17.7 C
الجمهورية اليمنية
5:45 صباحًا - 24 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

أمير هارب.. وإمام منهوب

بلال الطيب :

بوفاة ـ الأمير، الملك ـ الحسن بن القاسم بمدينة ضوران «شوال 1048هـ»، عن «52» عاماً، بدأت ملامح صراع مراكز القوى الحاكمة تطفوا على السطح، ليتبدى ذلك وبقوة منتصف العام التالي، وذلك بتمرد الأمير أحمد بن الحسن، ذو الـ «18» ربيعاً، الذي اعترض على عدم إحلاله مكان أبيه، لتناصره في تمرده ذاك غالبية قبائل «المناطق الوسطى».

دارت مواجهات محدودة بين أنصار الأمير المُتمرد وأنصار عمه «المؤيد» محمد، كلفت الجانبين عشرات الضحايا، تم الصلح بينهما قبل أن ينتهي العام «1049هـ»، فكان لـ أحمد بن الحسن خيار الذهاب إلى «الغراس»، ليستقر في حصن «ذي مرمر» على أوضاع جُعلت بين يديه، فيها كفايته وكفاية من معه.

مع بداية العام «1051هـ» تجدد الصراع، رفض الأمير أحمد تسليم خزنة أبيه، وجه «المؤيد» محمد عماله بالقبض عليه، هرب إلى قعطبة، فلحق به العسكر بقيادة عمه ـ شقيق أبيه ـ إسماعيل بن القاسم، وهناك هزمه الأخير، وأخذ الخزنة ـ محل الخلاف ـ من بين يديه.

أكمل الأمير الطامح مسيره صوب مدينة عدن، أواه صاحبها الحسين بن عبد القادر الجرهمي، ليغادرها بعد أربعة أشهر إلى يافع، تزوج منهم، وعاود بهم وبدعم من السلطان بدر بن عبدالله الكثيري صاحب حضرموت غاراته على قعطبة وضواحيها.

مع بداية العام التالي، اقتحم عساكر «المؤيد» حصن «ذي مرمر»، بعد حصار دام عشرة أشهر، كان فيه جماعة من أصحاب الأمير الهارب، وزوجته الأولى حورية شرف الدين، خربوا الحصن بمساعدة قبائل «بني حشيش»، الرافضين حينها لتواجد حصون الدولة في مضاربهم، نُقلت أبواب الحصن وأخشابه إلى شهارة، وصار «المؤيد» بعد ذلك حاكم اليمن الأوحد دون منازع.

فشل «المؤيد» في ثني أهالي يافع عن مناصرة ابن اخيه، لينجح أواخر العام «1052هـ» في استمالته إلى صفه، بعد أن جعل موارد وصاب تحت تصرفه، وزوجه بابنته مُحصنة، فانتهت بذلك القطيعة، وهمد الخلاف.

أوكل «المؤيد» محمد مهام الأمير الحسن لأخيه غير الشقيق الأمير إسماعيل، ليقوم بعزل الأخير بعد عام ونصف، همَّ الأمير المعزول حينها بمغادرة البلاد، إلا أن خبر موت الإمام جعله يتريث طامحاً أن يحل محله، وهو ما كان.

توفي «المؤيد» محمد بن القاسم منتصف العام «1054هـ» ـ الموافق «1646م» ـ عن «64» عاماً، فأنارت لموته قبور الفضلاء في صنعاء وغيرها، كما أشار المؤرخ «الجرموزي»، أعلن شقيقه أحمد من شهارة، وصنوه إسماعيل من ضوران نفسيهما إمامين مُنفصلين، تلقب الأول بـ «المنصور»، وتلقب الثاني وهو الأصغر سناً بـ «المتوكل»، وفيهما قال صاحب «طبق الحلوى»: «ورجح المتوكل من رجح؛ لرسوخ قدمه في العلوم سيما الفقه، ورجح أخاه من رجح؛ لتقدم دعوته، وتوسم أنه أنهض».

كما أعلن ابن اخيهما محمد بن الحسن نفسه إماماً على مناطق «اليمن الأسفل»، ثم ما لبث أن تخلى عن دعوته، وساند عمه «المتوكل» إسماعيل بكل قوته، ونجح وأخوه أحمد باستقطاب قبائل «خولان، والحداء، وسنحان»، وتوجها بهم لحصار مدينة صنعاء، التي كانت حينها تحت قبضة أنصار «المنصور».

ومن شهارة عزم «المنصور» أحمد ـ رغم بدانته ـ على التوجه إلى صنعاء، وحين بلغه نبأ حصارها غير مساره نحو مدينة ثلا، لحق به محمد بن الحسن، لتدور هناك معركة وحيدة وفاصلة، هُزم فيها الإمام البدين، فخرج طالباً الأمان، مُكملاً مسيره بثقل إلى ضوران، خاضعاً مُبايعاً.

ولإيضاح وإكمال المشهد، أترككم مع ما قاله صاحب «طبق الحلوى»: «ولما اتضح للذين بصنعاء تسليم صاحبهم للأمر، خاطبوا بالطاعة، فدخل أحمد بن الحسن إليها، وأثبت الخطبة للإمام، وكان عوام البلاد قد تأهبوا لانتهاب المدينة كما هو شأن العوام الطغام، فلما حصل هذا الالتئام؛ رجع كل إلى محله، ولما انتظمت الأمور فيما بين أحمد وصنوه الإمام؛ وجهه إلى صعدة وما إليها، وأطلق يده في واجباتها، وجعله عاملا عليها»، وإلى هذا الأخير تنسب أسرة «أبو طالب».

توقف الصراع «القاسمي ـ القاسمي»، إلا أن التنافس «العلوي ـ العلوي» لم يتوقف، أعلن عبد الله صبح من حوث نفسه إماماً، وذلك بعد وفاة «المؤيد» أحمد، إلا أن نار «بني القاسم» استعرت عليه، هرب إلى «بلاد شاطب»، وهناك انطفأت إمامته، وانقطعت أخباره.

كما أعلن من صعدة إبراهيم بن محمد المؤيدي الشهير بـ «أبو حورية» نفسه إماماً «1056هـ»، كامتداد لـ «دولة المؤيدى»، أرسل إليه «المتوكل» إسماعيل بجيش كبير، اقتادوه إليه مُستسلماً، أعلن طاعته تقية، ثم استأذن بالرحيل.

بمجرد عودته إلى صعدة؛ جدد «أبو حورية» دعوته للمرة الثانية، أرسل إليه «المتوكل» إسماعيل جيشا أكبر، أفلت منهم هذه المرة بصعوبة، وتحصن بـ «باقم» مدة، ثم أرسل يعتذر، مُجدداً بيعته للمرة الثانية.

في بداية العام «1061هـ» جدد «أبو حورية» دعوته للمرة الثالثة، مُستغلاً تمرد الشيخ يحيى روكان في «خولان بني عامر»، ففسدت بذلك بلاد صعدة جميعها، واستوحش الناس، أرسل إليهما «المتوكل» جيشاً أكبر من سابقيه، ليتوجه «أبو حورية» بانتهاء التمرد إلى ضوران، خاضعاً مُستسلماً.

أقطع «المتوكل» إسماعيل «أبو حورية» مدينة «رغافة» وما جاورها، فهمد حينها وهمدت إمامته، أما حليفه الشيخ روكان فقد جدد تمرده أكثر من مرة، لينجح القاسميون في القبض عليه، أودعوه السجن، وفيه مات.

كما جدد في ذات العام محمد بن علي الحيداني المعروف بـ «الفوطي» دعوته، وقال: «أنا إمام، وإسماعيل إمام»، وقيل أنه ادعى أنه «المهدي المنتظر»، وكفر المسلمين مُستثنياً أتباع مذهبه «الجارودي»، خرج من بلدته حيدان صوب برط، مروراً بالجوف وخولان، وصولاً إلى رداع، وفي الطريق نُهبت كُتبه ومَلابِسه، فعاد إلى بلدته خائباً، مُكفراً ـ هذه المرة ـ الجميع.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد