محمد جميح:
كثير من المنشورات للأسف الشديد تثير النعرات المناطقية، وتختصر الخلاف على أساس أنه صراع بين “السهل والجبل”، أو أنه خلاف بين “الهضبة” من جهة وباقي الجغرافيا اليمنية من جهة أخرى. هذا تبسيط مخل كحال من يظن في الشرعية أن القتال هو ضد المجوس، أو كحال الحوثي الذي يدعي قتال التكفيريين والدواعش. كل تلك تنميطات مغلوطة ومشوهة.
لا تضيعوا البوصلة، يجب أن يكون الصراع على أسس وطنية بعيداً عن التنميطات الطائفية والمناطقية، ولا يجوز أن ينظر له على أساس أنه صراع لنصرة عمر على علي، كما أنه بالتأكيد ليس نصرة للحسين ضد يزيد، وهو كذلك ليس صراعاً مع “الهضبة”، ولكنه مع منظومة متكاملة يشترك في سلبياتها السهل والجبل، ويخوض صراعها الوطني مكونات من السهل والجبل كذلك، وفي إطار سياسي لا ديني ولا مناطقي، وإن تزيا بهذا الزي كذلك. على الذين يسيئون لـ”هضبة” اليمن، ويختصرونها في “جماعة عبدالملك” أن يعرفوا أن الهضبة أوسع من عمامة بدرالدين أو جمجمة نجله حسين.
أما الذين يزايدون بعلومهم ومعارفهم وتقدمهم على “الهضبة”، وينعتون أبناءها بالنعوت المشينة من مثل “مبردق، وأبو قعشة” وغيرها من النعوت المنفتحة على دلالات الجهل والتخلف، على هؤلاء أن يعرفوا أن اليمن الثقافي-على سبيل المثال- معروف في الخارج بعدد من المثقفين والشعراء، وعلى رأسهم البردوني والمقالح، والأول من ذمار فيما الثاني من إب. نعم هناك صراع حقيقي يدور، لكن الصراع يجب أن يكون على أسس، فحتى الحروب لها أخلاقيات وضوابط.
وإذا كان الحوثيون في معظمهم من مناطق معينة، وإذا كانت مراكز القوى في النظام السابق من المناطق ذاتها، فهذا لا يعني تعميم مساوئ الانقلابيين على أبناء تلك المناطق، كما أن أخطاء وفساد بعض مسؤولي الشرعية لا يعم أبناء المناطق التي تسيطر عليها نظرياً.
ليرتق خطابنا، ولتكن المعركة الإعلامية مصوبة ضد الأفعال لا الأشخاص، ضد السياسات لا الهيئات، ضد السلبيات من أي جهة أتت، أو أي مكون صدرت.
ومهما يكن فهذه من وجهة نظري هي “حرب
الإخوة”، أقولها وأنا على يقين من أنها كذلك، والإخوة قد يحتربون، وقد تكون حروبهم قاسية، لكنهم في نهاية المطاف يصطلحون، وتندمل جراح الحروب، غير أن جراح الحروف تبقى دامية فترة أطول.
أخيراً: لا يجوز أن نقول إن الحوثيين مثلاً عنصريون، ثم نواجههم بنعوت تكشف عن محتويات عصبوية لا تختلف عن أفكار بدرالدين في التميز والاصطفاء الإلهي.