29 C
الجمهورية اليمنية
9:27 مساءً - 14 يونيو, 2025
موقع اليمن الاتحادي
Image default
اقلام حرة

الهاشمية النازية ومتلازمة عقدة الثورة والجمهورية!

سماح الشغدري:

على مدى حكم الجمهورية التي أسستها ثورة 26 سبتمبر، والتي انتفضت ضد النظام الإمامي الرجعي العنصري، عاش اليمنيون تحت وطأة قرون من التخلف، والعزلة، والانغلاق، والجهل، والمرض، واحتكار السلطة والحقوق بيد بيت حميد الدين ومن يدّعون الانحدار من “السلالة المقدسة الوهمية”.

لقد كان اليمني في عهد تلك الشراذم الظلامية لا يعرف حتى شكل الملعقة. بل بلغ الجهل في ذلك الزمن أن سكان صنعاء، حين سمعوا لأول مرة صوت المذيع عبر جهاز الراديو الوحيد في المدينة، قالوا إنه “ممسوس بالجن”!

ويبدو أن هذا “المس الشيطاني” نفسه قد تلبّس العاملين في قناة الهوية النازهاشمية، التي بثّت مؤخرًا تقريرًا يتناول شخصيات إعلامية يمنية بنبرة عدائية، مستخدمةً مفردات لا تليق بأي وسيلة تزعم المهنية أو الاحترام لوعي الناس.

فبدلًا من تقديم مادة نقدية محترمة، انحدر التقرير إلى مستوى لغوي متدنٍ، مليء بالإيحاءات المسيئة والاتهامات العشوائية، ما جعله أقرب إلى خطاب تحريضي يعكس أزمة أخلاقية عنصرية ومهنية في المنظومة التي تقف خلفه.

وعلى خلفيته، يتم بث مقاطع للكائن الطحلبي مالك القناة، محمد العماد، وهو يردد مزاعم مفادها أن جماعته أنجزت في أربعة أيام ما لم تحققه الجمهورية في خمسين عامًا! هكذا ببجاحة كاملة يعيد هذا الخطاب إنتاج العداء للجمهورية بلغة إعلامية مشوهة وملتوية.

أما “عقدة الجمهورية”، فهي متلازمة حقيقية يعاني منها 95% من الهاشميين الذين لديهم تحسس مزمن من كل ما أنجزته ثورة 26 سبتمبر. وآخر أعراض هذه العقدة هو الهجوم الممنهج على الإعلاميات اليمنيات.

ما قد يتجاهله معدّو هذا التقرير عمدًا، هو أن الإعلاميات اليمنيات – بمختلف انتماءاتهن وتوجهاتهن – قدّمن تجارب نضالية ومهنية حقيقية، ونجحن في بناء حضور في الفضاء العام، رغم التهميش والضغوط السياسية والاجتماعية والدينية والقبلية، ورغم محدودية الموارد، وآخر تلك التحديات اليوم: الانفلات العام الذي يضرب البنية الإعلامية في البلاد، والذي تدفع النساء اليمنيات ثمنه باهظًا.

لقد شكّلت الإعلاميات اليمنيات نموذجًا مشرفًا، بدءًا من جميلة علي رجاء، إخلاص القرشي، ومايسة ردمان، وصولًا إلى الجيل الجديد من المذيعات والمراسلات في مختلف القنوات اليمنية. هؤلاء أثبتن قدرة المرأة اليمنية على التطوير الذاتي والارتقاء بالأداء، سواء في التقديم الصوتي، أو الوقوف أمام الكاميرا، أو تحرير النصوص ونقل الحدث بروح مهنية عالية.

وما يجمع بين كل هؤلاء الإعلاميات، رغم اختلافات التوجهات أو أماكن العمل، هو الجهد والمثابرة والتحدي في بيئة صعبة، بل وعدائية في كثير من الأحيان تجاه حضور المرأة. ولذلك، فإن أي إساءة لهن ليست مجرد انتهاك فردي، بل إساءة جماعية لتاريخ من العمل والإصرار، ولصوت نسائي كافح من أجل أن يُمثّل ويُسمع.

إن ما ورد في تقرير “الهوية” ليس مجرد تجاوز لفظي، بل هو تعبير صريح عن حالة الانهيار الأخلاقي لدى هذا المنبر النازهاشمي المعادي، صراحةً، لأي مشروع مدني جمهوري يمني.

نعم، قد تختلف السياسات التحريرية بين القنوات، وقد تتباين الرؤى الإعلامية، لكن ما لا يمكن السكوت عنه هو تحويل الميكروفون إلى أداة للتحقير الشخصي والسخرية من تجارب نساء وقفن في الصفوف الأمامية وسط تحديات مضاعفة.

ففي زمن الفوضى الإعلامية، يظل احترام الكلمة والمهنية هو الحد الفاصل بين من يستخدم المايك كأداة بناء… ومن يحوّله إلى سلاح للهدم.

وليس من المستغرب أن يصدر هذا النوع من الخطاب من منابر لطالما وقفت ضد مكتسبات الشعب اليمني، وضد أصوات ومخرجات ثورة 26 سبتمبر المجيدة. فالهجوم على المرأة اليمنية في الإعلام، هو امتداد لهجوم أوسع على فكرة الجمهورية ذاتها، وعلى كل ما أنجزته هذه البلاد في مسارها التحرري.

هؤلاء لا يزعجهم صوت المذيعة… بقدر ما يزعجهم صوت اليمن الحر حين تنطقه امرأة تعرف تمامًا معنى الانتماء لثورة والجمهورية.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد