23.8 C
الجمهورية اليمنية
3:20 مساءً - 28 مارس, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

السلام في اليمن غصن وقاتل (هواجس)

محمد قشمر :
كانت هناك تسريبات لما قيل بأنها المبادرة الجديدة التي حملها ولد الشيخ الى كل الاطراف في الحرب اليمنية التي تعدت الأطراف الداخلية الى كل الأطراف الإقليمية والدولية وكانت فيها بعض النقاط التي تحتاج الى تمحيص وتدقيق ودراسة.
أصبح الشعب اليمني جميعاً بلا استثناء يبحث عن الحلول الناجعة للخروج من هذه الكارثة التي حلت به ودمرت مقدراته وأحلامه وما تبقى له من أمل في حياة كريمة في ظل دولة تعي ماذا تعنيه كلمة مواطن.
استطاعت الدول الفاعلة والمؤثرة في الشأن اليمني أن تفرض واقعاً مريراً يجعل البحث عن حل حتى من الشيطان مطلباً جماهيرياً مقدساً، ومعه أتت مبادرة ولد الشيخ التي تحمل في طياتها آمال مزيفة لمستقبل آمن.
انا لا أسعى الى تحطيم آمال أحد بالسلام لأننا في النهاية جميعنا لن نستقر الا في أحضان وطننا الذي هو بدوره يبحث عنا ككتلٍ بشريةٍ مدركة لحقيقتها ولواقعها. مبادرة السلام التي ترتكز على مجموعة من النقاط الحساسة والتي يظهر للقارئ من أول وهلة بأنها صرح ً ممرد من أغصان السلام حيث تجد بأن الحديث عن وقف إطلاق النار ولمدة عشرة أيام يبدأ من جهة الانقلابين الذين يحددونهم بقوات الرئيس صالح وقوات الحوثيين ليؤكدوا لنا في هذه الفقرة بالذات أننا أمام قوتين وبالتالي طرفين عسكريين وسياسيين مما سيجعل لهما النصيب الأكبر في أي تسوية سياسية لأنه،
لا يمكن أن يرضى طرفان إنقلابيان بنصيب واحد يكون ببينهما مناصفة خصوصاً أن الشرعية ستكون الطرف الاخر الذي يعتبر هو الطرف الثالث وليس الطرف الثاني، وعليه فإن القسمة ستكون بين ثلاثة لتكون الشرعية هي الطرف الأضعف كما هو حالها. ايضاً هذا يعني أن نصيب المواطن اليمني الذي كان سنداً ومؤازراً ومناصراً للشرعية وتابع لها وهم الأغلبية العظمى من أبناء الشعب سيكون نصيبه أقل من الثلث بحيث يستحوذ الانقلابين ثلثي الوطن والأرض والقوة والنفوذ.
دعوني أعود الى الواقع المحزن والمخيف تنص بعض بنود المبادرة بمساواة القاتل والجلاد بمن كنا نؤمن بأنه ممثلنا الوحيد وهو الرئيس عبد ربه منصور هادي فلا أدري ما هي المكاسب من أن نساوي بين هادي وصالح في هذه المبادرة التي تجعلهما طرفان متساويين رغم أن هادي شرعيته معترفٌ بها على المستوى الدولي وصالح معترفٌ بدوره في قتل اليمنيين، والدليل أنه واقع في العقوبات الدولية التي يبذل كل جهده للخروج من طوقها وليس للبحث عن حلول لليمن واليمنيين. أنا لست قريباً لهادي كي أدافع عنه ولست صديقاً لنجله جلال ولست أيضاُ ممن كان لهم نصيب من قرارات التعيين في هذه الفترة المكسورة من التاريخ اليمني ،أنا اصلاً لا أدافع عنه بقدر ما أدافع عن شرعيتنا التي لا نريد أن نكسرها لنعطي بقايانا للحوثي واتباعه ، كما أن الأهم في هذا الموضوع هو إغفال القاتل الأخطر من صالح وهو مجرم الكهف عبد الملك الحوثي بحيث يغادر المشهد السياسي هادي وصالح حتى انه مطلوب منهم مغادرة الوطن ليخلو الجو لعبد الملك الحوثي وما يملكه من ترسانة عسكرية هي أصلاً ملك للشعب المغلوب على أمره .
سيقول البعض بأن من ضمن النقاط تسليم الحوثي ممثلاً بأنصار الله سلاحهم لطرف محايد، وهذا الكلام من المزايدات والاطروحات العمياء الغبية التي يضحك بها أصحاب المبادرات علينا جميعا، فكيف ستستطيع أي قوة انتزاع تلك القوة الهائلة من السلاح التي في ايدي الحوثيين بعد ان حصلوا عليها بشتى الوسائل، وهل استطاعت أي قوة عربية او دولية ان تنزع سلاح ميليشيات حزب الله ليعيش لبنان في دولة مساواة ام في دولة مساومة.
الأمور أصبحت أكثر ضبابية ً مع إصرار المجتمع الدولي على بناء قوة ميليشاوية لا تعترف بالقيم والمبادئ ولا بالقانون الوطني أو القانون الدولي وما يمثله من ركيزة من ركائز الاستقرار العالمي. إن الدفع بالمبادرات التي تحمل مثل هذه الأساليب الملتوية هي واحدةً من أسباب تفاقم الصراعات في العالم لأن هناك من يعبث بالأمور من خارج الإطار لدول النزاع ويفرض أجنداته بقوة للحفاظ على مصالحه القائمة على الفرقة والاقتتال.
ما من شك بأن الوضع اليمني والحالة اليمنية في الداخل أصبح مأساوياً لدرجةٍ مخيفة، ولكن أن يتم تسوية الوضع بشكل مؤقت لا يزيل الأسباب الجذرية للاقتتال المستقبلي فإن الحرب اليمنية لن تنتهي وسيظل الصراع اليمني اليمني والخليجي قائم الى أن يشاء الله. دعونا نحلم بسلام يعم البلاد ليس لأن المبادرة لها قيمة إنسانية وواقعية بل لأننا اشتقنا كثيراً للحظات السلام والاستقرار في بلادنا ولو حتى في الأحلام .

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد