*الاعلامي سعود الثبيتي:
إليكم حكايتي مع القدر وابدأ من خلالها وبكل إختصار منذُ كنت يافعا لين العود صلب الارداة املك التحدي واتحدى بإقتدار أنتفض حيوية وجرأة ولباقة بعفوية أصارع مع الحق حتى نصرع الباطل احتزم بالقصيد واتأتأ به بين الحين والاخر .
نشأت شاباً طموحاً يصارع الحياة ويتمنى أن يكون بين المحيطين عَلماً يشار اليه بالبنان بين أقرانه كبرت وكبرت أحلامي معي ونلت منها الشىء الوفير .
ظهرت بين العامة بروزاً وحكاية ورواية واصبحت مطلب للمحبين في كل محفل اصدع بالصوت وبالكلمة وبالقصيدة وجعلت المنبر صديقا لي والقلم رفيقا أخر ووفياً لي .
مضيت في زخم الحياة وزحمتها كنحلة أقتات من كل زهرة حياة جديدة ومن كل مجتمع صديقاً جديداً ظهر لي أصدقاء كُثر وأحباب كُثر ومنافسين جدد ومطبلين جدد ومستهزئين بي يتراقصون عند كل نجاح يحالفنى .
هي الحياة إذاً وضريبة النجاح الذي كان يؤرق الاخرين من ضعاف النفوس .
نعم هي الحياة وطبيعة تكوينها فالمُحب يسهر لراحتك والكًاره يسهر لازالتك من الوجود إن تمكن وهي الحقيقة نتاج ذلك الصراع بين الحق والباطل في كل العصور وداخل كل المجتمعات.
في زخم الفرحة بنفسي نسيتها ووهبتها للكل دونما أن أحرص عليها من ذئاب الغدر ونكايات الزمان الغادرة التى تعصف بالكل دون إستثناء وهي ما جبل عليه القدر في حياتنا .
بفضل الله نجوت بإرادة الله من تلك المؤامرات البشرية ومضيت في طريقي واخترقت كل المعوقات حاملا على كتفى ملفات كثيرة وموقنناً أني لن أنجزها او احقق منها الكثير ولكن إصرارى الصلب جعلنى أجاهد ذلك التيقن المخيف.
العين حق وهنا كانت البداية !!
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق ,ولو كان شيءٌ سابقَ القدر لسبقته العين ,وإذا استُـغسلتم فاغسلوا) رواه مسلم .
بإختصار شديد .. في يوماً ما وفي ليلة عقيمة ايقنت أنني لن أعود لمثلها والبروز فيها , فقد سقطت أحلامي وانهارت صحتى وبدأت رحلة الموت ونقلت للمستشفى الذي مكثت فيه أكثر من شهر نبحث مع الاطباء عن ذلك المرض الذي يختفى بين الظلوع وداخل ذلك الجسد الهزيل الذي يخرج من داخله أنين أسد حبسته تلك القضبان وسُجنت فيه القوة والجبروت .!
بعد ذلك الشهر الصامت تحدث القدر ليعلن الاطباء أننى مصاب بالمرض الخبيث وانتفضت جميع خلايا جسدي تصارعه وتناهضه بكل قواها ,منذ اليوم الاول الذي عرفت انني مصاب بهذا المرض الخبيث ,اصبت بالذهول.
لم اصدق.ولم اكن اشعر بانني مريض رفضت ان ارضخ قلت لنفسي انه من غير الممكن ان يصيبني هذا المرض انه يصيب الآخرين فقط .
لم اكن وقتها في حالة، قبول للواقع، ثِرت وأَبعدت عني شبح الفحوصات والجلسات التي أُخضِعت لها .. اصرخ بداخلي محدثا إياها اين اذهب؟
الواقع يُطبِقُ عليّ ويفرض علي بروتوكولاته الجديدة .. حدد تحركاتي وتصرفاتي وفرض على ضوابط جسدية لم استمع اليها من قبل, لا اعرف كيف يجب ان اتعامل مع هذا الحدث الذي طرأ على حياتي .
غريبة هي الحياة. كِدت أن اقف يوما في الشارع وبين الاهل والاصدقاء لأقول للجميع: انظروا الي جسدي الهزيل وتلك التغييرات التي ظهرت على جسدي ، انها من مزايا السرطان الذي احتل جزءا منه.
رأيت الاعداء يضحكون والاهل والاصدقاء تنهمر منهم الدموع :. اسمع أصواتهم !! تراجعت عن الفكرة. وتابعت الحديث مع قدري . تفاديت المجابهة، وهم تابعوا احاديثهم من دون ان يلمحوا الى مرضي… انا خَجِل وغاضبُ في الوقت نفسه.
لا أطيل الحديث فالجعبة مليئة بتجارب ذلك المرض الصديق الذي لازمنى فترة من الزمن وكان خير الاصدقاء واصبح حقاً العين الثالثة التى كشفت تلكُم الاجساد الخاوية من الانسانية وبالمقابل جَسٌَد لي بالمقابل تلك الانفس الطاهرة الوفية وتلاشت الغشاوة عن عيني واصبحت أرى مالم أكن أراه في أوج صحتى .
فقد أصبح هذا المرض وفياًكشف لي تلك الوجوه بشقيها وكانت نعمة من الله في مرحلة أحتاج أن اعرف واكتشف ومن خلال ذلك الثمن الباهض الذي قضى على جزأً من أحلامي وكانت ولازالت ثمناً باهضا حقاً .
مرت الايام والسنوات وشاء القدر بحول الله سبحانه وتعالى أن ينتفض جسدي ليقضى على تلك الاورام وان تعددت ونجوت بقدرته تعالى وخرجت من أسواره حراً طليقا ..
استنشقت هواء الحرية والتحفت الصحة ونمت قريرا وسط فرحة المحبين وبكائهم فرحاً من أجلي ..
بإيجاز كنت ولن أعود الى مجدي السابق والذي طالما حلمت به ,جاهدت وصارعت ولازلت اصارع رغم مايعتريني من خمول وتراجع عما كنت فيه واستمرت حياتي وها انا اليوم احقق جزءً من امنياتي ولو انها تأخرت وكادت أن تنقرض لولا كرم الله علي وفضله .
نعم هي الحقيقة الا اني لم اعدكما كنت ذلك الرجل الشجاع في كل المحافل وعلى المنابر وامام الأضواء رغم انى حاولت وجاهدت وللأسف لازالت تتكسر أمامي كل الظنون وحالى يقول لي:كُنت ولن تعُود .!!
ربما تأخَّرت لاواجه قدرى كثيراً، لكني كنتُ دائماً أعلمُ أنها قادمة لا محالة، فهناك دائماً تلك الهزّة التي تقرر عندها أن تضع جميع الاعتبارات والحسابات خلفك، وتدوس على جميع مخاوفك، وتواجه الآخرين بالحقيقة: الحقيقة فقط كما هي.
لدي رجاء شديد، هو أن يتذكر القارئ تماماً أني صنعت لمن حولى ما كنت أحلم به ولازلت .
وروايتي المختصرة هي لما عشته وشهدته وعانيت منه ليعرف الاخرين أني وما يحدث لي نتاج عين تعرضت لها وانتهت مُخلفةً ذكراها الخبيثة ووقفت حائلة بيني وبين جزء بسيط ينتفض كلما حاولت ان أعود كما كنت ..!
فواقعى يحكي تجربتي وأعذروني إن أخفقت وأعذروني إن فضلت أن أحتجب واختفى عن الظهور بكثرة …
فأنا لازلت أسِيرتلك العين التى تُلاحقنى في كل مكان معلنةً لى أنها تركت لي الكثير ولا يحق لي أن أطلب المزيد وتقول لي كن قنوعاً ..
محذرةً لي : كن كما ينبغي فلن تعود كما كُنت ..!
*رئيس تحرير صحيفة الغرب نيوز السعودية