34.5 C
الجمهورية اليمنية
4:00 مساءً - 30 أبريل, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

أعلام اليمن(٦) … الجلال فقيد المعالي

بلال الطيب :

بسيطرة «الدولة القاسمية» على «اليمن الأسفل» منتصف القرن الـ «11» الهجري، دخلت «الزيدية» ـ دولة ومذهب ـ مَرحلة اختبار حقيقي في كيفية تعاملها مع الآخر البعيد، ظلت فتاوي فقهائها حول ذلك تراوح مَكانها، حتى تولى الإمامة الفقيه المُتعصب «المتوكل» إسماعيل.

كان «المتوكل» شديد التعصب لمذهبه، كفر أبناء المناطق الشافعية، وألزمهم بدفع الجزية، وبالغ في قتلهم، وإشاعة الخراب في مناطقهم، وحين راجعه في ذلك عدد من فقهاء مذهبه، أفحمهم بالقول: «إن هذه الأصول معلومة عندنا بأدلتها القطعية، ومدونة في كتب أئمتنا».

كان العلامة الحسن بن أحمد الجلال من جملة المعترضين، كتب كُتب ورسائل ضمنها انتقادات لجملة من تلك المظالم، وتعد رسالته: «براءة الذمة في نصيحة الأئمة» الأشهر، فند فيها بالحجة جميع الشبهات والدعاوى المضللة التي كان يشيعها ذات الإمام أثناء قيامه بتلك الجرائم.

تجاوز «الجلال» في اجتهاداته الكثير من القواعد الجامدة في المذهب الزيدي، وكان له رأي جريء في عدم ثبوت الإمامة في «العلويين»، رغم أنه من نسل مؤسسها الأول «الهادي» يحيى بن الحسين، ليدخل بسبب ذلك في صراعات مريرة مع متعصبي الزيدية، وصلت لقيام بعضهم بإحراق كتبه، ونعتها بـ «العظام التي لا لحم عليها».

وعنهم قال محمد بن إسماعيل الأمير:
وجفاه قوم ما دروا
كيف السمين من الهزال
وكذاك فاضل كل عصر
عرضة لذوي الضلال

كان «ابن الأمير» من جملة المتأثرين بـ «الجلال»، عكف على تدريس كتابه «ضوء النهار في شرح متن الأزهار»، والذي نقد فيه الإمامة، وفند كثير من مثالبها، ثار حينها المتعصبون، فرد عليهم في حاشيته، بـ «منحة الغفار على ضوء النهار».

العلامة «الشوكاني»، هو الآخر أثنى على «الجلال» ثناءً كبيراً، وقال فيه: «هو بحر عجاج، متلاطم الامواج»، أما تلميذه إسماعيل الأمير ـ والد العلامة «ابن الأمير» ـ فقد امتدحه قائلاً:
لله در الجلال من علم
يجرى صواب العلم عن قلمه
قد غربل العلم فانتقاه فما
لصاحب المنتقى سوى قدمه

من مؤلفات «الجلال»: «تكملة الكشف على الكشاف»، و«الشمسية»، و«شرح التهذيب» في المنطق، و«شرح على الكافية» في النحو، و«شرح على منتهى السؤل» لابن الحاجب، وله في أصول الدين: «شرح الفصول»، و«شرح مختصر المنتهى».

وله أيضاً شعر بديع، اقتطفنا منه:
فالمشكلات شواهد لي أنني
أشرقت كل محقق بلعابه
لولا محبة قدوتي بمحمد
زاحمت رسطاليس في أبوابه

وحين عين «المتوكل» إسماعيل ولده الأصغر «الحسن» قائداً على أحد الجيوش، وأقطعه «اللحية، ومور، والزيدية، والضحي»، وما إليها من جهات تهامة، قال «الجلال» ساخراً:
طفل يرق الماء في وجناته ويرق عوده
ويكاد من شبه العذارى فيه أن تبدو نهوده
ناطوا بمنطق خصره سيفاً ومنطقه يؤوده
جعلوه قائد عسكر ضاع الرعيل ومن يقوده

ولد «الجلال» منتصف العام «1014هـ»، في «رغافة»، وهي قرية تقع شمال صعدة، وتعد أحد معاقل الأئمة، وهجر علمائهم، وتوفي في «الجراف» بداية العام «1084هـ»، وحين وقف «ابن الأمير» بعد نصف قرن على قبره، قال راثياً:
جادت على قبر الجلال عيني
بدمع ذي انهمال
ووقفت فيه مدلها
أبكي على فقد المعالي

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد