الفتح العيسائي
كثرت الأصوات الهزيلة والمتخمة بالإحباط الناتج عن ماتمر به الشرعية من عجز وضعف وتراجع عسكري في مرحلة خطيرة تعرضت خلالها لخياناتٍ عده. إختراقٌ لعمق رحم الشرعية عبر جراثيم تسللت لأحشاء الدولة بأقنعة الولاء الوطني بهدف إجهاض جنين الثورة وقتل آخر نبض جمهوري .
فبالرغم من الخيانات المتكررة والخذلان الممنهج للشرعية، كدولة مُنحت سيادتها من الإرادة الشعبية والتي هي الركيزة الأولى لشرعنتها ككيان و دولة تحمل أهداف الثورة وآمال الثوار، إلا أنها صارعت كثيرًا لتتعافى من عفن الخذلان وجراثيم الخيانة، ظلت متماسكةً على طاولات الساسة بأوراقها المهترئة وإرادتها الثورية، وكما هو الحال السياسي أيضًا معركتها العسكرية مستمرة تتجه صوب أهدافها.
فمن الحماقة أن تظهر أصوات نشاز بسم الشراكة الوطنية تشرعن معركة الحوثي وتمنحه أسم الدولة، وتخفي الجوهر الحقيقي لعصابة اغتصبت الإرادة الشعبية وفرضت سيادتها بقوة السلاح، قتلت الكثير وسفكت الدماء، شردت المواطنون وزجت بمن يتعارض معها وراء القضبان، رسخت المبادئ الإمامية وقمعت صوت الثورة.
جماعة الحوثي تحمل شكل الدولة لا خلاف في ذلك، لكن لا يعني هذا أن ننسى حقيقتها كمشروع موت تتنافى مع الإرادة الشعبية وصناع قرار السيادة التي قمعت صوتها منذ أول رصاصة سيطرت من خلالها على مؤسسية الدولة وكيانها الذي مُنح سيادته من صوت الشعب في ساحات الثورة. بل من غير المعقول ومن السذاجة أن يصف البعض الشرعية بمشروع غير قادرٍ على إدارة المرحلة متجاهلون كل ماتجاوزته وتغلبت عليه خلال فترة الصراع، وتحت مسمى الشركة الوطنية يطالبون الشرعية بالقبول بجماعة الحوثي الإنقلابية كدولة و أمر واقع فرض علينا.
لم تكن جماعة الحوثي جديرة بالشراكة الوطنية قط، بل أن لا شراكة مع عصابة اغتالت مضمون الشراكة الوطنية على طاولة الحوار الوطني منذ البداية. عن أي شراكة يتحدثون بينما تنفرد العصابة بكامل شرايين الدولة. جماعة نفثت سمومها السلالية حتى على المستوى الإجتماعي، بل حتى في أواسط المجتمع تكفر بمبادئ التعايش ولا تؤمن بمسميات الشراكة أصلاً.. عصابة بطابع دكتاتوري رجعي جاثمة كالشبح على صدور المواطنون لا تقبل التفاوض أو الرفض، تنتهج لنفسها لغة السلاح كوسيلة تبقيها على قيد الحياة في مجتمع ينبذها.
كتساؤلات منطقية نطرحها على أنفسنا أولاً، أي نوع من التنازلات قدمتها هذه العصابة طيلة زمن حربها لتثبت جدارتها بالشراكة، ماهو الدور الذي لعبته جماعة الحوثي كجماعة تقبل بالشركة الوطنية، ومالذي تعرفه جماعة الحوثي أصلاً عن الحقيقة الجوهرية للشراكة.
جماعة الحوثي تؤمن فقط بحقها الإلهي بالحكم. لن تقبل هي نفسها أي منازع لهذه الحقوق الإلهية بعد ان وصلوت إليها. لذلك ما أخذ بقوة السلاح لن تعيده لنا أوراق غريفيث ولا خطط الأمم المتحدة، بل أن لا سلام يأتي مع أدوات الموت ووكلاء عزرائيل.