بشرى العامري :
ما أشبه الليلة بالبارحة، يحتفي شعبنا اليوم بالعيد الثاني والستين لثورة السادس والعشرين من سبتمبر 1962، وأمامه تحدٍ يشبه تحدي الآباء عبر نسخة من طغيان حكم الكهنوت الحوثي في صنعاء.
تعمل ميليشيات الحوثي منذ تمردها على الإجماع الوطني ودستور الجمهورية وقانون البلد على إعادة عجلة التاريخ إلى عهد الإمامة البائد في محاولة بائسة ومدمرة، مستخدمة كل وسائل القمع الرهيبة لتكريس التخلف والرجعية.
لتعود معركة الشعب مستلهمة مبادئ وأهداف ثورة الآباء، معركة تذكر بأهداف ثورة 26 سبتمبر المجيدة، والتي لا تزال هي المطلب النبيل والبغية الأسمى، كونها أهداف الحقوق والحريات وصون الكرامة قبل كل شيء.
كيف ينسى هذا الشعب أن في مقدمة أهداف الثورة الخالدة التحرر من الاستبداد والاستعمار ومخلفاتهما، وإقامة حكم جمهوري عادل، وإزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات؟
ثم جاء الهدف التالي معززًا لمسار الحقوق برفع مستوى الشعب اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وثقافيا، وإنشاء مجتمع ديمقراطي تعاوني عادل يستمد أنظمته من روح الإسلام الحنيف.
وخلال عقود ستة، جسدت الثورة ضد الحكم الكهنوتي أهدافها، فكانت مسيرة الثورة دائماً طريقاً لترسيخ قيم المساواة وتعزيز فضاء الحرية وصون الكرامة.
هذه الثورة كانت ولا تزال من أجل الكرامة والتحرر من الاستبداد.
مرت مسيرة ثورة السادس والعشرين من سبتمبر المجيدة بمحطات هامة من النضال مهدت لنجاحها، لتصبح نقطة تحول رئيسية في تاريخ البلاد.
أسقطت النظام الإمامي الجائر وأعلنت قيام الجمهورية.
لتكون أهم إنجازاتها التي أثرت بشكل مباشر على الحقوق والحريات، إلغاء النظام الطبقي السائد قبل الثورة، حيث كان الحكام وأبناء السلالة الإمامية فقط هم من يتمتعون بجميع الحقوق، في حين كان غالبية الشعب محرومًا من أبسط حقوقه.
جاءت الثورة لتؤكد على المساواة بين أبناء الوطن الواحد، مما أسهم في تحسين أوضاع الفئات المهمشة.
كما أسهمت الثورة في تحقيق حرية الرأي والتعبير حيث سُمح بتأسيس الصحف والإذاعات المستقلة، لتتيح المجال للشعب للتعبير عن آرائه دون خوف من القمع أو الاضطهاد.
ومهدت الثورة الطريق لمزيد من مشاركة المرأة في الحياة العامة والتعليم، وتمكينها. ومنحتها حقوقًا كانت مغيبة في ظل النظام البائد، مثل الحق في التعليم والعمل والمشاركة السياسية.
ووحدها الثورة من سعت لتحقيق العدالة الاجتماعية والحد من التمييز والظلم الذي كان سائداً قبلها، كما سعت لتحسين الظروف المعيشية للمواطنين من خلال إصلاحات اقتصادية واجتماعية.
وجرى تعزيز الحقوق الدستورية بعد الثورة، عبر وضع أسس لدولة مدنية قائمة على حكم القانون والدستور، والذي أدى إلى تحسين حقوق الأفراد في المشاركة السياسية والحصول على محاكمة عادلة.
ليبقى السادس والعشرون من سبتمبر فجر النضال لكل أبناء الوطن، والذي من خلاله أشرقت شمس الحرية وزال الاستبداد والكهنوت إلى الأبد.
واليوم، ومن أرض العزة والبطولة، يصدح أحفاد أبطال السادس والعشرين هاتفين: لن ترى الدنيا يومًا على أرض الأحرار سيداً أو وصيا.