تقرير / علي الفقيه :
في 2014 كانت السفيرة البريطانية في اليمن جون ماريوت تتابع بشكل حثيث تقدمات الحوثيين وتمنحهم بركات صاحبة التاج جلالة الملكة, بينما كانت حكومة بلادها تمنح دعماً وتأييداً شكلياً للعملية السياسية ومؤتمر الحوار.
بعد إسقاط الحوثيين عمران ذهبت السفيرة الشقراء ذات الرقبة الطويلة إلى عمران وهناك التقت بقيادة جماعة المتمردين الحوثيين وأكدت لهم أن العالم يرقب تحركاتهم نحو صنعاء باستبشار وتفاؤل أنهم سيتمكنون من السيطرة على اليمن وسيكونون حلفاء جيدين لمحاربة الإرهاب وحماية مصالح الغرب في المنطقة.
ظلت سفارة المملكة المتحدة مع بقية السفارات تعمل دون قلق رغم تعرض عاصمة البلاد لاجتياح مسلح من مليشيات متمردة على الدولة ولم تشعر بالقلق وتعلق عمل السفارة إلا في 11 فبراير 2015 بعد أن وضع المتمردون الحوثيون الرئيس هادي والحكومة تحت الإقامة الجبرية ومضوا نحو استكمال انقلابهم مستغلين التواطؤ المحلي وحالة الترحيب الإٍقليمية والدولية التي قابلوها وهم يزحفون نحو العاصمة صنعاء.
ورغم ذلك فإن السفيرة قالت إنها تشعر بالقلق، فقط، من الإشتباكات بين جماعة “أنصار الله” وبعض الجماعات الأخرى خاصة في مأرب، حسب مقال كتبته السفيرة في 16 فبراير 2015 بعنوان “الكرة في ملعب الحوثيين” ومبعث القلق كما يفهم من تصريحها أن هناك من اليمنيين من يقاوم الحوثيين ولم يسمح لهم باجتياح المحافظة والسيطرة عليها بسلاسة.
كان ذلك الموقف هو ذاته موقف أطراف إقليمية ودولية كثيرة ولأهداف متعددة تلتقي وتتقاطع لكن الجميع كان يدعمهم مقابل وعود وزعوها للجميع وبما يلبي رغبة كل طرف.
وحسب مصادر دبلوماسية فإن السفيرة البريطانية التي كانت تمثل حكومة بلادها في اليمن خلال فترة 2014 قد شكلت حلقة وصل بين المتمردين الحوثيين وسفراء عدد من الدول الغربية وأخرى عربية كانت أيضاً تشتغل كوكيل إقليمي وتتطلع لاستلام ملف اليمن، وعملت السفيرة على تبديد أي مخاوف كانت تثيرها أطراف إقليمية ودولية تجاه جماعة مسلحة متمردة تتدحرج نحو العاصمة صنعاء وتجرف في طريقها مراكز قوى دينية وقبلية كانت تشكل بعبعاً في أذهان كثيرين.
استعدت هذه المعلومات وأنا أرقب تحركات المبعوث الأممي البريطاني مارتن غريفيث وهو يطوف العالم جيئة وذهاباً ويتنقل بخفة ورشاقة في المناطق الملتهبة داخل اليمن غير آبه بالمخاطر الأمنية التي يمكن أن يتعرض لها كموظف أممي رفيع.
خاصة أن الموظفين الأمميين بمختلف أحجامهم ومستوياتهم بما فيهم أعضاء لجنة الخبراء التابعة لمجلس حقوق الإنسان ظلوا خلال السنوات الماضية التي شهدت فيها اليمن صراعاً يبررون عدم زيارتهم لمدينة تعز، مثلاً، أنها غير آمنة بحسب معايير السلامة الخاصة بالأمم المتحدة وأنهم ملتزمون بتلك المعايير.
اليوم أرفع مسؤول أممي معني بملف اليمن زار الحديدة بينما القذائف والمواجهات لم تتوقف لحظة، وهذا يعطي إشارة واضحة على عزم غريفيث على الحيلولة دون إنهاء حقبة سيطرة الحوثيين على ميناء الحديدة، التي باتت القوات المناوئة للحوثيين على مرمى كلاشنكوف منها، تحت مبرر ما قد تلحقه الحرب بالمدينة من خراب ودمار، وحتى لا تتضاعف المأساة الإنسانية في اليمن وتتفاقم أزمة الغذاء التي تضرب البلد.
ومع أن المبررات من ناحية شكلية تبدو وجيهة إلا أنها تبدو مجرد شماعة حين نستعيد صمت المجتمع الدولي ووقوفه موقف المتفرج حين كانت مليشيات المتمردين الحوثيين وحليفهم صالح حينها يزحفون نحو موانئ اليمن كلها بما فيها مينائي عدن والحديدة دون أن يحرك المجتمع الدولي ساكناً سوى القلق النظري الذي كانت تطفح به خطابات وتصريحات أمين عام الأمم المتحدة السابق.
خلال أربع سنوات من سيطرة مليشيات الحوثيين على الحديدة المحافظة والمدينة والميناء وتدفق المواد الإغاثية والتجارية عبرها فقد كانت حافظة الحديدة هي أول محافظة تظهر فيها المجاعة والأوبئة وتفكت بالعشرات من سكانها، ورغم ملايين الدولارات التي يدرها الميناء كدخل شهري فقد تدهورت كل الخدمات في المدينة بينما تذهب مليارات الريالات من إيرادات الميناء الأكبر في اليمن لصالح النشاط العسكري للحوثيين أو ما يسمونه (مجهود حربي).
كل ذلك لم يزعج الأطراف الدولية ولم يكن بالنسبة للمبعوث الأممي الحالي ولا سابقيه نقطة تستحق الضغط وطرح المبادرات لإنهاء قبضة المليشيات على الميناء وتحكمهم بوارداته.
والخلاصة أن غريفيث يتحرك كممثل لمصالح الأطراف الدولية الكبرى عموماً ولمصالح بلاده خصوصاً، وأن كل حديثه عن السلام وعن المأساة الإنسانية ليس سوى غطاء لتمرير أجندات اللاعبين الكبار، ولأنه يعلم أن الحديدة تشكل الرئة التي تتنفس منها مليشيات المتمردين الحوثيين والأنبوب الذي يمنحهم القدرة على الإستمرار كقوة فاعلة ومؤثرة فقد بذل طاقته وسانده وزير خارجية بلاده لوقف أي عمليات عسكرية من شأنها إنهاء سيطرة المتمردين على الميناء، مستغلين في ذلك
الضغط الدولي الذي تتعرض له المملكة على خلفية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي.
وما تريده بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية في اليمن هو سلام مؤقت يبقى جماعة المتمردين الحوثيين كجيب شيعي مسلح ضمن المنظومة الإيرانية لتظل خميرة عنف قابلة للإنفجار في أي لحظة وتشكل تهديداً مستقبلياً للمنطقة، ليستكملوا الطوق المهدد اللمملكة العربية السعودية بعد أن طوقوها بالحشد العراقي الشيعي من الشمال. وبالتالي فإنهم وإلى جانب إنعاش سوق السلاح سيضمنون خليجاً أكثر تطويعاً يحصلون على نصيب أكثر من ثرواته.
ولا ننسى أن الطريقة الرخوة والمتخبطة في إدارة الحكومة الشرعية والتحالف العربي (السعودية والإمارات) للمعركة منذ بدايتها هو من سهل للأطراف الدولية أو من نسميهم اللاعبين الكبار تنفيذ هذه الأجندات التي تأتي على حساب مستقبل الأجيال القادمة في اليمن وسيدفع الخليج أيضاً ثمناً باهضاً لها إذا ما نجح الغرب في تمريرها. وقد لا ننتظر طويلاً حتى نرى النتائج في حال لم يكن هناك تحرك لفرض واقع مختلف علي الأرض يجبر الجميع على التعاطي مع نتائجه.ولا مخرج الا با الحسم والتحرر من الضغوط التي تمنحوها المناخ انتم وسياستكم الهوجا وحساباة التحالف الهمجيه والتي تخدم الحوثي وايران ابتعدو عن الانهزاميه ويكفي ما احدثتموه الى الان وشمرو