د/ عبد القادر الجنيد:
هذا الموضوع، هو عن صناعة القرار الأمريكي بشأن اليمن في إدارة بايدن
**
أولا: آريين طباطبايى
**
١- عين الرئيس جو بايدن الأكاديمية الإيرانية آريين طباطبايى Ariane TabTabai كمستشارة بشأن الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأمريكية.
وعملية البحث عنها في التويتر والويكيبيديا والصحف، توضح أنها ذكية وألمعية ومعروفة جيدا في الأوساط الأكاديمية الأمريكية وأوساط صناعة الرأي العام الأمريكي وأوساط وضع الاستشارات للسياسيين وأعضاء الكونجرس وأوساط مراكز رسم السياسات الرسمية لصانع القرار الأمريكي.
الآن- بهذا التعيين- يكون الرئيس بايدن قد وضعها في مركز اتخاذ القرار الأمريكي بشأن الشرق الأوسط.
اليمن وإيران، يضعها الأمريكان في الشرق الأوسط.
هذا يعني بأن هذه الأكاديمية الذكية، سيكون لها دور في إتخاذ القرارات الأمريكية بشأن اليمن وإيران.
صيغة العمل هذه بين الثلاثة، هل هي تشاورية ،أو توزيع مهمات وأعمال، أو أنها ستكون رئيستهما داخل وزارة الخارجية الأمريكية؟
أيا كانت صيغة العمل هذه، فإن آريين طباطبايى، أذكى من الرجلين وتفهم أحسن منهما، وبرأسها أشياء أخطر مما في رأسيهما معا.
ما هي عواقب تعيين إيرانية – حتى ولو قد تجنست- في موقع صناعة وإتخاذ قرار أمريكا بشأن اليمن وإيران؟
وهي تحمل رسالة دكتوراة من جامعة أمريكية عن إيران، وقد شكرت بعض ملالي إيران على مساعدتها.
والدها- جواد طباطبايى- مازال يعمل كبروفيسور مرموق وشهير في جامعة إيرانية.
تعرض تعيين طباطبايى في هذا المنصب الخطير لحملة انتقاد واسعة من قبل أوساط الحزب الجمهوري وأوساط اليهود الأمريكيين وأوساط اسرائيل، من باب أن هذا مؤشر بأن الحكومة الأمريكية سترضخ للممارسات الإيرانية التوسعية في المنطقة.
يبدو بأن العرب، لم يعرفوا حتى بأمر هذا التعيين وربما قد عرفوا ولكنهم لم يذكروه لا من قريب ولا من بعيد.
**
ثانيا: مواقف طباطبايى المعلنة
**
أ- أدانت حظر إدارة ترامب لجواد ظريف من زيارة أمريكا
ب- تمدح الحرس الثوري الإيراني
ج- أدانت اغتيال قاسم سليماني
د- التمست العذر لإيران في حادثة ومأساة إسقاط الطائرة الأوكرانية بصاروخ إيراني أثناء إقلاعها من مطار طهران.
هـ- أدانت بكل قوة حركة الاحتجاجات المدنية لشباب الجامعات الإيرانية ضد نظام الملالي في ٢٠١٩ التي أعقبت حادثة الطائرة.
و- تقول في أحاديثها بأن إيران قد صمدت ٤١ سنة أمام العداء الأمريكي، وأن الولايات المتحدة يجب أن تتعامل معها على أساس أن من حقها أن يكون لها نفوذ في المنطقة.
هذا يعني أن يكون استيلاء إيران على أربعة دول عربية، هو الأمر الواقع الجديد في المنطقة.
**
ثالثا: تعيين ليدركنج ومالي
**
أصدر انتوني بلينكن وزير الخارجية والرئيس بايدن تعيينان آخران
•تيم ليدركنج، مفوض أمريكا بشأن اليمن
•روبرت مالي، مفوض أمريكا بشأن إيران
هذا يعني أنهما سيعملان مع آريين طباطبايى، ليرسموا كلهم الخطط بشأن اليمن وشأن إيران.
هل ستكون طباطبايى هي رئيستهم في العمل؟
أم أنها ستكون علاقة زمالة عمل في نفس الموضوع وتبادل آراء وأفكار وتوزيع أعمال؟
أيا كان الأمر، فإن طباطبايى، ستقرر أمورا عملية وستصنع سياسات أمريكا بشأن اليمن وشأن إيران.
**
رابعا: الاختراق الإيراني الناعم لأمريكا
**
آريين طباطبايى، هي نموذج لاختراق النخب الفكرية والأكاديمية (الانتيللجنتسيا) الإيرانية للجامعات ومراكز التفكير والصحف ومواقع صناعة الرأي العام.
وهم يؤثرون على رسم سياسات أمريكا.
هؤلاء، هم المسؤولون عن تمرير فكرة أن هناك حمائم وصقور، ومعتدلون ومتشددون بين ملالي إيران.
هؤلاء، معهم علاقات بالحكومة الإيرانية وخاصة جواد ظريف.
هؤلاء، لهم علاقات وطيدة بالحزب الديموقراطي الأمريكي.
هؤلاء، معهم علاقات زمالة عمل وتشاور مع مجموعة الأزمات الدولية ورئيسها السابق روبرت مالي، الذي انتقل إلى وزارة الخارجية كمبعوث أمريكي لإيران.
مجموعة الأزمات الدولية، هي التي استولت على السياسة الأمريكية بشأن اليمن.
هؤلاء، لهم علاقات ممتازة بصفتهم ألمعيات ذهنية وفكرية وأكاديمية ومهنية باليسار الأمريكي.
هؤلاء، جزء من الماكينة الإيرانية التي لها دور في توصيل الناشطين الحوثيين المقيمين في أمريكا باليسار الأمريكي، والجمعيات الحقوقية المرموقة، وتوصيلهم لأن يكونوا من شخصيات العام في مجلة التايم ولتسمية منظماتهم للترشيح لجائزة نوبل للسلام.
**
خامسا: الدخول إلى رأس طباطبايى
**
إذا كنت إيرانيا ذكيا، وتؤيد نظام الملالي، وعندك الحس بالوطنية الإيرانية، وبالتاريخ الامبراطوري لفارس، وعن علاقة إيران بالعرب المعقدة المتشابكة المليئة بما يجمع وبما يفرق ويصل إلى حد العداوة الشديدة والكراهية والبغضاء، والرغبة بالانتقام لأشياء ولهزائم قبل ١٤ قرن وحتى أيام صواريخ صدام التي وصلت إلى طهران.
الانتقام من العراق، وصل إلى البحث عن كل طيار عراقي مسن وقتله وقد وصل إلى توطين مليون إيراني في البصرة، التي لم يعد أحد يتكلم باللغة العربية داخلها.
الانتقام مما حدث قبل ١٤ قرن، مازال مستمرا وقد وصل للاستيلاء على أربعة دول عربية، وعينهم على الخامسة التي بدأ بداخلها كل شيئ في المدينة ومكة المكرمة.
إدخل في رأس آريين طباطبايى، وهي في مكتبها في وزارة خارجية أمريكا، وتخيل ما الذي ستقرره بشأن إيران ودورها مع الحوثي في اليمن، وما تريده طهران من السعودية.
**
سادسا: إدخل في رأس جواد ظريف
**
جواد ظريف، خريج أمريكا وإبنه ولد في أمريكا وجنسيته أمريكية ويعيش في أمريكا، وهو على علاقة وطيدة بجون كيري وزير الخارجية أيام أوباما، وعلى تواصل وتنسيق مع النخب الإيرانية البارزة داخل أمريكا، ويستطيع أن يبهر المذيعين الأمريكيين عندما يستضيفونه في برامجهم بالرغم من أن كل ما يقوله هو مجرد سفسطائية وتلاعب بالكلمات.
جواد ظريف، هو أشطر واحد في العالم- وليس في إيران وحدها- يتلاعب بأمريكا.
جواد ظريف، ومعه الحرس الثوري الإيراني، قد عجَّزوا أمريكا في العراق وسوريا ولبنان.
لا أحد الآن، يتكلم عن السيطرة العسكرية والسياسية للحشد الشعبي الشيعي على العراق، ولا عن السيطرة العسكرية والسياسية لحزب الله الشيعي على لبنان.
وهدفه هو أن يصل إلى إقرار وتسليم أمريكا بشرعية السيطرة العسكرية والسياسية للحركة الحوثية المذهبية الطائفية المناطقية على اليمن.
لا بد وأن جواد ظريف، مبسوط الآن من تعيين آريين طباطبايى كمستشارة شؤون الشرق الأوسط في أمريكا، وهو الآن بانتظار الثمار.
**
سابعا: هل سياسة أمريكا في اليمن محايدة أم معادية؟
**
الأمر الذي أصدره بايدن للمفوض تيم ليدركنج، هو:
١- إنهاء حرب اليمن
٢- الوصول لحل سلمي
هل آريين طباطبايى، محايدة بشأن اليمن أم أنها في صف الحوثيين وصف جواد ظريف وصف إيران؟
مواقف روبرت مالي بشأن اليمن، معروفة من مواقفه المعلنة قبل عدة شهور وأعوام أيام رئاسته لمجموعة الأزمات الدولية، وهي إلغاء قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ وإلغاء المرجعيات الثلاث وتقسيم اليمن إلى خمسة كانتونات مسلحة.
أما ليدركنج، فتحتاج الإجابة لدخول خاص إلى داخل رأسه
**
ثامنا: الدخول إلى رأس ليدركنج
**
موقف تيم ليدركنج، يقوم على التواصل مع إيران عن طريق أصدقاءها في المنطقة- دولة قطر ودولة عُمان- للوصول إلى حل سلمي.
وهذا أكبر دليل على أنه لا يوجد شيئ داخل رأس ليدركنج ولا يوجد حتى خيال أو أوهام.
الموجود داخل رأس ليدركنج، هو فراغ.
سنضع نحن هذه النقاط كمحاولة لإدخالها إلى رأس ليدركنج لمساعدته في ملئ الفراغ.
١- لو كان هناك حل سلمي لأزمة اليمن، لكان قد حدث طيلة الست سنوات الماضية.
٢- مقولة أنه لا يوجد حل عسكري لأزمة اليمن، غير صحيحة وتحتاج لمراجعة.
٣- لا يمكن أبدا أن يتوصل اليمنيون لحل سلمي إذا جلسوا سويا
•الحوثي، يعتقد بأن معه حق من السماء لحكم اليمن وأنه عنده من القوة ما يكفي لإخضاع الشعب اليمني
•اليمنيون، لا يمكن أبدا أن يقبلوا بأن بستعبدهم الحوثيون، ولو انطبقت السماء على الأرض.
٤- لا يمكن أن يفرض حل سلمي بالضغط الخارجي.
•إيران، ستقاوم أي ضغط خارجي على الحوثيين
•لا توجد أي قوة خارجية ترغب في مواجهة إيران من أجل اليمن
٥- إيران، لن تترك اليمن في حالها.
قد حرثت إيران الأرض في اليمن مثلما حرثت من قبل أربعة دول عربية.
قد اسقطت إيران أربعة دول عربية بيد أبناءها الذين خانوا بلادهم وشعوبهم، وتحت سمع وبصر جيرانهم وأهلهم من العرب، ومن بين أيدي وبراثن أمريكا.
إيران، لا تعتقد بأن الأمر في اليمن سيكون مختلفا.
**
تاسعا: جعجعة أمريكية بلا طحين
**
ستشغلنا أمريكا وتشغل اليمنيين.
وسيختلط الرجاء بخيبة الأمل لشهور أو سنين.
سنسمع جعجعة كثير ولن نرى أي طحين.
عبدالقادر الجنيد
٢٤ فبراير ٢٠٢١