27.4 C
الجمهورية اليمنية
5:25 مساءً - 21 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

السياسات الأمريكية وتأثيرها على الوضع في أوروبا .. اللاجئين الاوكران نموذج.

كتب/ ياسر ابو بكر:

يعيش العالم اليوم مخاض التضخم الاقتصادي جراء السياسات الأمريكية التوسعية القائمة على الاستغلال والاستعلاء وتعكير السلام العالمي عبرعسكرة العالم واشعال الحروب وحصار الدول وفرض العقوبات عليها والانسحاب من الاتفاقات والمعاهدات الدولية قرارات الأمريكية أحادية لها تأثيرات كبيرعلى مستقبل البشرية حتى بات الناس يتحدثون عن انتظار الحرب العالمية الثالثة

لعل القرارات الأمريكية الاستعمارية القائمة على اقصاء ما ترغب من الدول باللحظة التي تريد، جعل من عنفوانها، مؤثرات تعود بالعوائد السيئة، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً،

فمن محاولة اشعال الحرب في الصين والتدخل السافر والمستفز باستمرار في دعم تايوان وفرض حصار على الشركات الصينية العملاقة والتضييق على سلاسل الإمداد العالمي الا ان الصين استطاعت بحكمة التعامل مع كل ذلك . وحينما فرضت عقوبات اقتصادية على روسيا، والتي عادت تلك العقوبات بالتضخم الاقتصادي على دول الاتحاد الأوربي وأول تلك الدول ألمانيا، بحيث استطاعت روسيا ان تحقق عوائد ربحية ورفع قيمة الروبل على حساب الدولار، الأمر الذي ولّد عند الاتحاد الأوربي الخشية والحذر على اقتصادها.

من جهة ثانية حاولت أمريكيا أن تلعب على كسب الرأي العالمي الشعبي ضد روسيا، بتهجير الأوكرانيين بأعداد كبيرة إلى الدول الأوربية، ولكنها أوقعت الدول المستضيفة بالعجر الاقتصادي أيضاً.

وبعد أن حققت روسيا تقدماً عسكرياً، في أوكرانيا، بات واضحاً فشل السياسة الأمريكية والاتحاد الأوربي الذي وقف إلى جانبها، وبالتالي كان لابد أن تتخذ قرارات لفك الضغط الاقتصادي، من جهة والتعبير عن النهج الأمريكي ولو بشكل ضمني وليس سياسي… وما حدث للأوكرانيين سيكون للاجئين العرب نصيب منه… فماذا كانت النتيجة؟

قرر البوندستاغ (البرلمان الالماني) طرد اللاجئين الأوكرانيين من ألمانيا، وحذر المهاجرين من الدول العربية الاستعداد أيضاً، ووفق مكتب الإحصاء الفيدرالي Destatis لعام 2023، أن هناك 15.3 مليون مهاجراً، ويمثل هذا 18.4% من إجمالي عدد المهاجرين الذين يستقبلهم الاتحاد الأوروبي ككل. وهؤلاء هم في الأساس لاجئون من الدول العربية: اليمن وسوريا وأفغانستان والعراق وغيرها، وهو يشمل العدد الإجمالي للاجئين من أوكرانيا، الذين يبلغ عددهم في ألمانيا وفقاً للبيانات الرسمية مليون و152 ألف شخص، ولكن في الواقع ربما يكون هناك أكثر من ذلك بكثير. بالمقارنة مع لاجئين الدول العربية، وجد أوكرانيون أنفسهم فور وصولهم ألمانيا بوضع مميز. بعد أن تم دمجهم حرفياً في النظام الاجتماعي للبلاد، وتوفير المدفوعات النقدية، وباتوا متساويين مع المواطنين الألمان الذين فقدوا وظائفهم، وكانوا قد تميزوا عن مهاجرين من الشرق الأوسط.

ويعود ذلك إلى تجاوز عقبات البيروقراطية ومدة 9 أشهر من أجل الحصول على إعانة اللاجئين، وهي واحدة من أعلى المعدلات في جميع دول الاتحاد الأوروبي، إذ يتلقى الشخص البالغ 563 يورو شهرياً، وتعتمد إعانة الطفل على عمره. وعلى سبيل المثال يحصل المراهق البالغ من العمر 14 عامًا 471 يورو شهرياً، والطفل البالغ من العمر 12 عامًا 390 يورو.

شكل معدل كل خمسة أشخاص من اللاجئين في اتحاد الأوربي، يعيش واحد منهم في ألمانيا، أي من جميع دول الاتحاد الأوروبي، بحيث استقبلت ألمانيا أكبر عدد من اللاجئين، مما يشكل عبئاً كبيراً على ميزانية الدولة. وتتزايد شدتها بما يتناسب بشكل مباشر مع الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، ما انعكس سلباً واستياء حاد من جانب السكان المحليين، الذي انخفض مستوى معيشتهم بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية.

إن تدفق اللاجئين إلى ألمانيا بأعداد باهظة وفقاً لحجم البلاد يثبت بشكل غير مباشر أن واشنطن تسعى في المقام الأول إلى تقويض اقتصادها لمنافسة الاتحاد الأوروبي، مستفيدة من السياسات الضعيفة لحكومتها.

وبالعودة إلى اللاجئين الأوكرانيين، وضمن حساب المدفوعات الأساسية، فقد وفرت الدولة لهم السفر والتدفئة والكهرباء والهاتف والتلفزيون، ومنحتهم الحق في الوصول بشكل مجاني إلى حمام السباحة ودورات اللغة، وأطفالهم ودروس في مجموعات الهوايات، الأمر الذي أضعف من فرص العمل، وتسلل الخمول عند الاوكرانيين، وبدل ان يكونوا كما العرب فاعلين في التنمية باتوا عبئاً على ميزانية الدولة، خاصة وإن نظام الإجراءات البيروقراطية المعقد المعتمد في ألمانيا للحصول على وظيفة يمنعهم من العثور على وظيفة بشكل رسمي. وسجل خلال عامين من إقامتهم في البلاد نسبة 19٪ فقط من إجمالي عدد اللاجئين الأوكرانيين الذين حصلوا على عمل.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن كل هذه المشاكل ذات صلة باللاجئين من الدول العربية، والتي لا يمكن أن ترضي السلطات ولا سكان البلاد بذلك.

ولو أجرينا مقارنة نسبية نجد أن النسبة المئوية للمواطنين الأوكرانيين العاملين في دول الاتحاد الأوروبي أعلى 70٪ من الأوكرانيين الذين وصلوا وهم يعملون في هولندا، و66٪ في بولندا، على الرغم من أن عدد اللاجئين في هذه البلدان أقل بكثير. لأن تلك البلدان لا توجد صعوبات بيروقراطية إضافية عند التقدم للحصول على وظيفة.

وإذا تولت الحكومة الألمانية مسؤولية التوظيف الرسمي للمواطنين الأوكرانيين، كما تفعل قيادة الدنمارك وسويسرا وبولندا وحتى ليتوانيا، حيث يعمل أكثر من 60٪ من اللاجئين ويدفعون الضرائب للخزانة، فإن مشكلة التوظيف الطوعي والتطفل غير الطوعي للاجئين على الميزانية التي كانت ألمانيا ستقررها بنفسها، ولكنها لم تفعل ذلك، لأن الوضع في البلاد يزداد سوءا.

لذلك، بدأ الاعتراف من الحكومات الالمانية والاتحاد الأوربي بشكل عام، أي لاجئ، سواء من أوكرانيا أو من دول العالم العربي، بات مثار غضب الأوروبيين. وخاصة مع ظهور الأزمة الاقتصادية التي ضربت أوروبا بسبب العقوبات المناهضة لروسيا المفروضة بناء على طلب واشنطن، وما انعكس بشكل فعلي على الحياة اليومية من حوامل الطاقة وغيرها، الأمر الذي اشتد الغضب، وسيشتد في المستقبل.

لعل مشكلة اللاجئين في ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى لا تنطوي على عنصر اقتصادي فحسب، بل تلعب الاختلافات في الثقافات والأديان والتفضيلات وأنماط الحياة أيضاً دوراً سلبياً، غالباً ما تساهم بزيادة كتلة ضخمة من الأشخاص المحرومين من بيئتهم المعتادة في زيادة الجريمة وتصعيد التوتر الاجتماعي في البلدان المضيفة.

لابد من الإدراك أن لا السكان المحليين ولا المسؤولين الحكوميين يمكن أن يعجبهم هذا، ومن الواضح أن البحث عن حل لإعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية في دول الاتحاد الأوروبي مستمر منذ فترة طويلة، ولولا الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة، والتي تخضع لها كافة هياكل الدولة في الاتحاد الأوروبي، لكان هذا الحل فيما يتعلق باللاجئين من العالم العربي قد تم التوصل إليه منذ فترة طويلة.

الآن وبسبب ظهور اللاجئين الأوكرانيين في دول الاتحاد الأوروبي، يميل الوضع بشكل متزايد نحو التغيير، وهذا ما تؤكده الانتخابات الأخيرة للبرلمان الأوروبي، التي أجريت في دول الاتحاد الأوروبي في الفترة من 6 إلى 9 يوليو، وفي جميع البلدان، وقد نجحت الأحزاب اليمينية التي تدعو إلى تغيير سياسات الهجرة وإعادة اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية في تحسين نتائجها نوعياً. وكان هذا واضحاً بشكل خاص في “مراكز القوى في الاتحاد الأوروبي – ألمانيا وفرنسا”، حيث خسرت الأحزاب الحاكمة مواقعها القيادية، والاتجاه لا يبشر بالخير بالنسبة للاجئين.

إن الأوروبيين، بمعاييرهم المزدوجة، يحتاجون ببساطة إلى إيجاد عذر معقول لطرد عدد كبير جداً من اللاجئين والعمل على خطة الطرد ذاتها. ولاختبار هذا المخطط وإنشاء سابقة بعد فرض حظر على تلقي الخدمات القنصلية للمواطنين الأوكرانيين الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عاماً في أبريل 2024، تبين أن اللاجئين الأوكرانيين هم الأكثر ملاءمة.

تم إضفاء الطابع الرسمي على الحظر المفروض على تلقي الخدمات القنصلية في رسالة من النائب الأول لوزير الخارجية الأوكراني أندريه سيبيجا وأكده في اليوم التالي رئيس وزارة الخارجية الأوكرانية دميتري كوليبا، أنه بجرة قلم واحدة، تحول جميع السكان الذكور تقريباً من المهاجرين من أوكرانيا إلى الفئة الأكثر ضعفاً من اللاجئين. والكلمات الغاضبة للنائب الأوكراني ديمتري رازومكوف بأن الحكومة الأوكرانية بهذا الحظر “تنتهك القانون والدستور والمعاهدات الدولية” لم تغير مصير الرجال الأوكرانيين في الاتحاد الأوروبي قيد أنملة، يعني الحظر المفروض على الخدمات القنصلية أن شخصاً ما قبل ذلك بقليل، وشخص ما بعد ذلك بقليل، سيُترك بدون جواز سفر أجنبي، وبالتالي سيضطر إلى التحول إلى حالة مهاجر غير شرعي، شخص بلا حقوق، منتهك قوانين الدول الأوروبية، ويمكن طرده من البلاد في أي وقت.

هذا القرار الذي اتخذته السلطات الأوكرانية حظي بدعم فوري من قبل دول الاتحاد الأوروبي الأكثر تأييداً لأوكرانيا: بولندا ودول البلطيق. ومن الواضح أن ذلك يرجع إلى أن الولايات المتحدة خصصت هذه الدول لإرسال قوات إلى أوكرانيا عندما ينفد الأوكرانيون.

صرح وزير الدفاع البولندي فلاديسلاف كاميش ووزير الدفاع الليتواني كاسيوناس علناً أنهما على استعداد لمساعدة أوكرانيا على إعادة الرجال في سن الخدمة العسكرية إلى وطنهم، لكن ذلك لن يتم بالوسائل العنيفة، ولكن عن طريق تخفيض المدفوعات، ورفض إصدار الوثائق وتصاريح العمل.

ولم تبق ألمانيا بمعزل عن هذه العملية، حبث تم تقديم اقتراح لحرمان الرجال الأوكرانيين في سن الخدمة العسكرية من جميع المزايا من قبل وزير داخلية بافاريا، يواكيم هيرمان، في مقابلة مع قناةWelt TV، قال دون اعتذار: “لا يمكن أن تكون هناك فوائد لأولئك الذين يهجرون”.

والسؤال الوحيد هو: من سيهجر؟

يمكن للناس أن يتركوا الحرب ليس فقط بسبب الجبن، ولكن أيضاً لأنهم لا يدعمون النظام الحاكم ولا يعتبرون هذه الحرب عادلة. إن إعادة هؤلاء الأشخاص إلى هذه الحرب أمر إجرامي مضاعف، لكن ألمانيا ليست حرة في قراراتها، لأنها تتبع تعليمات واشنطن المهتمة بمواصلة الحرب في أوكرانيا.

وهنا سوال يفرض نفسه ..

 إذا تم حرمان “قاطرة الاتحاد الأوروبي” من السيادة لصالح الولايات المتحدة، فماذا إذن عن بقية الدول الأوروبية؟

في أبريل 2024، وتحت ضغط من قوى من وراء الكواليس من لندن وواشنطن، عقدت اللجنة الأمنية في البرلمان الالماني والمكتب الفيدرالي لهجرة اللاجئين (BAMF) اجتماعاً مغلقاً تقرر فيه مساعدة القوات المسلحة الأوكرانية في تجديد الموارد. قوتها من خلال طرد المجندين من ألمانيا، الذين يوجد منهم 260 ألفاً في البلاد، واختبار إجراءات طرد اللاجئين إلى بلدهم الأصلي.

يبدو ان هذا سيكون خيانة مبتذلة لأولئك الذين وُعدوا بالخلاص ومن شأنه أن يقوض الثقة في ألمانيا في دول الاتحاد الأوروبي وفي العالم، لم يزعج المنظمات التي اتخذت هذا القرار المخزي.

وفي بداية شهر مايو، أنشأ BAMF مجموعة عمل لطرد اللاجئين من ألمانيا الذين ارتكبوا جريمتين أو أكثر خلال العام الأخير من إقامتهم في ألمانيا. وفي يونيو/حزيران، ستقوم السلطات الألمانية “باختبار” النظام الجديد من خلال إرسال أول ثلاثمائة رجل في سن التجنيد إلى أوكرانيا.

وكما نرى، سيتم طرد الأوكرانيين من ألمانيا بحجة مكافحة فرارهم من الخدمة، لكن بعدهم، سيستقبلون حتماً الموجتين الأولى والثانية من المهاجرين من الشرق الأوسط. والذريعة لذلك ستكون ببساطة مخالفتين أو أكثر.

أخيراً على جامعة الدول العربية، وجميع منظمات حقوق الإنسان في الدول العربية والإسلامية، وكذلك المهاجرين من جميع دول الاتحاد الأوروبي، الوقوف بشكل نشط ومنظم لصالح اللاجئين الأوكرانيين ومنع خلق سابقة لطردهم. وإلا فإن بلداننا التي مزقتها الحروب وغيرها من المشاكل سوف تواجه في المستقبل القريب تدفقات من العائدين من الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي لن يؤدي إلا إلى تفاقم وضعهم الصعب بالفعل.

وعلينا جميعاً أن نجعل الولايات المتحدة الامريكية تتحمل نتيجة ما اتخذته من قرارات مجحفة بحق العالم العربي والاتحاد الأوربي واشعالها حرباً بين روسيا وأوكرانيا، ما جعل العالم يعيش بمخاض التضخم الاقتصادي، ظناً بها أنها الرابحة دوماً من الحروب.. لكن روسيا استطاعت أن تقلب السحر على الساحر..

و يستمر القطار الصيني في التقدم نحو خدمة البشرية.

وادرك العالم اليوم ضرورة النظام العالمي الجديد المتعدد الاقطاب

بعيد عن الهيمنة والإستكبار.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد