د/ جمال شقراء:
عند الحديث عن الخارطة الادارية يوجب بالضرورة العودة الى مرحلة إحتلال بريطانيا للجنوب، للوقوف على سياستها الاستراتيجية تجاة اليمن انذاك.
اذ ليس صدفة أن تتصدر بريطانيا إعداد القرارات الاممية ذات الصلة باليمن وتوجه الرباعية الدولية المعنية بالحل النهائي للازمة، والمعول عليه محليآ واقليميآ ودوليآ.
فضلآ انها صاحبة الإرث الاستعماري في اليمن والبلاد العربية.
خلال تلك المرحلة وقعت بريطانيا أتفاقات ومعاهدات وتفاهمات سياسية مع القوى المعنية باليمن. وجاءت البداية بعقد اتفاقية مع الدولة العثمانية عام 1904م حول ترسيم الحدود الفاصلة بينهما في اليمن.
وبموجبها صار لواء البيضاء امتدادآ للنفوذ البريطاني في جنوب اليمن، بينما إمارت الضالع تابعة للنفوذ العثماني في اليمن.
وعلى خلفية هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى، وخروج قواتها شمال اليمن، تولى الامام يحيى الحكم خلفآ لها. وعقدت بريطانيا معه معاهدة صنعاء عام 1934م
وقضت بجعل إمارة في الضالع جنوبية، بينما البيضاء شمالية.
والمثير للأهتمام أن بريطانيا مررت المعاهدة قانونيآ بصورة تجعل الاتفاقية الانجلو عثمانية السابقة سارية المفعول، فضلآ ان الدلالة السياسية لكلمة اتفاقية اشد صرامة من المعاهدة.
وفي هذا السياق لاغرابة ان تعاود بريطانيا عام 1944م بالاتفاق مع تركيا (الدولة العثمانية) والسعودية والاردن على تكوين أقليم سياسي مستقل وسط اليمن يفصل بين نفوذ بريطانيا في الجنوب ونفوذ الإمام في الشمال، على ان يكون مركزة تعز، ويمتد جنوبآ الى مشارف الحواشب اي جنوب الضالع.
مايعني ان الاخير داخل في إقليم الوسط، والذي أتصوره ان يمتد شرقآ الى مكيراس ولواء البيضاء. خاصة ان بريطانيا كان لديها مشروع عام 1900م بضم إقليم مكيراس الى سلطنة الرصاص بلواء البيضاء.
ومن أجل ذلك طرح مشروع تقسيم دثينة بين سلطنتين العواذال والفضلي، علئ ان يكون نصيب العواذل في دثينة عوضآ عن إقليم مكيراس. وعلية فان عملية الضم الإداري لمكيراس الئ البيضاء عام 1997م.
وانضمام الضالع تحت مسمى محافظة الى مناطق الشرمان والحساء الشمالية، يجري في سياق الاستراتيجية السياسية البريطانية بجعلها ضمن إقليم الوسط.
وفي عام 1959م قامت بريطانيا بتٱسيس إتحاد إمارت الجنوب العربي، ولم تدخل فية حضرموت، وهذا من شأنة أن بريطانيا تعول على جعل حضرموت إقليم مستقل بذاتة ولم يعد ذالك الأمر خافيآ اليوم.
وعلى خلفية تلك المعطيات التاريخية صارت الخارطة الإدارية لليمن أربعة إقاليم هم :-
1- الشمالي ومركزه صنعاء
2- الجنوبي ومركزه عدن
3- الوسط ومركزه تعز
4-الشرقي ومركزه المكلا
إن الحديث عن الأقلمة اليوم ليس أكثر من إجراء دبلوماسي لإحياء وثيقة العهد والاتفاق عام 1994م والتي رسمت الخارطة الإدارية في شكل مخالف.
ويحضرني هنا تعليق الاديب والمفكر عمر الجاوي رحمة اللة مخاطبآ رئيس الوزراء حيدر العطاس انذك قائلآ:- أن العطاس شم وثيقة العهد والاتفاق بأنف غيرة، وبدوري أقول من غيرها؟! تلك هي بريطانيا صانعة الخارطة السياسية للبلاد العربية .