هي وسيلة نقل بالأجرة يستخدمها الفقراء في ظل انعدام فرص العمل وانقطاع الرواتب في مدن اليمن، يمتهن كثير من الفقراء توصيل الركاب على دراجاتهم النارية لكسب الرزق، لكنّها مهنة محفوفة بالإصابات الخطيرة أو حتى الموت.
ويعود انتشار الدراجات إلى قدرة الركاب على دفع أجرة نقلها بدلاً من سيارات التاكسي التي تطلب أجرة مرتفعة بسبب ارتفاع سعر الوقود، وكذلك إلى القدرة على الوصول بسرعة إلى المكان المطلوب، مع تخطي صفوف السيارات المزدحمة، حتى لو أدى الأمر إلى استخدام سائق الدراجة رصيف المشاة.
يقول سائق الدراجة “علي لطف” إنّ أفواجاً كبيرة من المنافسين الجدد دخلوا مهنته الخطرة مؤخراً، ما أفقده وزملاءه قيمة الدخل الجيد. ويعلق: “وصل إلى صنعاء عشرات الآلاف من النازحين من مختلف المحافظات، وكثير منهم عملوا في مجالنا، وهم يقبلون بتوصيل الركاب بأقل الأسعار، وهذا الأمر يضعنا في حرج مع أسرنا، إذ انخفض دخلنا بسبب منافستهم القوية”.
إلى ذلك، يجد سعد الضحياني، من نازحي محافظة صعدة في صنعاء، صعوبة في عمله على الدراجة النارية، يقول: “يطلب مني بعض الركاب توصيلهم إلى مناطق لا أعرفها، وأطلب منهم مبالغ منخفضة بسبب جهلي بالمسافة البعيدة للرحلة، لا أصرح لهم بجهلي لأنّهم سيرفضون الصعود معي، لكنني في وسط الطريق أصارحهم بالحقيقة وأطلب منهم توجيهي”.
يشير إلى أنّه يخسر في كثير من الرحلات بسبب ذلك، لكنّه يقول إنّه يتعلم من أخطائه حين يتعرف على المناطق المختلفة.
ويشتهر سائقو الدراجات النارية بعدم التزامهم بإرشادات الأمن والسلامة وعدم تطبيقهم قواعد المرور، وبسبب ذلك ترتفع أعداد الوفيات والإصابات الناجمة عن استخدام الدراجة.
سائق الدراجة رداد محمد وأحد ركابه كانا قد تعرضا لإصابة جراء حادث، مع عدم قدرته على التحكم في الدراجة بسبب سرعته في أحد الشوارع الضيقة وسط مدينة صنعاء العام الماضي، لكنّه سرعان ما استأنف عمله على الدراجة التي كلفه تصليحها الكثير من مدخراته.
يقول محمد: “جرّبت كثيراً من المهن، لكنّها لم تنفع مثل الدراجة التي تؤمّن دخلاً لي رغم ضآلته، راتبي من وظيفتي الحكومية قليل بحدود 30 ألف ريال يمني (نحو 80 دولاراً أميركياً) واشتريت دراجتي بالتقسيط، وما زلت منذ أكثر من عامين أسدد الأقساط، دخل الدراجة أنفقه على احتياجات الأسرة اليومية الهامة”.
عن مخاطر مهنته، يضيف محمد لـ”العربي الجديد”: “لا تجد أسرتي ما تأكله، وتوقفت عن سداد إيجار البيت، بينما ارتفاع الأسعار لا يتوقف، ولهذا تمسّكت بالعمل على الدراجة، بالرغم من علمي بمخاطرها، بحسب ما شاهدت وسمعت عن حوادث قاتلة ووفاة سائقي دراجات كنت أعرفهم”.
واضاف “بدأت أعمل وأسعى لاقتناء الدراجة النارية، وبالرغم من المعارضة الشديدة من زوجتي وخوفها، لكن لا خيار لديّ”.
يشير محمد إلى أنّه غير ملتزم بأيّ من متطلبات السلامة والأمان بسبب الوضع الفوضوي الذي تعيشه كلّ المدن اليمنية والتدهور المالي لجميع السكان.
يلفت إلى أنّ إدارة المرور كانت تطلب من السائقين تقنين دراجاتهم ووضع لوحات لها، للسيطرة على مخالفاتهم التي تكون غالبيتها في زيادة السرعة أو العبور الخاطئ أو عدم وضع الخوذة على الرأس.
لكنّ الوضع الحالي منذ اندلاع الحرب في عدد من المدن اليمنية، تسبب بنشر الفوضى في كلّ شيء، لا سيما بالنسبة لنظام السير.
وكان تقرير رسمي قد أكد وفاة 19 شخصاً من مستخدمي الدراجات النارية وإصابة 74 آخرين في 69 حادث سير وقعت في عدد من محافظات الجمهورية، خلال شهر مايو/أيار الماضي فقط.
من جهتها استخدمت جماعات مسلحة الدراجات النارية لاغتيال عشرات من الضباط العسكريين أو الشخصيات الحكومية الرفيعة في عدد من المدن اليمنية، بسبب قدرتها العالية على الفرار وعدم معرفة ملكيتها، وهو ما يؤثر كثيراً في عمل تاكسي الدراجات النارية، بعدما نفّذت السلطات عدة حملات لاحتجاز أيّ دراجة نارية تمر في الشارع من دون لوحة.
وجرى إيداع آلاف الدراجات المحتجزة في منطقة حكومية مفتوحة تحت الشمس لتتلف بفعل الحرارة. في الوقت نفسه، يضطر سائقو الدراجات تبعاً لذلك إلى إخفاء دراجاتهم وإمضاء أيام وربما أسابيع من دون عمل.
حول إجراءات السلامة، يؤكد شرطي المرور أحمد الحمادي لـ”العربي الجديد” أنّ ضوابط السلامة تكاد تكون معدومة، بسبب جهل سائقي الدراجات بها.
يضيف: “ملاّك الدراجات يعتمرون خوذات عمال البناء أثناء عملهم، وهي خوذات عير ملائمة لهم ولا توفر لهم أدنى معايير السلامة، لكنّ فقرهم يجعلهم يضعونها”.
*العربي الجديد