د. ياسين سعيد نعمان :
يقف البريطانيون ، مدعومين بثقافة التسامح التي أسهمت في بناء مجتمع متعدد الثقافات والديانات والقوميات ، في مواجهة مع أيديولوجية الكراهية لأسباب دينية أو عرقية أو ثقافية ، والتي ما إن أخذت تتبلور في صيغ من العنف والخطاب الشعبوي التفكيكي حتى اهتز المجتمع كله ليواجه الخطر الناجم عن ذلك.
القاضي البريطاني الذي قضى بحبس المتهم ” دارن أوزبورن” لمدة ٤٣ سنة ، قبل أيام ، اصدر حكمه بالاستناد إلى ما اعتبره المحرك لجريمة المتهم ، والذي لخصه في العبارة التالية ” ideology of hate” أيديولوجية الكراهية. كان المتهم أوزبورن قد قاد شاحنته لتصدم بصورة متعمدة عدداً من المصلين الذي كانوا قد غادروا مسجد “فينزبري بارك ” في رمضان الماضي وتقتل شخصاً واحداً وتجرح إثني عشر آخرين.
لقد حاكم القاضي الجريمة المرتكبة في صلتها بالظاهرة التي تحركها “أيديولوجيا الكراهية” وهي ما تهدد كيان أي مجتمع بالتفكك .
ومكمن الحكمة هنا في محاكمة الظاهرة من خلال الحدث ومرتكب الحدث باعتبارهما التعبير المباشر للظاهرة الخطيرة التي يجب استئصالها لما تمثله من خطر على المجتمع.
الزيارات المتبادلة الى المساجد ومراكز العبادة الاخرى والتي يقوم بها الكثير من المسئولين الحكوميين والبرلمانيين والسياسيين والاعلاميين أوجدت مناخاً لتطويق “أيديولوجية الكراهية ” التي كانت تحركها دوافع كثيرة ومتنوعة سياسية واجتماعية واقتصادية ودينية وعرقية ، إضافة إلى العزلة الناشئة عن غياب العلاقة المباشرة بين منتسبي الأديان المختلفة.
وقد بينت الزيارات وفقاً “للجارديان” أن بحثاً كان قد أجري حديثاً وأظهر أن ٩٠٪ من البريطانيين لم يزورا أي مسجد ، وأن واحداً من كل أربعة أشخاص لم يتعرف بمسلم ، وينطبق نفس الشيء على بقية الأديان ومنتسبيها في علاقتهم ببعضهم حيث ينعكس هذا سلباً على التماسك الاجتماعي social cohesionوما يستتبع ذلك من تأثير على قيم التسامح.
أدناه صورة من مسجد “فينزبري بارك” توضح إحدى الزيارات واللقاء مع ناشطات وناشطين اسلاميين.
في هذه اللقاءات يفتح حوار مباشر بين أبناء المجتمع البريطاني حيث (الدين لله والوطن للجميع).