د /عبده سعيد المغلس :
لأهمية الحق ودوره في وجود الإنسان واستخلافه، تكرر في كتاب الله حوالي ٢٧٢ مرة، فالله هو الحق، وأرسل رسله وانبيائه بالحق، وأنزل كتبه ورسالاته بالحق، ومن بين أهم أسباب وجود الإنسان، هو جدل صراع الحق والباطل، فالإنسان في صراع دائم في هذه الجدلية، التي لا يفقهها غير القليل من الناس، وهناك كثير من الناس يرفضون الحق، وبَيَّن الله أوصافهم وسلوكهم وتعاملهم مع جدلية صراع الحق والباطل في محكم تنزيله عبرة وعضة وفهم لجدلية الصراع.
وبيَّن سبحانه بأن أكثرهم للحق كارهون، وأكثرهم لا يعلمون الحق، وعنه معرضون، ومنهم من لا يؤمن بالحق، ومنهم من يُلبسون الحق بالباطل، ومنهم من يعلم الحق ويكتمه ويحاربه، لأنه ضد مصلحته ورغباته، ومنهم من لا يرغب بالحق حسداً للحق وأهله، ومنهم من يُكَذَّبُون بالحق إذا جاءهم، ومنهم من يقولون على الله غير الحق، ومنهم من يجادل في الحق وهو بيّن لهم، وكأنهم يُساقون للموت وهم ينظرون، ومنهم المجادلون بالباطل، محاولين أن يدحضوا الحق، ومنهم الكافرون بالحق المعادون له، وهم دوما يتبعون الباطل، والباطل هو الظن والوهم، ولن يغنيهم عن الحق شيئاً.
وليس هناك أظلم من الذي يفتري على الله الكذب، أو يُكَذّب بالحق، كما يصف الله، والتابعون الباطل هم جنود باطل الشيطان، وسيكتشفون نكبتهم حين يتركهم الشيطان، لمصيرهم الذي ظلموا به أنفسهم، مصداقاً لقوله سبحانه(وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ ۖ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي ۖ فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنفُسَكُم ۖ مَّا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُم بِمُصْرِخِيَّ ۖ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ ۗ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) ابراهيم ٢٢.
وفي مسيرة صراع الحق والباطل، هناك مسار التمحيص والابتلاء، يخوض غماره الحق وأهله، وفيه يظهر المؤمنون بالحق، ويتساقط الكافرون به، والمنافقون والمتخاذلون، ليكون أنصار الحق كما وصف الله، أمة يهدون بالحق وبه يعدلون، وهم القلة الذين آمنوا بالحق، وعملوا على إظهاره، ولسان حالهم قوله سبحانه: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ) الأنفال ٧.(لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)الأنفال ٨، وعلى هذه القلة يقوم الحق وبها يستند وينتشر وينتصر.
وحرب اليمن، هي ضمن جدلية الصراع بين الحق والباطل، بين حق يهدف كرامة المواطن اليمني، بدولته وشعبه، وأرضه وثرواته، وباطل يهدف عبودية المواطن اليمني، وتدمير وتمزيق دولته وشعبه، ونهب ثرواته، معسكران ومشروعان واضحان “الحق والباطل” فأيهما يكون الخيار.
ألم يَحِنْ الوقت للمعارضين والمحاربين للشرعية، وما تُمثله من حق وطني في الثورة والجمهورية، واليمن الاتحادي، ليحددوا موقفهم من الإمامة والانفصال، وما يمثلانه من باطل مدمر لليمن، الدولة والشعب، والوطن والأرض.
وعلى مناصري الشرعية الثقة بالله والتوكل عليه، والثقة بشرعيتهم ومشروعهم، فهم على مشروع الحق والمشاريع الأخرى على باطل، ثقوا بأن الحق منصور ومنتصر، ولن يجعل الله أهواء الباطل تُسيّر كَوْنَه وخَلْقِه، وتمثلوا كلام الله وقوله سبحانه، في محكم تنزيله(وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ) المؤمنون ٧١. وعلينا القول كما أمر الله (…رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) الأعراف ٨٩.
وثقوا بسنن الله وقوانينه، وبأن الحق قادم، وسيُظهره الله بنصره، وكل دعاة الباطل كارهون، وسيقع الحق ويُبطل كل ما يعملون، فلم تنتصر الأحادية والفردية بكل طغاتها طوال التاريخ، ولم ينتصر تمزيق الشعوب، ولم تنتصر ثقافة الكراهية والعصبية، فانتصار الحق وهزيمة الباطل قانون الله، يقول سبحانه:(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) الأنبياء ١٨.(وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا) الإسراء ٢٨.(وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ)يونس ٨٢.
فلا تكونوا في مرية من انتصار الحق، وانتصار الشرعية بقيادة فخامة الرئيس هادي وانتصاركم، وعليكم التواصي بالحق والصبر، فنصر الله قادم وحق اليمنيين بدولة الكرامة والعزة والتنمية قادم بإذن الله.