د عبده سعيد المغلس :
توضيح لا بد منه.
حين اكتب فلي منهج في ذلك فأنا لا ابحث عن متابعين تقودهم الغوغائية والشعبوية إلى المجهول، فلم تجني الأمة والمنطقة العربية من ذلك غير هذا الحال الذي نعيشه اليوم، فمنهجي هو مسؤولية الكلمة التي بدأ بها الوجود الموضوعي كله، داخل الوعي الإنساني وخارجه وقوانينه، والتي تحترم عقل الأنسان وتهدف خيره بحياته واستخلافه كما أراد الله بخلقه، فما أسطره هو جهد مشارك في مشروع يقوم به كل غيور على دينه وأمته بشعوبها ودولها، لإيجاد مشروع ثقافي يعالج الخلل في البنية الثقافية للعقل العربي، بكل موجهاتها وعلى رأسها الفقه المغلوط، الذي قسّم الأمة لأحزاب شتى كل حزب بما لديه فرحون.
حقيقة وجودية قرآنية وتاريخية.
فطرة الله في خلقه الخيرية والإستخلاف في الأرض والإيمان والمحبة، وما يغير ذلك غير الثقافات المغذية للتغيير وعلى رأسها وسوسة الشيطان وتسويل الأنفس، والعنصرية والكراهية منهج شيطاني به هلاك الإنسان ودماره، والاخوة الإيمانية منهج رحماني به حياة الإنسان واستخلافه، هذه حقيقة وجودية وقرآنية أكدها التاريخ الإنساني بحروب البشرية ودمارها وهلاكها حين اتبعت منهج الشيطان، وحياتها واستخلافها ونهضتها حين اتبعت منهج الرحمن.
واقع اليمن اليوم.
نحن في اليمن اليوم نعيش دمار وهلاك منهج الشيطان حين انقلبت الإمامة بعنصريتها على منهج الرحمن لبناء يمن الأخوة الوطنية التي هي ترجمة للأخوة الإيمانية بمشروع اليمن الإتحادي .
وكل معركة تُخاض اليوم في مواجهة عنصرية الإمامة خارج مشروع الأخوة الإيمانية والوطنية، والدولة الاتحادية، هو وجه أخر لثقافة الكراهية والعنصرية، وها هي خريطة الصراع والحرب في مناطق اليمن تؤكد ذلك.
قد يبرز سؤال محق ما الذي ينهي الإمامة وعنصريتها؟ لكنه قبل الإجابة عليه يبرز سؤال محق أخر هل تلغي العنصرية الإمامية عنصرية أو عصبية أخرى؟ سؤلان متداخلان لا يمكن الفصل بينهما بالإجابة، ويجب أن يشمل الرد عليهما معاً، والإجابة من منطلق المنهج الرحماني والإيماني والوطني هي نعم، يمكن الغاء عنصرية الإمامة وهزيمتها بدون إيجاد عنصرية بديلة، وذلك من خلال مشروع جامع ينهي العصبية والعنصرية بكل اشكالها، يرتكز على محورين أساسيين الأول: مشروع مخرجات الحوار الوطني لبناء الدولة الاتحادية بأقاليمها الستة، وهو المشروع الحضاري لبناء الدولة الواحدة للوطن الواحد وللشعب الواحد، والمجسد للمواطنة المتساوية والتوزيع العادل للسلطة والثروة.
الثاني: هدم كل الإرث التاريخي للفقه المغلوط، والثقافة المغلوطة، الداعيين إلى العصبية والعنصرية، بإبراز جوهر الدين القائم على الأخوة الإنسانية والإيمانية، وسواسية الناس في الحقوق والواجبات، وأن التقوى وحدها هي معيار التكريم الرباني الوحيد بين الناس، لا العرق ولا الدين ولا اللون.
لنتجه لتجذير ذلك في حركة ثقافية لتغيير الوعي، وتحرير العقل والدين، من هذه الأفكار المدمرة، بدلا من خلق عنصرية أخرى، ستجد نفسها حتماً تخوض حروب الكراهية في دورات للصراع قادمة مع الآخر ومع ذاتها، وتعطيل ممارسة الشرعية لبناء الوطن دليل حي عليها.
ولذا فعنصرية الإمامة لا تواجه بعنصرية الأقيال، فكل عنصرية هي امتداد للعنصرية الشيطانية التي هي منشأ هذا الصراع، الذي أخرج الإنسان من دار الطاعة لدار المعصية، فلا نقع فيها فإنها نتنة، تقودنا للخروج من طاعة الرحمن ونهجه لطاعة الشيطان ونهجه، ولن نجني غير حياة الضنك والكراهية والحروب والتخلف.
انظروا للعالم حولكم شعوب بأعراق متعددة وأديان مختلفة يعيشون بسلام وتعايش واستقرار ونهضة وبناء، بعيداً عن داء العنصرية والعصبية، لن تبني لليمن دولته ونهضته وحضارته عنصرية الكراهية أياً كانت للإمامة او الأقيال، لنحرر العقل والدين من دعاوى العنصرية لنحيا.
كل الدعوات القائمة على العنصرية والمناطقية والجهوية هي معارك جانبية لا تخدم الشرعية وتفت في عضدها وقوتها، وتمنعها من حسم الصراع، ولولا العصبيات المتعددة، التي حالت دون التفاف الجميع حول الشرعية ومشروعها، لما تأخر انهاء انقلاب عنصرية الإمامة.
نماذج معاشة لثقافة العنصرية والعصبوية والكراهية صنعت حربنا ومأساتنا.
١- عنصرية الإمامة قادت اليمن بانقلابها ضد مشروع الدولة الاتحادية والجمهورية، الى هذه الحرب المستمرة بضحاياها ودمارها ومآسيها.
٢-عصبية الرئيس السابق وثقافة الكراهية دفعته لتسليم اليمن بدولته واجهزتها للعنصرية الإمامية التي أوصلت اليمن لما نحن عليه وأوصلته إلى ما وصل إليه وحسابه على الله.
٣- العصبية المناطقية وعنصريتها تسعى لتقسيم الوطن، والتمادي مع مشروع الإمامة بمنع استقرار الدولة والتفرغ للبناء واسقاط مشروع عنصرية الإمامة.
ختام القول.
العنصرية والعصبيات بكل مسمياته هما منهج الشيطان، وهو عدو لنا وحذرنا الله ونهانا من اتباعه ونهجه، فهو يقود الإنسان نحو هلاكه ودماره، ومنعه من العبادية لله وخلافته في الأرض، فهل نحن منتهون.