*غمدان اليوسفي :
كنت قد أعدت نشر مقابلة في حسابي على تويتر مع أكاديمي فرنسي قدم فيها رؤية عن أداء الإمارات في المنطقة فوجدت أحد الزملاء السعوديين يعمل في صحيفة الشرق الأوسط قد نشر تعليقا يقول فيه: “حتى أنت ياغمدان!”
لا أعرف ماذا يعني ذلك، لو عاد هو لتلك القراءة سيقتنع بها، لكن معظم الأشقاء في السعودية لا يريدون أن يقرأوا الواقع في اليمن أولا، وإذا قرأوه لا يريدون أن يقتنعوا.
إشكالية الأشقاء في السعودية أنهم تعودوا أن يقال لهم سمعا وطاعة دون نقاش، وحين يجدون من يقول لهم أخطأتم هنا حتى ممن هم في صفهم ذاته يعتبرون ذلك جريمة بحقهم.
لمجرد أن تناقش ابراهيم مرعي في تغريدة له يلغي متابعتك على تويتر، ومثله كثيرون، ومرعي تجده كما وصفه أحد الأصدقاء السعوديين بأنه يمكن أن يحتمل النقاش عن السعودية ولكنه لا يقبل النقاش عن الإمارات مطلقا.
حين نتحدث اليوم عن الإجراءات بحق المغتربين في السعودية، والتي قلنا مرارا إنها حق أصيل للمملكة ولا يمكن أن ينتزع أحد منها ذلك الحق، ولكن بحكم الوضع الحالي لليمنيين نطلب تأجيل الإجراءات رأفة بوضع اليمنيين المنكوبين من كل النواحي.
حتى هذه اللغة لم تعد مقبولة وكأنها جريمة، فقد تم قص فقرة لي قلتها في مقابلة مع الإعلامية إيمان الحمود في راديو مونت كارلو وتم نشر تلك الفقرة في صفحات سعودية على أنها مسيئة لهم.
في النهاية الواقع يقول أيضا إنه من غير المنطقي أن تتخذ المملكة إجراءاتها تلك وكأنها غير مشاركة في هذا الذي حصل في اليمن، ومن غير المنطقي أيضا تحميل مسؤولية كل ما حدث خلال ثلاثة أعوام لليمنيين فقط، فاليمنيون صاروا عجينة بأيديكم لتشكلوهم كيف ما شئتم خلال ثلاث سنوات لكنكم سلمتم كل العجينة لدولة لا يهمها ما سيحدث لليمنيين ويهمها المكاسب لأنه لن يكون لديها خسارات نتيجة بعدها الجغرافي أولا ونتيجة تفكيرها الذي تريد أن تسقطه على المشهد اليمني وهو لا يناسبنا مطلقا.
اليوم يجب أن تدرك المملكة أنها أمام بلد ضاعت وهي مشاركة بضياعها، وبعض الألم الذي يصرخ به اليمنيون هو حق ويجب أن يُسمع له، فالكارثة مشتركة على البلدين، ولم تعد تخصنا وحدنا.
يجب على المملكة أن تدرك أن اليمني اليوم لم يعد يحتمل تصرفات الإمارات وهي تصرفات لم تعد خافية على السعودية، وهو منطق واقع وليس جزء من صراع إعلامي متعلق بملف أزمة قطر كما سيرفع “كتاب التقارير” عن هذا.
يكررها اليمنيون بجميع مشاربهم وعلى مر السنين أن مصير السعودية مرتبط بمصير اليمن رضينا أو أبينا نتيجة هذا الالتصاق الجغرافي والإنساني الذي جاء بقدرة الخالق وليس نتاج أيدينا، أما بقية المشاريع لا تعنينا.
حين نعاتب أو نصرخ في وجه السعودية فنحن نعاتب من يحق لنا عتابه، فاسمعوها مننا كأصدقاء، حملنا الهم معا، ولن يحمله معنا أحد.
لتسألوا جميع دبلوماسييكم وناشطيكم في الغرب، هل حمل همكم أحد غيركم وغير اليمنيين، وستعرفون أن كل لوبيات الإمارات لا يهمها شيء سوى حضورها كزعيمة لحرب الإخوان المسلمين في المنطقة، وتكريس فكرة أن الإرهاب هو الإخوان ولم تقل للعالم أنها تدعم تطرفا لمواجهة تطرف.
هل دافعت لوبيات الإمارات في الغرب عن السعودية ضد حملات اللوبيات الإيرانية والغربية طوال ثلاثة أعوام؟
لا لم تفعل..
هل تجدون في التقارير الغربية ذكر لمشاركة الإمارات في الحرب؟
نادرا جدا، بينما تتحمل السعودية العبء الأكبر بصفتها قاتلة أطفال اليمن كما يتم تناولها من قبل التقارير الحقوقية المسيسة في الغرب.
اسألوا ممثليكم في أروقة مؤسسات الأمم المتحدة وبالذات في حقوق الإنسان في جنيف، هل حملت الإمارات راية الدفاع كتحالف عن السعودية والإمارات واليمن مثلا.
ستجدون أنها منذ ثلاثة أعوام تستضيف ناشطين جنوبيين لعقد فعاليات مع تقرير مصير الجنوب فقط.
تدرك السعودية أنه لم يعد هناك أي صلة بين الرئيس والحكومة وكل المسؤولين وبين الإمارات، ومع ذلك مازال الرئيس هادي يعتبرها حليفته مع إنه يستطيع أن يعلن للعالم إنهاء مهمتها في التحالف.
إذا كانت الإمارات تريد أن تحقق شيء للناس فإن عدن يفترض أنها قد أصبحت قبلة اليمنيين قبل مارب، لكن الفرق واضح ولا داعي للشرح.
لا تريدون أن تواجهوا أنفسكم بحقيقة هذه المواضيع الشائكة، لكن في النهاية نحن اليمنيين ندرك أنه لا يهمنا أحد بقدر ما يهمنا السعودية كقدر مصيري إضافة إلى من سيدعم بقاء اليمن كدولة وليس كمليشيات، وأنتم تدركون بقية التفاصيل.
تدعي الإمارات أنها قدمت ملياري دولار خلال ثلاثة أعوام من الحرب، وتريد لنا أن نفهم أنها اشترت كل سواحل البلاد وموانئها بذلك المبلغ التافه، لكن ذلك المبلغ لم تره الحكومة في الواقع، ومازالت تبحث عن فُتات المبالغ من هنا وهناك لصرف الرواتب للموظفين كل كم شهر.
السعودية بقدر ما ساهمت بملفات الاقتصاد والإغاثة بقدر ما أفسدت المسؤولين اليمنيين بتركهم في أراضيها ومنحهم كل تلك المبالغ مقابل لا شيء، في حين ألزمت رموز الدولة بالبقاء على أراضيها في هدف غامض لا ندرك معناه حتى اللحظة بينما كان المفترض أن تلزمهم بالعودة ليتحملوا مسؤولية لملمة البلد.
في الأخير، إن أرادت السعودية أن تعيد بعض اليمن لليمنيين فإنها تستطيع، شريطة أن تعرف أن رجال الماضي لا يصنعون الحاضر ولا المستقبل، ولتنظر حولها خلال الأعوام السابقة، من الذي أنجز ومن الذي فشل، فكلهم يعيشون على ترابها.
* نقلا عن : يمن شباب نت