28.6 C
الجمهورية اليمنية
12:09 مساءً - 2 مايو, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

أعلام اليمن (١) … لسان اليمن المفقود

بلال الطيب :

لاعتقادهم أنَّ الله مَيزهم عن الأمم الأخرى، وأنَّهم أقربُ الشعوب إليه، عمل اليهود على تأسيس أول دولة دينية في التاريخ الانساني، تَجسدَّت فيها صورة «الحَاكم المُطلق»، مَبعُوث العناية الإلهية، وهي الصورة ذاتها التي عمدت «الهاشمية السياسية» على استنساخها، وما دولة «الهادي إلى الحق»، التي أسسها في صعدة الإمام يحيى بن الحسين سنة «284هـ»، إلا مثالاً ناجزاً لتلك «الثيوقراطية».

عايش «لسان اليمن» الحسن بن أحمد بن يعقوب الهمداني اللحظات الأولى لتأسيس تلك الدولة، وعارض فكرها العُنصري، وقال منتقداً:
تملكها بمخرقة رجال
بلا حق أقيم ولا بحد
وقد كانت على الإسلام قدماً
ولم تسمع بهادي قبل مهدي

ولد «الهمداني» ونشأ بصنعاء، وطاف البلاد، واستقر بمكة زمناً، وعاد إلى اليمن فأقام في مدينة صعدة، وهاجى شعراءها، وقد أثنى عليه المؤرخ «الخزرجي» بقوله: «هو الأوحد في عصره، الفاضل على من سبقه، المبرز على من لحقه».

يُعد «الهمداني» المؤسس الأول للمنطلقات التحررية الوطنية، دافع باستماته عن اليمن ومجدها الحضاري، وقال «الدامغة»، وهي قصيدة طويلة، قرابة «600» بيت، مطلعها:
ألا يا دارُ لولا تنطقينا
فإنا سائلوكِ فخبرينا
عارض بها قصيدة الكميت التي فخر فيها بالعدنانية، والتي مطلعها:
ألا حُيِّيتِ عنا يا مدينا
وهل بأس نقول مسلمينا

دفع «الهمداني» ثمناً لذلك عدة سنوات من عمره، سجنه «الناصر» أحمد بن «الهادي» يحيى بن الحسين في صعدة، فاستنهض من سجنه القبائل اليمنية للثورة على ذات الإمام، وهو ما حدث سنة «322هـ».

وقد قال في سجنه:
خليلي إني مخبرا فتخبرا
بذلة كهلان وحيرة حميرا
عذيري من قحطان إني مشتك
عواديكما ظلما وخذلا فانكرا
وأصبحت مأسوراً بأيدي معاشر
رضاً لهم بأقبح ذا متذكرا

من تصانيف «الهمداني»: «الإكليل»، و«سرائر الحكمة»، و«القوي»، و«اليعسوب»، و«الزيج»، و«صفة جزيرة العرب»، و«الجوهرتين» في الكيمياء والطبيعة، و«الأيام»، و«الحيوان المفترس»، و«ديوان شعر» في ستة مجلدات، ويعود فقدان معظم كتبه إلى عصبيته الغالية للقحطانية التي حملت النزارية ومن يتعصبون لهم على إعدام كتبه وشعره، وإلى إقامته باليمن البعيدة عن حاضرة الخلافة العباسية.

ويعد «الإكليل» من أهم كتب «الهمداني» وأشهرها، ولم يعثر من أجزائه العشرة إلا على أربعة أجزاء فقط، هي الأول، والثاني، والثامن، والعاشر، وقيل إن هذا الكتاب تعذر وجوده للمثالب المذكورة فيه في بعض قبائل اليمن، فأعدم كل أهل قبيلة ما وجدوه في حقهم.

كما عمل الإماميون على إخفاء ذات الكتاب؛ لأنه أنكر «هاشمية» بعضهم، وألحقهم بالفرس، وغير بعيد ذكر أمين الريحاني في كتابه «ملوك العرب» أنه وأثناء تواجده في صنعاء، قيل له إن كتاب «الإكليل» موجود كاملاً في مكتبة الإمام يحيى؛ فأين ذهب إذا؟!.

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد