24.5 C
الجمهورية اليمنية
6:34 صباحًا - 4 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

آل المؤيدي.. أئمة صعدة

بلال الطيب :

الهادوية كمذهب لا تعترض على وجود إمامين في وقت واحد، وإن حصل ذلك فالقوي ـ في النهاية ـ يفرض نفسه، ويقضى على منافسه، ويستحوذ على كل شيء، والاستدلال الأبرز لتحقق هذا التشريع تجسد خلال الفترة الممتدة من العام «879هـ» وحتى العام «1017هـ»، حيث شهدت الخارطة الزيدية وجود دولتان للإمامة، واحدة في صنعاء، وأخرى في صعدة.

قبل الحديث عن «دولة آل المؤيدي» في صعدة، سنضطر أن نعود لأكثر من مئة عام للوراء، أسسها جدهم «الهادي» علي بن المؤيد بن جبريل الشهير بـ «المؤيدي» نهاية القرن الثامن الهجري، بمنطقة «فلله» شمال غربي صعدة، وهو من نسل «الهادي» يحيى بن الحسين، دانت له تلك المنطقة وما حولها، إلا أنَّ إمام صنعاء «المنصور» علي بن صلاح الدين حاربه وأخذ منه صعدة بعد حصار دام سنين، وقد استمر محاولاً استعادتها حتى وفاته «836هـ».

في أواخر العام «879هـ» عاودت «دولة آل المؤيدي» الظهور، أعلن عز الدين بن الحسن بن علي نفسه إماماً، وتلقب كجده بـ «الهادي»، بايعه أغلب فقهاء مذهبه، ودخلت تحت طاعته «بلاد السودة، وكحلان، والشرفين»، ولم تجبه باقي المناطق، وقد دارت بينه وبين «الحمزات» عدة حروب.

ويحسب لهذا الإمام أن حرر بحثاً أنتقد فيه انحصار الإمامة في قريش، فامتدحه لذلك «الشوكاني»، وقال فيه: «هو من أكابر أئمة الآل، في العلم والعمل والكرم وساير الخصال الشريفة، وله شغف بالعلم عظيم، ولديه من التسليم للحق واتباع الدليل مالم يكن لغيره»، وقد كانت وفاته منتصف العام «900هـ».

خلفه في ذات العام ولده «الحسن»، دعا الأخير لنفسه من حصن «كحلان عفار»، وتلقب بـ «الناصر»، وقد عارضه عمه صلاح بن الحسن، وابن عمه علي بن صلاح، وغيرهما، كما حاول بعض المُغرضين تأليب العوام عليه، ملفقين له تهمة جعلت بعض فقهاء مذهبه يفسخون إمامته، فمال عنه الناس، واستمر بدعوته في قلة منهم، وأعلن بداية العام «924هـ» الحرب على الإمام «شرف الدين» بمساندة بعض «الجراكسة» ـ من بقايا المماليك ـ المطرودين حينها من صنعاء.

خلف «الناصر» بعد وفاته منتصف العام «929هـ» ولده عز الدين، كان لهذا الأخير حروب كثيرة مع الإمام شرف الدين، بمساندة من «الحمزات» الذين اعترفوا بإمامته سنة «937هـ»، وما هي إلا ثلاث سنوات حتى مني وداعميه بهزيمة نكراء، فانقطع للعبادة في منطقة «الحرجة» شمال صعدة، وسلم إليه أهلها الواجبات حتى وفاته «942هـ».

قام من بعده ولده أحمد بن عز الدين «958هـ»، وتلقب بـ «الهادي»، استقام له الأمر في جهات صعدة، ووصلت دعوته إلى بلاد «الأهنوم، وعذر، والسودة»، وقبض عماله واجباتها، وقد بعث حينها الإمام المعزول شرف الدين برسالة إلى بني عمومته، حثهم فيها على مساندته، وأنه الأحق بالإمامة لا ولده العاق «المطهر».

دخل «الهادي» بعد ذلك في صراع مع «الحمزات»، الذين تكالبوا عليه بقيادة ناصر بن أحمد الحمزي، نجحوا بأخذ صعدة منه، لم يمض وقت طويل حتى استعادها منهم قريبه أحمد بن الحسين، طلب الأخير العون من الوالي التركي أزدمر باشا، فأمده الأخير بالمال والرجال «960هـ»، وجعل له أعمال البلاد الشامية، نائباً عن الأتراك، أما «الهادي» فقد استقر بمنطقة «الحرجة» تماماً كأبيه، وفيها كانت وفاته «988هـ».

كامتداد لهذه الدولة، وبعد انقطاع محدود، أعلن الحسن بن علي المؤيدي نفسه إماماً، وذلك منتصف «رمضان» من العام «986هـ»، وتلقب بـ «الناصر»، كان عكس أسلافه كثير الأنصار، اتجه من صعدة جنوباً، ودخل في طاعته بعض أولاد الامام شرف الدين، فيما قاومه أغلبهم، وكانت الحرب بينهم سجالاً، لينجح في إحداها في أسر عبدالله بن المطهر، وأودعه السجن.

نجح الحسن المؤيدي بالسيطرة على أغلب الحصون الشمالية، وأتمها بالسيطرة على بلاد «همدان»، مما اضطر السلطان العثماني مراد الثالث أن يرسل الوزير حسن باشا الشخصية التركية الأقوى والياً على اليمن «جماد الأولى 988هـ»، خلفاً لـ مراد باشا الذي حكم لخمس سنوات.

استطاع الوالي الجديد خلال فترة وجيزة أن يفتتح المناطق الشمالية حتى صعدة، وشرع في إقامة بديل «زيدي ـ تركي» ضمن إطار حكم الولاية المركزية، ضم في نطاقة عدد محدود من الأمراء الهاشميين وغيرهم، كما تفنن في تشييد عدد من المعالم، وتعد مدرسة «البكيرية» في صنعاء وقبة «الحسينية» في تعز أبرزها.

والأهم من ذلك أنه نجح في منتصف «رمضان» من العام «993هـ» بأسر الإمام الحسن المؤيدي، بواسطة أبرز قواده الأمير الكيخيا سنان باشا، حبسه في صنعاء مدة، ثم أرسله أواخر العام التالي إلى «الباب العالي» مع أولاد المطهر الأربعة «لطف الله» و«حفظ الله» و«غوث الدين» و«على يحيى» الذين سبق وتمردوا عليه.

توفى الحسن المؤيدي في «استانبول» منتصف العام «1024هـ»، وقد خلفه بعد أسره ولده عبد الله، الذي تلقب بـ «المتوكل»، وكانت دولة الأخير كأسلافه محدودة، أما وفاته فقد كانت قبل وفاة أبيه بسبع سنوات، بالتزامن مع البدايات الأولى لظهور «الدولة القاسمية».

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد