كشفت منظمة رايتس رادار لحقوق الإنسان ومقرها أمستردام/ هولندا عن مقتل 334 ضحية تعرضوا للقتل جراء التعذيب داخل السجون أو قتلوا بالإهمال الطبي المتعمد داخل السجون، أو توفوا بعد الإفراج عنهم متأثرين بالتعذيب أو الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون.
وذكرت المنظمة في تقرير حقوقي أصدرته اليوم تحت عنوان (اليمن: قتلى تحت التعذيب) عن ارتكاب حالات قتل تحت التعذيب في العديد من السجون والمعتقلات في اليمن ويعدّ من التقارير النوعية المتخصصة، لتسليطه الضوء على نوعية من الضحايا لم تلقى الاهتمام الحقوقي بشكل منهجي، ولكونه يكشف بشاعة فعل القتل تحت التعذيب الذي يتعرض له الضحايا داخل المعتقلات وأثناء الاخفاء القسري في معتقلات وسجون أطراف النزاع في اليمن، خلال الفترة الزمنية الممتدة من أيلول/سبتمبر 2014 حتى نهاية كانون الأول/ديسمبر 2020.
وفي هذا السياق وثق التقرير مقتل 271 ضحية بالتعذيب داخل السجون والمعتقلات بينهم 10 أطفال وثلاث نساء.
تصدرت جماعة الحوثي المسلحة قائمة المنتهكين بارتكاب 205 حالات بينما ارتكبت التشكيلات المسلحة المدعومة من الإمارات وتشمل (قوات الحزام الأمني، وقوات النخب الحضرمية والشبوانية، وحراس الجمهورية، وألوية العمالقة، وكتائب أبو العباس) 55 حالة، بينما ارتكب تنظيم القاعدة 7 جرائم قتل بالتعذيب، ثم تأتي الحكومة الشرعية رابعاً بارتكاب 4 حالات قتل تحت التعذيب.
أما من حيث النطاق الجغرافي للقتل تحت التعذيب، داخل السجون فقد جاءت محافظة الحديدة في المرتبة الأولى، بعدد 43 ضحية قتلوا تحت التعذيب، تليها العاصمة صنعاء بعدد 38 حالة، ثم في المرتبة الثالثة محافظة عدن بعدد 33 حالة قتل تحت التعذيب، وفي المرتبة الرابعة أتت محافظة إب بعدد 32 حالة قتل تحت التعذيب، فيما توزعت بقية الحالات على بقية المحافظات.
وقد تضمن التقرير 16 ملخصاً لنماذج من حالات القتل تحت التعذيب في السجون والمعتقلات باليمن.
أما بالنسبة لضحايا (القتل داخل السجون بسبب الإهمال الطبي المُتعمّد) فقد بلغ عددهم 28 حالة، استأثرت جماعة الحوثي بالمسؤولية عن أغلبها بواقع 25 حالة، بينما تتحمل التشكيلات المسلحة المدعومة من الإمارات المسؤولية عن ثلاث حالات أخرى.
جغرافيا، احتلت العاصمة صنعاء المرتبة الأولى بثمان حالات تليها محافظة إب بأربع حالات ثم تأتي محافظتا عدن وعمران بثلاث حالات لكل منهما بينما توزع العدد الباقي على محافظات أخرى.
وقد تضمن التقرير خمس حالات كمناذج لضحايا القتل بالإهمال الطبي المتعمد داخل السجون.
ووفقاً للتقرير فإن حالات الوفاة بعد الخروج من السجون بتداعيات صحية نتيجة التعذيب والاهمال الطبي المتعمد بلغت 35 حالة.
جميعها تتحمل جماعة الحوثي المسؤولية عنها عدا حالتان توفيتا بعد الخروج من سجون تشكيلات عسكرية تدعمها الإمارات في الجنوب.
ويظهر النطاق الجغرافي للضحايا وفاة 9 حالات في سجون الحوثيين بأمانة العاصمة ووفاة 6 حالات في سجون الحوثيين في محافظة تعز ومثلهم في إب، ثم محافظة عمران بأربع حالات وتوزع باقي العدد محافظات أخرى.
وتضمن التقرير ملخصاً لتسع حالات كنماذج لهذا النوع من الضحايا.
وبحسب فريق إعداد التقرير فإن رايتس رادار اعتمدت لإنجازه المنهجية المتبعة لدى المنظمات الحقوقية الدولية، من خطوات ومراحل الرصد والتوثيق وصولاً للإصدار.
تشكلت الخطوة الأولى بتواجد فريق الرصد والتوثيق الميداني التابع للمنظمة في المحافظات المستهدفة ضمن النطاق الجغرافي الذي شمله التقرير ، وفيها تم التحقق والاستقصاء من صحة ومصداقية المعلومات والبيانات التي تم رصدها وجمعها والتوصل إليها، وجمع وثائق وأدلة تثبت صحة وقوعها، من تقارير طبية وشهادات وفاة ووثائق رسمية وغير رسمية وإجراء مقابلات مع بعض أقرباء الضحايا الذين قتلوا تحت التعذيب أو الذين توفوا بعد الإفراج عنهم متأثرين بالتعذيب الذي تعرضوا له داخل المعتقلات، أو أولئك الذين توفوا داخل المعتقلات والسجون بسبب الإهمال الطبي المتعمد ومقابلات مع شهود على وقائع الانتهاكات التي تضمنها التقرير.
وشملت الخطوة الثانية تشكيل فريق متخصص لتحليل ودراسة ما توصل إليه فريق الرصد والتوثيق من معلومات وبيانات والتأكد من صحتها وسلامتها وأدلة وقوعها ومطابقتها للمعايير القانونية والدولية، المتعارف عليها في مثل هذه الانتهاكات، ثم عكسها في قاعدة بيانات، ومن ثم فرزها وتحليلها وفق الموضوعات الأساسية التي شملها التقرير.
بعد ذلك كانت الخطوة الثالثة في تحرير موضوعات التقرير ومراجعتها من قبل حقوقيين مُتخصصين، ليخرج بالصورة التي هو عليها.
واستعرض التقرير بعضاً من أساليب وطرق التعذيب التي أدت أو تؤدي لمقتل ضحايا الاختطاف والاعتقال والتي تشمل أساليب للتعذيب الجسدي والنفسي بهدف انتزاع معلومات أو إقرارات تطلب منهم قسراً.
وتجدر الإشارة إلى أن الضحايا يتعرضون لأشد وأقسى أساليب التعذيب أثناء فترة الإخفاء القسري ومنها الضرب الدامي بالسياط والأسلاك الكهربائية أو الأدوات الغليظة، والوخز بالأدوات الحادة، وغرز الإبر أو الدبابيس تحت الأظافر وفي منطقة الركبة وفي الأنف، ولعل أخطرها هو سحل المعتقل من رجليه وهو مثبت من يديه، مما يتسبب في تمزيق الأعصاب والإصابة بالشلل، وإجبار المعتقل على شرب مياه الصرف الصحي، أو التعليق من اليدين لأيام وليال، والصعق بالكهرباء، ووضع المعتقل في برميل ماء ووصله بالكهرباء، ونزع أظافر اليدين والرجلين، والكيّ بالنار في أماكن متفرقة من الجسم قد تكون حساسة، وتعرية المعتقل في أيام البرد القارس ورشه بالماء البارد طوال الليل، والمنع من الطعام والشراب لفترات طويلة، وحبس المعتقلين في خزانات مياه فارغة أيام الحر الشديد وغيرها من أنواع التعذيب والامتهان التي تكون لها مضاعفات نفسية وصحية مباشرة وغير مباشرة.
وأوصى التقرير بدعوة منظمة الأمم المتحدة للتحرك العاجل والسريع للضغط على أطراف النزاع في اليمن لإيقاف عمليات الاعتقالات والإخفاء القسري والتعسفي للمواطنين.
وإلزامهم بالإفراج عن المعتقلين المدنيين المعارضين المودَعين داخل السجون والمعتقلات وبضرورة إنشاء مراكز وعيادات صحية مؤهلة وتوفير الأدوات والأجهزة الطبية والأدوية اللازمة.
ودعا للاهتمام الجاد والعملي لفرض رقابة حقيقية على سجون ومُعتقلات أطراف النزاع، للحد من عدد ضحايا القتل تحت التعذيب، إضافة للتحقيق الجاد والشفاف في قضايا القتل تحت التعذيب وفي حالات الوفاة بعد الإفراج من السجون والمعتقلات بفترة وجيزة، لإنصاف الضحايا وضمان عدم إفلات المجرمين من العقاب وفرض عقوبات بحق المنتهكين المباشرين ومعهم من أصدروا الأوامر للقيام بتلك الانتهاكات.
ودعا التقرير أطراف النزاع في اليمن (الحكومة الشرعية، جماعة الحوثي، والتشكيلات المسلحة المدعومة من دولة الإمارات) للإخلاء الفوري عن المختطفين والمعتقلين والمخفين قسرياً، والتحقيق العادل والشفاف في جرائم القتل بالتعذيب وإحالة المتسببين والقائمين على التعذيب إلى القضاء.
وطالب بإيقاف كافة أساليب التعذيب النفسية والجسدية في السجون والمعتقلات، كون ذلك انتهاكاً للقوانين الوطنية والقانون الدولي وخرقاً للمواثيق والمعاهدات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي تعد الجمهورية اليمنية طرفاً فيها.
أما المنظمات المحلية والإقليمية والدولية فقد دعاها التقرير للتفاعل مع بلاغات الانتهاكات المتعلقة بحقوق الإنسان في اليمن ورصدها وتوثيقها والعمل الجاد، للحد منها، إضافة للتنسيق فيما بينها لتوثيق حالات الانتهاكات في اليمن والرفع بها إلى أعلى المستويات الدولية والوطنية.
الضغط على أطراف النزاع في اليمن لتوفير الرعاية الطبية الكاملة للمعتقلين والمختطفين والمخفيين قسرياً، إضافة لإلزام الأطراف للالتزام بالقوانين الوطنية والدولية والمعاهدات والمواثيق الدولية كمرجع للتعامل مع جرائم التعذيب النفسي والجسدي داخل السجون.
واختتمت التوصيات بدعوة المعتقلين المفرج عنهم وأهالي وذوي المعتقلين الذين قتلوا تحت التعذيب للحرص على توثيق حالات التعذيب التي تعرضوا لها أو شاهدوها ، وكشف كافة الانتهاكات التي تعرض لها رفقاؤهم وشاهدوا وقائعها وذلك عبر مختلف وسائل النشر والإعلام المختلفة المحلية والدولية وكشف أسماء القائمين والآمرين بارتكاب تلك الانتهاكات.
وتقترح رايتس رادار على أسر الضحايا اللجوء إلى القضاء الوطني والدولي لإنصافهم والسعي الى عدم افلات أيٌ من المنتهكين من العقاب العادل والرادع.
الخبر السابق
أخبار ذات صلة
جار التحميل....