29.7 C
الجمهورية اليمنية
8:56 مساءً - 21 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

فشل ليدركنج واشتعال مأرب…وانطلاق تعز .. وكيف يعمل مخ الحوثي .. ورسالة من تعز للسعودية

د/ عبد القادر الجنيد :

مهمة ليدركنج الذي أرسله الرئيس الأمريكي بايدن لوقف حرب اليمن، لم تفشل فقط ولكن مجيئه زادها اشتعالا.

ومع فشل ليدركنج واشتعال الحرب، برزت ظاهرتان جديدتان للغاية:
١- نجاح مارب بكسر حروب الحوثي
٢- انطلاق الحرب في تعز بدون دعم دولة أو تحالف

**
أولا: الدخول إلى مخ الحوثي
**

١- وكلاء شريعة وقضاة

الفئة التي ينتمي إليها الحوثيون وحاضنتهم الطبيعية، هم من احتكروا مهن وكلاء الشريعة (المحاماة)، والتحكيم، وكل مناصب القضاء في وزارة العدل أو المحاكم.
حتى عندما كانوا ينكسرون وفي عز أيام الغضب عليهم ووفي عز أيام الجمهورية، ظلت هذه المهن بأيديهم لأن هذه كانت هي العلوم التقليدية الوحيدة في اليمن ويتوارثونها ولأنهم كانوا يحتكرون تعليم هذه الأشياء ويعلمونها أولادهم بحرص واهتمام بالغ.

مهمة المحامي أو كيل الشريعة، ليست تحقيق العدالة ولا تطبيق القانون.

مهمة المحامي، هي إيجاد ثغرة في القانون أو في الإجراءات لخدمة موكله بغض النظر عن كونه على حق أو مظلوم أو مجرم أو ظالم.

وفي هذه المهنة مسموح لكل جهة أن تدعي ما تشاء حتى لو كانت كذبا واضحا.
وقد يستمر الكذب والكذب المضاد في جلسات محاكم لعشرات السنين.
ومن الأدوات المشروعة في هذه المعمعات الصراخ واللقانة والفصاحة وحتى شيئ من الوقاحة والتزوير خصوصا إذا كان القاضي ضعيفا.

خاصية المشارعة هذه، هي من أبرز خصائص الحوثية والحوثيين، وإحدى مكامن قوتهم التي لا ينتبه لها خصومهم المحليين أو الإقليميين أو مستضيفيهم في مقابلات وبرامج التليفزيون أو في الندوات والمفاوضات مع الاوروبيين والأمريكيين أو المبعوثين الأمميين أو في أي جلسات مناقشات أو مفاوضات.

كذبات مع صراخ وانفعال مع شوية وقاحة مع جرجرة وسحببة للخصم أو للوسيط أو لمن يريد القيام بدور المحكم لأسابيع وشهور وسنين، تنتهي بإنهاك الخصم واقتناعه بأن الغنيمة هي ترك المشارعة والمقاضاة أو ينتج عنها تدويخ القضاة بحيث لا يقدروا على البت بالقضية لسنين وهو أصلا عز طلب الحوثيين.

٢- تثبيت الكذبة كأمر مسلم به
*
وهذه من مهمات وكيل الشريعة.
يكذبون الكذبة وبعدها يتم فرضها على الخصم وعلى القاضي بالتكرار والعناد والتشبث بها حتى يدوخ الخصوم والقضاة.

أ-كذبة محاربة “العدوان”
ب-كذبة أنهم مضطهدون
ج-كذبة إعلاء كلمة الله
د-كذبة استقلال الوطن والسيادة
هـ-كذبة تحرير فلسطين
و-كذبة الممانعة والتصدي لأمريكا وإسرائيل
ز-كذبة أن من يقاومهم مجرد مرتزقة
و-كذبة أن شعب اليمن يؤيدهم

ويمكن أن نضيف الكثير من الكذبات.

٣- الكذب مع العنف يصبح هو الأمر الواقع

الحوثيون، يخطفون الناس، ويخربون بيوت المعارضين، ويفجرون المساجد.
وحيثما استقر الحوثيون وخطفوا وفجروا، تصبح الحوثية والكذبات والإدعاءات المصاحبة لها هي الأمر الواقع.

٤- تحقيق الحوثي للانتصارات

الحوثيون، معهم خبرات في تسخير القبائل وورثوا جيشا وحرسا جمهوريا انصاع لهم، وتم تسخير هذا المزيج لتحقيق انتصارات نعترف بها نحن قبل أن يتفاخروا بها هم.

رؤية ما يحدث كما هو، هو أول خطوة لفهمه وتفكيكه وبعدها القضاء عليه.

هذا العنف، يحول الكذبات تلقائيا إلى أن تصبح هي الأمر الواقع.

**
ثانيا: المُشارِع الحوثي مع وسطاء الأمم المتحدة

أستطيع أن أدخل مخ الحوثي وهو يبتسم ويسيل لعابه من مجيئ ليدركنج.
قد أصبح الحوثي مرجعا وخبيرا مختصا في التعامل مع المبعوثين الدوليين.

١- جمال بنعمر

لعب الحوثي بجمال بنعمر، واقتحم صنعاء بينما هذا المبعوث الأممي كان بضيافته في صعدة.
تغطى بإسمه وبإسم الأمم المتحدة والسفراء العشرة وأمريكا وأوروبا ودول الخليج- الذين كانوا كلهم يرعون مهمة بنعمر، ولبسه مثل الشَّال المزخرف وهو يقتحم صنعاء ويطرد الجنرال علي محسن وحزب الإصلاح.

ثم انتزع منه “اتفاق السلم والشراكة”.

وكيل الشريعة الحوثي، لم يتلاعب فقط بجمال بنعمر ولكن زاد وطَّفه بالوطاف أو البردعة وركب فوقه، حتى استفاقت السعودية متأخرة واستشاطت منه غضبا وعملت على طرده.

ومن هنا نفهم مقالة جمال بنعمر الانتقامية المهاجمة للسعودية في مجلة النيوزويك ثاني يوم استحداث الرئيس بايدن منصبا جديدا وهو مبعوث أمريكا بشأن اليمن.

٢- اسماعيل ولد الشيخ

لم يذهب المتخصص في المبعوثين الدوليين إلى مفاوضات الكويت إلا بعد أن انتزع
•فتح مطار صنعاء
•مساعدات دولية، بعضها حتى من السعودية.
•وقف أعمال الطيران السعودي

حدث هذا عندما كنت سجينا عند الحوثي.

قد كنا قبلها نصبح أحيانا بدون فطور أو نبيت بدون عشاء وكميات أكلنا قليل، ثم فجأة صرنا نحصل على تمر عليه طبعة نخلة خضراء وسيفين- شعار السعودية.

كان ذلك الطعم وسط الحرمان ونحول الجسم وبروز العظام، يسوى الدنيا.

في محادثات الكويت، وفي تناول المبعوث ولد الشيخ، كانوا مايزال التعامل مع الحوثيين بموجب قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ وعلى أنهم انقلابيين وعلى أنه يجب نزع سلاحهم وانسحابهم من صنعاء.
وكانت المعضلات التي يبحثونها هي من الذي سيدير مسألة الأمن والنظام بعد انسحاب الحوثيين.
وكانوا يبحثون عن فرق جيش وقادة لم يشاركوا في أي معارك أو لم ينضموا صراحة لانقلاب الحوثي وحليفه صالح ولا للشرعية ولا للتحالف الخليجي.

أخذ وكيل الشريعة ما استطاع، وثبت دور الأمم المتحدة في تقديم المساعدات الدولية التي ينتهي جزء كبيرا منها لخدمة ماكينة حرب الحوثي.

لم يستطع الحوثي تثبيت فتح مطار صنعاء ولا منع عودة غارات الطيران السعودي.

الذي طرد اسماعيل ولد الشيخ من مهمته كمبعوث أممي إلى اليمن، كان الحوثي.

وبهذا الطرد، أدخل الحوثي بذرة الشك باستمرار صلاحية قرارات مجلس الأمن ومخرجات الحوار الوطني والدستور ودور الخليج والمبادرة الخليجية.

لا يلتفت الكثيرون للجانب الذي انتزعه وكلاء الشريعة الحوثيون من الوسيط اسماعيل ولد الشيخ، كمرحلة كانوا يحتاجونها للترقي أمام المجتمع الدولي.

٣- مارتين جريفثس

الواضح هو أن جريفثس كتلة فارغة متحركة، ليس بذهنه ولا بذهن من يحركونه من وراء الستار أي شيئ.

الذين يحركونه من وراء الستار، يدفعونه هنا وهناك بحثا عن شيئ لا يدرون هم أنفسهم ما هو.

ويكيلون له المديح ويغدقون عليه بالمصاريف والتأييد وهو يتحرك بالطيارة هنا وهناك ويتخبط بكلامه الفارغ ومخه الفارغ.

والأكثر وضوحا، هو أن وكيل الشريعة “الثعلب المكار” رأى مارتين جريفثس خنزيرا مربربا أبيضا ورديا قد لا يصلح كوجبة شهية بسبب معتقداته الدينية، ولكنه مرسل من العناية الإلهية كأداة من أدوات “التمكين” لسيادته ولانتصار المسيرة القرآنية.

هذا هو ما انتزعه وكيل الشريعة الحوثي
من جريفثس في “إتفاق ستوكهولم” الذي لم يوقع عليه أحد.

١- ترقية من متمرد إلى طرف نزاع
٢-شرعنة
٣-مساعدات أممية ومانحين دوليين سنوية بمليارات الدولارات
٤-إهمال المرجعيات وقرارات مجلس الأمن
٥-إيقاف تحرير الحديدة
٥-لم يسلم الحوثي مدينة الحديدة ولا الميناء ولا الأسرى المختطفين ولا فك حصار تعز.

جريفثس والذين خلفه، بدلا من أن يحنقوا ويغضبوا من الحوثي، فإنهم قالوا أن إتفاق ستوكهولم قد أصبح من أخبار الماضي وأنهم يجب أن يفكروا بطريقة “واقعية” وبناء على “الحقائق” على الأرض.

وأنهم يريدون إعلانا مشتركا موقعا من الجانبين.

حقق الحوثي هنا انتصارا مدويا، يحسده عليه أي وكيل شريعة.

جريفثس والأمم المتحدة وأمريكا وبريطانيا وأوروبا، اعتمدوا له ما لطشه في ستوكهولم ويتغاضون عما يجب عليه تسليمه بموجب نفس إتفاق ستوكهولم.

ظن جريفثس أن الحوثي سيقنع بالهدية والجائزة الأممية، ولكنه تلقى صفعة حوثية جعلته يجري ويبحث عن حل مشاكل المرأة اليمنية بدلا من حل المسألة الحوثية.

طلب الحوثي:
•فتح مطار صنعاء
•السماح للنفط الإيراني المجاني الذي يمول المجهود الحربي الحوثي بالدخول من ميناء الحديدة

وانشغل جريفثس بحل مشكلة مشاركة المرأة اليمنية.

ثالثا: المُشارع الحوثي يلاعب ليدركنج

أقبل يهز الشارع
مثل الغزال الفازع

العالم كله انبهر بأول قرار للرئيس الأمريكي الجديد بشأن السياسة الخارجية الجديدة لأمريكا.
لقد قرر جو بايدن أن ينهي حرب اليمن وأرسل ليدر كنج ليحل أيضا كل مشاكل اليمن.

وسبق وصول الغزال الفارع هديتان من بايدن:
١- إلغاء تصنيف الحوثية كجماعة إرهابية
٢- إعادة المساعدات الأمريكية إلى المناطق التي تحت سيطرة الحوثي.

وكيل الشريعة الحوثي، حال وصول ليدركنج، قال في نفسه:
يا مستجيب للدَّاعي
جب دعوتي بإسراعِ

وأسرع بالآتي:

١- حربيا

أ- أرسال موجات متعاقبة من الحشود والجيوش لغزو مارب والاستيلاء على الغاز والنفط
ب- قصفت إيران ميناء رأس تنور في شرق السعودية بإسم الحوثي، واعتمد الحوثي الكذبة
ج- كثف إطلاق المسيرات المفخخة والصواريخ إلى جنوب السعودية

٢- كذبات جديدة لوكيل شريعة

أ- مارب
ادعى وكيل الشريعة بأنه لم يصعد ولم يكثف الهجوم على مأرب، وأن ما عمله هو نفس ما كان يعمله طوال ٦ سنوات

ب- حصار تعز
ادعى وكيل الشريعة بأنه لم يحاصر تعز أبدا، وإنما أهل تعز هم الذين يحاصرون الحوثي ويمنعونه من الوصول إلى المخاء.

٣- رفض عرض ليدركنج

قال الحوثي أنه لن يتفاوض مع ليدركنج إلا إذا حقق له آخر مطلبين كان قد طلبهما من جريفثس، وهما فتح مطار صنعاء ودخول نفط إيران المجاني إلى الحديدة

كانت قدرة ليدركنج وأمريكا على تحمل كذبات وإهانات الحوثي، أقل بكثير من قدرة تحمل جريفثس والديبلوماسية البريطانية “الرَّبَلْ” المطاطية التي تتحمل الدعس والفحس، فأوقفت مهمة الغزال الفازع الذي جاء يهز الشارع.

عاد ليدركنج إلى واشنطن بدون أن يبين أنه زعلان، ولكنه قال:
“الحوثيون، لا يريدون المفاوضات الآن لأنهم يريدون الاستيلاء على مارب أولا.”
وأضاف:
“عندما يكونون مستعدون للتفاوض، سنعود إليهم.”

ونحن لا نعرف إن كان يقصد بأنه سيعود لو انتصروا، ليعتمد احتلال الحوثيين لمارب.
أم سيعود لو انهزموا، لينقذهم ويجد لهم مخرجا مناسبا في وضع جديد كما فعل جريفثس في إتفاق ستوكهولم بشأن الحديدة.

**
رابعا: التحرير الذاتي في تعز
**

من المفاجآت الرائعة التي نتجت عن وحشية موجات الهجوم المتتالية على مارب، هو أن تعز قررت أن تحرر نفسها ذاتيا في ظرفين في غاية الغرابة حتى بمستوى غرابات حركات الشرعية والتحالف اللاتي قد تعودنا عليها:

١-غياب دور دولة الشرعية المنهكة بضربات المجلس الانتقالي ومقابلات وتحركات وطموحات أحمد العيسي.

وعلى الشرعية أن تلملم نفسها وتضبط تصريحات المنتسبين لها، وترى كيفية دعم تحرير تعز.

٢-عدم أخذ الإذن من السعودية أو طلب الدعم الذي يهدروه كما تعودوا.

وهذا يستدعي منا توجيه رسالة خاصة للمملكة السعودية من تعز.

**
خامسا: رسالة من تعز إلى المملكة
**

لا تتركوا تعز تحارب هي وربها!

١- تعز تحتاج دعم

٢- حركوا الجبهات المجاورة لتعز
•حركوا جبهة الحديدة
•حركوا جبهة الضالع
•حركوا جبهة لحج

٣- تعز، في أعلى درجات الروح المعنوية وجاهزة للبذل وطرد الحوثي

٤- تعز، ستنزف الحوثيين بغزارة

٥- تعز، ستوجه ضربة معنوية قاصمة لكل الحركة الحوثية

٦- لا تهتموا بمن سيرث الحكم والمناصب والنفوذ في تعز.
هذه أشياء من هموم بعدين.
ولا تهتموا بحساسية أن حزب الإصلاح في تعز هو الذي يتصدر.
كل الناس مشاركون وهي معركة كل الناس وكل من بداخله دم أحمر.
الأغلبية الصامتة، تؤيد تحرير تعز بكل روحها وطاقتها.

٧- اعتبروني مثالا على مشاعر الأغلبية الصامتة في تعز نحو السعوديين:
قد نغضب منكم وقد نختلف معكم، ولكننا ندرك أننا تحت نفس التهديد ونفس الخطر ومصيرنا على المدى البعيد هو نفسه سواء نجونا أم سقطنا.

٨- أنا ومن مثلي في تعز، ننتظر.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد