبب لدينا هذه الخطة الشاملة بمبلغ مليار ونصف المليون دولار. ثانيا، نعمل مع المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع الدولي – برنامج الأغذية العالمي ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية وغيرها – لتسهيل عملهم هناك … هذا هو ما نقوم به…
لا يمكننا الاسْتِسلام لأن هذا سيفتح الباب لحزب الله في اليمن.
*قلتم ذلك بنفسكم: ترغبون بتسوية سياسية، تريدون أن تأتي الأطراف اليمنية إلى طاولة المفاوضات، لكن استمرت الطائرات بالتحليق وقصف الناس، كيف يمكن أن يتناقشوا. يجب أن يتوقف القصف أولاً ، أليس كذلك؟
أعتقد أنك لم تتابعي توضيحي، لا توجد طائرات تقصف السكان.
إنها حملة عسكرية تستهدف الميليشيات وفقا للقانون الدولي وقانون النزاعات المسلحة ونحن نحترم ذلك. أنك تواصلين المقابلة بتكرار الأشياء نفسها…
لم يسبق لك وأن زرت اليمن، ولم تشاهدي الوضع، وليس لديك شهود، وتحاولين أن تقولي شيئاً خاطئاً. وأحاول أن أصحح لك هذا النوع من التصور، كما هو الحال مع أولئك الذين يشاهدوننا.
ما نقوم به في اليمن هو أننا نعمل ضد الميليشيات. أننا على نفس الأساس الذي كنا نعمل عليه مع المجتمع الدولي في التحالف ضد داعش في الموصل والرقة. تعاونت طائراتنا مع قوات التحالف ضد داعش. أننا على نفس الأسس.
لماذا في حالة ما، يعتبرون أن ما نقوم به طبيعي وفي غيرها لا، يقولون إننا نقصف السكان؟
اسمحي لي أن اقول لك شيئاً : انظري إلى ما تفعله الميليشيات في المستشفيات والمدارس والمناطق السكنية وكيف تجعل الظروف صعبة. لكننا نواجه هذا التحدي لأننا بحاجة إلى تحرير الشعب اليمني من هذا الوضع. لا يمكننا الاسْتِسلام لأن هذا سيفتح الباب لحزب الله في اليمن .
*تزامنت الذكرى الثالثة للصراع مع أول زيارة رسمية لمحمد بن سلمان للولايات المتحدة كولي للعهد في المملكة العربية السعودية. كنت معه وتمت مناقشة موضوعات عدة بين مسؤولين سعوديين ونظرائهم في الولايات المتحدة وتحدثتم عن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار في البحرين والمنطقة، ما هي خططكم لتحقيق هذا؟
حسنا، أننا لا نفكر في ذلك بل ننفذه، نعمل على ثلاثة مستويات في المنطقة.
أولا، نواصل مساعدة الدول المستقرة من خلال دعم ميزانيتها، وحكومتها، وقدرتها على الوقوف لمحاربة النشاط الإرهابي في المنطقة.
ثانياً، نحاول الحد من زعزعة الاستقرار ونقوم بذلك في الدول التي ذكرتيها: البحرين ومصر والسودان وغيرها. نحاول الحد من عدم الاستقرار ودعم الحكومات من خلال اقتصادها، ميزانيتها، من أجل إعادة الاستقرار إلى هذه البلدان.
المستوى الثالث: عندما نواجه أزمة كبيرة كما حدث في اليمن – بلد أصبح رهينة لانقلاب – نحاول إحلال السلام والاستقرار. هذا هو ما نقوم به .
دول أخرى خارج الشرق الأوسط تتألم من إيران.
*هل يمكننا تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط بدون إيران؟
عندما تصبح الدول أعضاء في الأمم المتحدة، فإنها تدخل في اتفاق يشمل كل الدول، كل الدول المشاركة، ينص على الامتثال للقانون الدولي.
عندما يريد بلد ما أن يكون جزءاً من هذا المجتمع، لكنه يرفض الامتثال للقانون الدولي والاتفاقيات الدولية ولا يحترم سيادة الدول، تحدث مشكلة. اليوم، هناك بلد في الشرق الأوسط يذكر في دستوره رغبته بتصدير الثورة إلى كل الدول. كانت فرنسا من بين ضحايا النظام الإيراني. ثم جاء دور المملكة المتحدة من خلال الهجوم على سفارتها، ثم استهدف ملهى ليلي في برلين … إذاً، هذه المنطقة ليست الوحيدة في العالم التي تألمت من النظام الايراني.
لسوء الحظ، هؤلاء الأشخاص الذين كانوا يعملون في الميدان هم اليوم وزراء ويتحاورون مع دول مختلفة.
إذاً، ما الذي نناقشه اليوم مع أصدقائنا وشركائنا؟ نقول يجب التحقق من الاتفاق النووي وتصحيحه لأنه يحتوي على اخطاء. ثانياً، نقول إن مجرد التوقيع على اتفاقية لا يعني أنهم أحرار بما يريدون القيام في هذه المنطقة وزعزعة استقرارها. لذلك أخبرنا أصدقائنا، اليوم نحن في الخط الأمامي. غدا ، سيكون دوركم. لذا، فإما أن نعمل معاً لاحتواء هذا النظام على أراضيه، أو أننا سوف نعاني من العواقب، من بين هذه العواقب، هناك اليمن والعراق وسوريا ولبنان.