27.6 C
الجمهورية اليمنية
9:42 صباحًا - 5 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

صنعاء بين المزار الشيعي وكذبة ولاية علي بن أبي طالب عليها (الحلقة الخامسة)

توفيق السامعي:

مبعث علي بن أبي طالب

عقب قفول خالد بن الوليد إلى المدينة، بعث النبي -صلى الله عليه وسلم- علي بن أبي طالب إلى نجران، كما عند المؤرخين، وذلك في رمضان سنة عشر للهجرة، على صدقاتهم وجزيتهم؛ أي إنه جاء فقط لقبض الصدقة والجزية، وليس ليدعوهم إلى الإسلام؛ فقد كانوا أسلموا مع خالد، وبعد قبض الصدقات أمره أن يوافيه إلى الحج.

هنا ظهرت الرواية التي تقول إن اليمن أسلمت كلها في يوم واحد مع علي ظهرت مضطربة؛ فاليمن لم تكن قرية واحدة، ولا مدينة واحدة، حتى يأتيها علي أو كتاب النبي فيسلموا عن بكرة أبيهم في يوم واحد وفي موقف ومشهد واحد، كما تقول رواية منسوبة لعلي. فقد رأينا كيف مكث فيهم خالد يدعوهم إلى الإسلام فأسلموا، وأثبت ذلك في رسالة ممهورة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما أوردناها آنفاً، ورد النبي على ذلك برسالة إلى خالد يطلب إليه الرجوع بعد استتباب الأمر هناك.

فقد كانت اليمن مدناً متعددة، ومراكز حضارية وليس مجرد تجمعات بسيطة، أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولاة إليها أشهرهم أربعة ولاة؛ معاذ بن جبل على الجند، ويعلي بن أمية على صنعاء (في بعض السلسلات)، وزياد بن لبيد البياضي على حضرموت، وأبو موسى الأشعري إلى تهامة. وكان هؤلاء الولاة في السنة التاسعة للهجرة، وقد تم تكليف معاذ بن جبل وأبو موسى وبعثهما إلى الجند قبلهم جميعاً في نهاية السنة الثامنة للهجرة، لكن وصوله كان في السنة التاسعة، كما تقول بعض الروايات، سنتطرق لها لاحقاً بالتفصيل.

وكذلك فإن نفس الرواية المنسوبة إلى علي قالت في بدايتها إنه بعث لقبض الصدقة والجزية تحديداً؛ يعني المهمة قبض الصدقة لا دعوة إلى الإسلام.

وكل الروايات التي تتحدث عن زيارة علي لليمن تقول إنما زار نجران وهمدان فقط (نجران وصعدة والجوف). هناك قول واحد فقط لزيارة علي إلى صنعاء، وهو قول الجندي السكسكي وأخذ عنه متأخراً بعده بقرون ابن الديبع الشيباني، والرواية لا أساس لها ولم تثبت بدليل قاطع كما في مراسلات النبي لخالد بن الوليد وعلي بن أبي طالب نفسه، سنوردها لاحقاً.

وهذا أيضاً ما ثبت من خلال شاهد عيان ممن كان مع علي بن أبي طالب حين ذهب لحصر الزكاة، وهو البراء بن عازب، رغم اضطراب الرواية التي يذكر فيها الشيء ونقيضه؛ فقد ذكر أن علياً صلى الصبح بهم جماعة صفاً صفاً بهم ثم قال دعاهم للإسلام فأسلموا كلهم في يوم واحد!

قال البراء: كنت فيمن عقّب معه [يقصد علياً عقب معه على الصدقات]، فلما انتهينا إلى أوائل اليمن، بلغ القوم الخبر، فجمعوا له، فصلى بنا علي الفجر، فلما فرغ صفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأسلمت همدان كلها في يوم واحد، وكتب بذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما قرأ كتابه خر ساجداً، ثم جلس، فقال: السلام على همدان، السلام على همدان، ثم تتابع أهل اليمن على الإسلام!

وانظر إلى قوله: فلما انتهينا إلى أوائل اليمن؛ فأوائل اليمن من ناحية مكة والصحراء الشرقية كانت نجران، وهمدان التي هي صعدة والجوف، وليس همدان صنعاء كما يتوهم البعض.

فمن هذا التوهم دخل الشيعة ودخلت الإمامة للقول بزيارة علي صنعاء، وليس صحيحاً البتة، والمراسلة بين النبي وخالد واضحة، والطبري هنا لم يذكر نص الرسالة بين علي والنبي كما ذكرت بين خالد والنبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي واضحة وضوح الشمس في إتيان علي لقبض الصدقات فقط، وهي كذلك عند البخاري ومسلم، والسبب الرئيس في خلاف بعض الوفد من الصحابة على علي والتكلم فيه أمثال بريدة، مما جعل الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول مقالة تجبر خاطره في يوم خم بعد حجة الوداع، والتي اتخذها الشيعة والإمامة دليلاً على الولاية، بينما هي لكلمات محدودة لم يشر إليه فيها بأية كلمة أو نص.

وبمراجعة كثير من الأحاديث التي ذكرت مبعث علي إلى اليمن، وجدنا أنها ضعيفة، أو حسنة لغيرها، كما ذكر مخرجوها، وذلك مثل الحديث في مسند الإمام أحمد، عن علي قال: “بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية للأسد، فبينا هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر، ثم تعلق رجل بآخر، حتى صاروا فيها أربعة، فجرحهم الأسد…”…إلخ

وكذلك حديث رواية النسائي في السنن الكبرى ج 5/ص 133 قال: “أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، عن بن فضيل، عن الأجلح، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه، قال: “بعثنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن مع خالد بن الوليد، وبعث علياً على جيش آخر، وقال إن التقيتما فعلي على الناس، وإن تفرقتما فكل واحد منكما على حدته، فلقينا بني زُبَيد من أهل اليمن، وظهر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة، وسبينا الذرية، فاصطفى علي جارية لنفسه من السبي، فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمرني أن أنال منه، قال فدفعت الكتاب إليه ونلت من علي، فتغير وجه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: هذا مكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني بطاعته، فبلغت ما أرسلت به، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا تقعن يا بريدة في علي فإن علياً مني وأنا منه، وهذا وليكم بعدي”.

 أولا: قلت (عبدالله السقاف): محمد بن فضيل ثقة من رجال الصحيحين إلا أنه نسب إلى التشيع، وعلى ذلك نتوقف في روايته هذه لأنها مما تؤيد بدعته ومذهبه، والأمر في ذلك معروف عند أهل الحديث . وقد تم إدخال (وليكم بعدي) على الحديث من باب التزوير الشيعي، وإلا فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لم يشر لأحد بعده بالولاية.

كما جاء أيضاً في الحديث.. حدثنا أسود بن عامر، حدثنا شريك، عن سماك، عن حنش، عن علي قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اليمن، قال: فقلت: يارسول الله، تبعثني إلى قوم أسن مني وأنا حدث لا أبصر القضاء؟ قال: فوضع يده على صدري، وقال: “اللهم ثبت لسانه، واهد قلبه. ياعلي..إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول، فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء”. قال فما اختلف علي قضاء بعد، أو ما أشكل علي قضاء بعد”

وانظروا إلى ألفاظ الحديث، رغم اضطرابه عند الرواة؛ فمرة يرد أنه شارك خالداً في إمرة الجيش، ومرة أنه أرسل بعد قفول خالد لتخميس الأخماس فقط، ومرة يقال إنه بعث قاضياً، ومرة أرسل غازياً…إلخ.

كما إن لفظ الحديث يدل على ضعفه، فهو يقول إنه حدث، رغم أنه بلغ الثالثة والثلاثين من عمره أو يزيد قليلاً في تلك اللحظة؛ فقد تزوج فاطمة وعمره خمسة وعشرون عاماً، في السنة الثانية للهجرة، وأرسل لقبض الصدقات في السنة العاشرة للهجرة، وحينها يصير عمره ثلاثة وثلاثين عاماً، فلا يكون الحدث بهذا السن، وإنما يسمى بالحدث من كان عمره دون الخامسة عشرة من العمر.

…….يتبع

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد