25.9 C
الجمهورية اليمنية
7:54 مساءً - 21 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

بن دغر .. تاليران رقم ٢

د/ عبدالقادر الجنيد :

أنا لا أعرف أين بن دغر، الآن
لا شيئ مكتوب عن مكان تواجد رئيس وزراء اليمن
هل مازال في سقطرى، حتى تنتهي إشكالية دولة الإمارات

وإن كان مازال في سقطرى، هل هو هناك بإرادته وبغرض أن تستمر المشكلة حية، حتى يوجد لها حل مع كل بقية مشاكل حكومة الشرعية مع التحالف

أم أن رئيس وزراءنا محجوز في سقطرى، عقابا له من الإمارات

أم أنه لا هذا ولا ذاك، لأن مطار وميناء سقطرى قد تم احتلالهما بجنود وقوات مظلات الإمارات، فور وصول رئيس وزراء اليمن إلى إحدى محافظات بلاده

المنظر الذي لا يفارق خيالي، هو منظر بن دغر، وهو مجتمع باللجنة السعودية- قائدة التحالف الداعم للشرعية- التي وصلت لحل إحدى الإشكاليات والمشاكل التي لا تنتهي بين عضوة التحالف دولة الإمارات وبين حكومة ورئاسة الشرعية

الكل متجهم
اليمنيون والسعوديون
والصورة التي تتكرر في كل لقطات التليفزيون، هي منظره وهو يبتسم مع هزة رأس صغيرة

هل كانت حركة قلق ، أم برود، أم ثقة، أم استنكار
المؤكد أنها كانت الوحيدة والغريبة على الجو والمزاج السائد في الغرفة

مزاج التوتر والضيق والتبرم بكل ما يدور في السر والعلن، بكل ما يخص العلاقة بين رئاسة جمهورية اليمن وحكومتها من جهة وبين المملكة السعودية والإمارات من جهة أخرى

الكل متضايق من الكل
والكل يقول الكلام المعسول عن الكل، إلا هذه المرة، انفجر كل القيح المكتوم

الإمارات، أرسلت قوات إلى سقطرى لتؤدب رئيس حكومة اليمن بن دغر

وبن دغر، أصدر بيانا يقول فيه أن الإمارات تنتقص من سيادة اليمن

رئيس حكومة اليمن، ينتقد الإمارات
وكمان بن دغر، بالذات هو الذي ينتقد
بن دغر الذي يبتسم حتى للجني الأزرق، ينتقد
وينتقد من(!) الإمارات

بن دغر، أكاديمي ومتعلم، وابتدأ حياته في مجال الزراعة وترقى حتى وصل إلى أرفع مناصب في جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية، وفي الصفوف الأولى في قيادة الحزب الإشتراكي

وكان بارزا في مجلس الشعب، في دولة الوحدة

وكان أول فرار له من اليمن بعد حرب ١٩٩٤، التي شنها الرئيس السابق صالح على الجنوب

وكان إسمه مدرجا ضمن قائمة ال١٦ ، الذين اتهمهم صالح بالخيانة العظمى وطالب برؤوسهم

يحكي تاليران اليمن رقم ١- عبدالكريم الإرياني- وهو يضحك أنه كان السبب في إدراج بن دغر في القائمة
كانوا قد توصلوا ل١٥ إسما، بينما كانوا قد تورطوا بذكر أن المطلوبين ١٦

وفجأة خطر على بال الدكتور عبدالكريم الإرياني، بأن إسم “بن دغر”، به شيئ لا يعجب الأذن عندما تسمعه

فتم إدراج إسم بن دغر في القائمة

لا تفهموا خطأ، فالدكتور عبدالكريم الإرياني من أعظم رجال الدولة ومن أكثرهم حنكة ودراية

وأستطيع أن أقول أني أعرفه بعض الشيئ، من مناسبات عديدة وقد زرته في بيته أكثر من مرة وزارني في بيتي مرتين
وعبدالكريم الإرياني ، هو أذكى من قابلت وأسرعهم بديهية

وقد كتبت عنه مرة، بأنه تاليران اليمن بعدأن أصبح مستشارا للرئيس هادي.
فهو عابر للعصور، وقد عمل مع القاضي عبدالرحمن الإرياني وابرهيم الحمدي الذي انقلب على الإرياني وصالح الذي انقلب على الحمدي، حتى انتهى به الأمر إلى أن ينضم للشرعية التي انقلب عليها صالح

لنعود لبن دغر
تمر الأيام، فيعود بن دغر ليصبح تاليران ٢ زميلا لتاليران ١، ويصبحان الإثنان من كبار رجال صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام وفي مجلس وزرائه

وتمر الأيام، لينضما معا- تاليرانات اليمن العابران لكل العصور والرئاسات- إلى الجانب الآخر، مع التحالف والشرعية التي أعلن رئيسهما السابق الإنقلاب عليها

وتمر الأيام، ليفقد الرئيس صالح حياته، عندما حاول هو الآخر- بنفسه وشحمه ولحمه- الإنضمام إلى التحالف

وتمر الأيام، وهاهو بن دغر، الذي يقدر على أن يتكيف مع الجن والإنس، لكنه أخيرا لم يقدر على تحمل أو التأقلم مع الإمارات

هاجمته مع حكومته بالحزام الأمني والمجلس الإنتقالي، وطردته من قصر معاشيق الرئاسي في عاصمته عدن

ولا أدري كيف استطاع بن دغر إقناع الإمارات بإعادته لعدن

ولا أدري كيف خرج من عدن ليصل إلى سقطرى، ليجن جنون الإمارات، فترسل إليه الطائرات والمدرعات والجنود وقوات المظلات

كل الذي أدريه، هو أنه إذا لم تستطع دولة الإمارات التعامل مع بن دغر- الذي يستطيع التعامل مع الجن والإنس- فلن تستطيع التعامل مع أحد في اليمن
*
تاليران

Charles Maurice de Talleyrand
خدم في بلاط لويس السادس عشر، ومع الثورة الفرنسية، ومع نابليون، ومع لويس الثامن عشر، ومع لويس فيليب

عبدالقادر الجنيد
٩ مايو ٢٠١٨

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد