د/ عبد القادر الجنيد :
الأسابيع والشهور القادمة، ستكون حافلة بالتموجات والأمواج في اليمن.
التموجات القادمة من بايدن خاصة ومن أمريكا عموما، تصر على أن حرب اليمن، يجب أن تتوقف فورا.
وصلت التموجات إلى طهران، فأرسلت جواد ظريف إلى مسقط لمقابلة المتحدث بإسم الحوثي.
وصلت التموجات إلى الرياض، وأدت لحلقات من التموجات وصلت إلى قمتها بتصريح نادر لولي العهد السعودي بشأن اليمن.
ويعود مبعوث أمريكا بشأن اليمن- اليوم الخميس- إلى الرياض ومسقط لترقية التموجات إلى مستوى الأمواج.
**
أولا: ظريف يقابل محمد عبدالسلام
**
جواد ظريف في مسقط عاصمة سلطنة عمان لمقابلة محمد عبد السلام فليتة
ألمع شخصية إيرانية، يعرفها المجتمع الدولي وخاصة في أمريكا.
والمؤكد أنه يحمل المشروع الإيراني الكبير الخاص بترسيخ نفوذها في المنطقة.
وهو الآن مشغول جدا أيضا، بالمفاوضات مع أمريكا في ڤيينا بشأن أبحاثها النووية.
ما الذي يجعل هذا الرجل المهم والمشغول جدا يذهب إلى مسقط لمقابلة محمد عبدالسلام فليتة؟
١- كانت المملكة السعودية والشرعية اليمنية، يرفضون بتاتا أن يكون لإيران أي دور في مناقشة المشكلة اليمنية.
أدى نجاح إيران بدعم الحوثيين بالمسيرات والصواريخ والتكتيكات العسكرية وضرب إيران المباشر لمنشآت آرامكو النفطية السعودية إلى تراجع السعودية والشرعية عن رفضهما لتدخل ودور إيران.
كان جواد ظريف منتشيا وفخورا، وهو يفشي لفريد زكريا في برنامج GPS الشهير في سي إن إن- قبل عدة أسابيع- خبر بأن مارتين جريفثس سيزوره في طهران لأول مرة.
قال ظريف بأنه سيقول له نفس طلبات إيران الأربعة للسعوديين والأمريكيين، بعد أسابيع من بداية الحرب في ابريل ٢٠١٥.
طلبات إيران في اليمن
*
١- وقف فوري لإطلاق النار
*
(ترجمة هذا عمليا وفعليا، هو:
•وقف عمليات طيران السعودية.
•يتلاعب الحوثي بالشرعية كما يتلاعب بوقف إطلاق النار في الحديدة بعد إتفاق ستوكهولم.
•لن تتأثر قوة الحوثي العسكرية.
•اختفاء أي نوع من أنواع القوة العسكرية للشرعية)
٢- إعادة إعمار فورية في اليمن
*
(ترجمة هذا عمليا وفعليا، هو:
•فتح خزائن السعودية للحوثيين.
•الحوثيون، سيتحكمون بمقاولات ومشاريع الإعمار وسيزداد نفوذهم الاقتصادي.
•بامتلاك الحوثي للقوة العسكرية والاقتصادية وبجمعه في نفس اليد للقوة الخشنة والقوة الناعمة، سيصبح قوة طاغية لا ينافسها أحد.
٣- مفاوضات شاملة لكل اليمنيين
*
(ترجمة هذا عمليا وفعليا، هو:
أ- الحوثي، سيفاوض من موقع قوة.
ولا يحتاج لشرح عما ستكون عليه مفاوضة القوي مع الضعيف.
ب- لا أحد معه أي ورقة ضغط على الحوثي: لا أمريكا ولا السعودية ولا الشرعية في الميدان.
ج- سيمارس الأمريكان الضغط على الشرعية وسيضغطون على السعودية لتضغط على الشرعية، وستشربنا الشرعية مقلب العمر في نسخة مجسمة وجسيمة لما حدث في ستوكهولم.
د- إيران، من أدهى البشر في أمور المفاوضات وبنود الإتفاقيات، وهذا واضح جدا بما يفعلونه بأمريكا تحت رئاسات أوباما وترامب وبايدن.
ولن يقصروا بتزويد الحوثي بتقنيات وحركات وأفخاخ البنود والفقرات.
هـ- الحوثيون، هم السلالة المحتكرة للقضاء والمحاماة والشريعة والمشارعة في اليمن، وأشطر من يعرف اللف والدوران والحكوال أو الكحوال، وسيلعبون ويتلاعبون بمفاوضي الشرعية كما يشاؤون.
و- أي إتفاق يعقده الحوثيون، إنما يعقد ويوقع عليه ليتم اختراقه والنكوص عنه في أقرب وقت ممكن.
ز- لن تتمكن الشرعية الضعيفة عسكريا واقتصاديا والمحرومة من دعم السعودية والمضغوط عليها من قبل أمريكا، أن تعمل أي شيئ عندما ينكص الحوثي عن أي إتفاق، وينكث ويخلف أي وعد، ويُكَذِّب أي تفسير لما قاله، وسينتج عن هذا نسخة مجسمة أخرى لما حدث بعد إتفاق ستوكهولم.
٤- حكومة مشاركة يمنية تضم كل الأطراف
*
(ترجمة هذا عمليا وفعليا، هو:
“حكومة حبتورية”
هذا هو الإبتكار الحوثي- الإيراني الذي وضعوه لصنعاء واليمن، كنسخ معدلة لحكومة العراق برئاسة مصطفى الكاظمي في العراق، وحكومات رفيق الحريري التي لا تتشكل في لبنان، ولحكومات الشعراء والكتاب في سوريا.
أي حكومة مشاركة بين الحوثيين وبقية اليمنيين، ستكون مجرد دمية في يد عبدالملك الحوثي.)
خلاصة طلبات إيران الأربعة، هي:
*
أ- سيطرة الحوثي الكاملة المطلقة على اليمن.
مع شوية شكليات وبروتوكولات مثل بيروت وبغداد ودمشق.
ب- انضمام اليمن رسميا إلى مقتنيات إيران مثل أخواتها العربيات في لبنان وسوريا والعراق.
ج- إخراج نفوذ السعودية من اليمن، كما أخرجتها سابقا من عواصم أخواتها العربيات.
**
ثانيا: محمد عبدالسلام يقابل جواد ظريف
**
محمد عبدالسلام فليتة، هو ناطق الحوثي والمسؤول “الحقيقي” عن السياسة الخارجية للحوثي، ويقيم في مسقط ليستطيع أن يتقابل مع أي أحد وقت ما يشاؤون كلهم.
سيكون من المثير، أن نحضر وندخل غرفة اجتماع داهية إيران مع داهية الحوثيين.
داهية إيران- ظريف- سيحاول أن يقنع داهية الحوثي- فِلِيتَة- بأن يرخي طبعه قليل، ويقرأ التفكير الإيراني كما شرحنا في “الترجمات العملية والفعلية” لطلبات إيران الأربع.
داهية الحوثي- فليتة- معه مشكلة إقناع عبدالملك الحوثي بأنه ينقص شوية من كلامه وخطبه الطويلة عن “الولاية” وأحقيته في الحكم، ولو لفترة قصيرة حتى تستتب الأمور.
والغالب، أنه جواد ظريف سينجح في إقناع عبدالملك الحوثي بأن ينقِّص “تجليسة” خطبه عن “الولاية” و “التمكين الإلهي” حتى تنتهي الشهور القليلة القادمة، وتتحقق طلبات إيران الأربعة.
**
ثالثا: ليدركنج يبدأ اليوم جولة في الرياض ومسقط
**
اليوم، الخميس، سيصل ليدركنج للمرة الخامسة إلى المنطقة.
قبل أسابيع، بعد عودته الرابعة من مسقط والرياض إلى واشنطن، سمعنا الآتي:
١- قال ليدركنج، أن الحوثي ليس جاهزا بعد للتوصل لإتفاق لأنه يريد أولا الانتهاء من هجومه الكبير على مارب
٢- قال ليدركنج، أنه سيعود إلى المنطقة عندما يكون الحوثي مستعدا للإتفاق.
٣- قالت صحيفة بلومبيرج الأمريكية، أن ليدركنج سيعود للحوثي بتنازلات جديدة تقدمها السعودية بشأن الحصار ودخول النفط الإيراني المجاني ومطار صنعاء وفك الحصار عن ميناء الحديدة.
٤- انكسرت هجمات الحوثي المتتالية على مارب، والغالب أنها كانت رغبة أمريكية أيضا.
وربما بمساعدات لوجيستية ومخابراتية أمريكية أفضل.
٥- واليوم عاد.
عاد ليدركنج بحزمة تنازلات اقتصادية ورفع حصار من السعودية للحوثي.
وبعد انكسار هجمات الحوثي المتتالية على مارب.
**
رابعا: هل سنصبح بدون شقيقة كبرى؟
**
لا شك في أن السنوات الست الماضية، كانت فريدة في علاقة اليمنيين بالسعوديين.
قبل هذه الست سنوات، كانت اليمن بالنسبة للسعوديين هي تلك القبائل الشمالية التي تسكن بين حدودها والعاصمة اليمنية صنعاء.
في ٢٦ مارس ٢٠١٥- لأول مرة في التاريخ- أثارت السعودية خيال وشغف مجاميع سكانية يمنية ضخمة في الجنوب والوسط والشرق والغرب وحتى في الشمال وشمال الشمال.
ولكنها في نفس الوقت أثارت سخط وغضب وعداء الطائفة والقوى القبلية التي كانت تساندها في الحروب الجمهورية الملكية، بعد ثورة ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢.
والآن، جاءت إيران.
ولا يعلم إلا عالم الأسرار- سبحانه جل جلاله وتعالى- ماذا سيحدث لمسمى “الشقيقة الكبرى”.