كتب/ بشرى العامري:
في الساحل اليمني الغربي، حيث تلتقي أمواج البحر برمال الشواطئ، يعيش الصيادون والمزارعون حياة أقرب ما تكون إلى الكابوس. الحرب التي أشعلتها ميليشيا الحوثي لم تكتفِ بتمزيق نسيج الحياة اليومية، بل حولت الأراضي الخصبة والسواحل الجميلة إلى حقول موت تزرعها الألغام البرية والبحرية.
كل خطوة على تلك الأرض المغطاة بالخضرة أو تلك المياه الزرقاء قد تكون الخطوة الأخيرة في حياة مزارع أو صياد.
مؤخراً وثقت منظمة “رايتس رادار” مقتل وإصابة أكثر من ألفي مزارع وراعي أغنام، بينهم نساء وأطفال، جراء الألغام الحوثية.
تلك الأرقام المرعبة تكشف عن قصص مأساوية؛ خلف كل ضحية أطفال فقدوا براءتهم، ونساء انتُزِعَت منهن حياتهن، ورجال شُوهِدَت بقايا أجسادهم تتناثر على الأرض التي كانت يومًا مصدر رزقهم.
على سواحل الحديدة والمخا والخوخة وغيرها من مناطق الساحل الغربي، توقفت قوارب الصيد عن الإبحار بفعل الألغام البحرية التي زرعتها ميليشيا الحوثي. أكثر من 60% من الصيادين فقدوا مصدر رزقهم، بعدما حولت الميليشيات تلك السواحل إلى مناطق محظورة تبتلع أرواح كل من يقترب منها.
البحر الذي كان يجود عليهم بخيراته، أصبح الآن مصيدة عملاقة تزرعها الميليشيات بلا رحمة. عشرات الصيادين لقوا حتفهم في تلك المياه القاتلة.
تعرض اقتصاد البلاد الذي يعتمد بشكل كبير على الزراعة والصيد لضربة قاصمة جراء انتشار الألغام الحوثية مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد. ووجدت أكثر من 54% من القوة العاملة بالزراعة نفسها في مواجهة شبح الجوع والفقر.
الألغام التي تزرعها ميليشيا الحوثي ليست مجرد أدوات قتل، وإنما دمار شامل يسحق الحياة والمستقبل برمته، تاركة وراءها بقايا أمة تصارع من أجل البقاء.