29.2 C
الجمهورية اليمنية
4:22 مساءً - 21 نوفمبر, 2024
موقع اليمن الاتحادي
اقلام حرة

أعلام اليمن (٥) …. ابن الوزير.. وجهل الأصاغر

بلال الطيب :

لم يقتصر التجديد في الفكر الديني على علماء «قحطانين»؛ فهناك علماء «هاشميون» كُثر، نبذوا التقليد، وانتصروا للعقل، كان العلامة محمد بن إبراهيم الوزير أبرزهم، أغضب فكره المُتحرر هوى المُتعصبين، فناله من أذاهم الكثير.

هو إمام زمانه، تتلمذ على يد كبار علماء «صعدة، وصنعاء، وتعز، ومكة، وتهامة»، وبرع في علوم الكتاب والسنة، واستكمل أدوات الاجتهاد، وارتفع في معالجته لمشكلات العقيدة وقضاياها عن المنهج الكلامي الجدلي، وعن العصبية المذهبية المقيتة.

وقال عن نفسه:
أصول ديني كتاب الله لا العرض
وليس لي في أصول غيره غرض

قال عنه «الشوكاني»: «هو رجل عرفه الأكابر، وجهله الأصاغر»، وقال عنه «ابن ابي الرجال»: «كان سباق غايات، وصاحب آيات وعنايات، بلغ من العلوم الأقاصي، واقتادها بالنواصي، وترجم له الطوائف، وأقر له المؤالف والمخالف».

ولد «ابن الوزير» بداية العام «775هـ»، في «شظب» بصعدة، وذلك بعد عامين من تولى الطاغية صلاح الدين بن علي الإمامة، استغل الأخير ضعف «الدولة الرسولية»، ووحد القبائل، ثم وجهها صوب «اليمن الأسفل، وتهامة»، وعاث فيها قتلاً ونهباً وخراباً.

خلفه بعد وفاته ولده «المنصور» علي «793هـ»، وبويع في اليوم نفسه لـ «المهدي» أحمد بن يحيى، فنشبت فتنة انتهت بأسر الأخير وحبسه، رغم كونه الأكثر علماً.

ناصر «المنصور» علماء كُثر، قائلين بجواز مبايعة المفضول مع وجود الفاضل، كان «ابن الوزير» أشهرهم، وقد ألف فيه كتاباً أسماه: «الحسام المشهور في الذب عن دولة الامام المنصور»، أثنى فيه عليه، وأشار إلى صلاحه.

أما «المهدي»، فقد كان شديد التعصب لمذهبه، ألف أثناء فترة حبسه كتاب «متن الأزهار»، المرجع الأشهر في الفقه الزيدي، وحين نجح بعد سبع سنوات بالهرب إلى «الظفير»، كفر «ابن الوزير»، واتهمه بـ «المُجون»، بعد أن دخل في مناظرات فكرية معه، وقال في مقدمة كتابه:
دع عنك قول الشافعي ومالك
وحنبل والمروي عن كعب الأحبار
وخذ من الناس قولهم ورواتهم
روى جدي عن جبرائيل عن الباري

انتقلت تلك العداوة إلى عدد من علماء الزيدية المُتعصبين، كان حفيد «المهدي» الإمام يحيى شرف الدين أبرزهم، أوغل في قدح «ابن الوزير»، ولقبه بـ «إمام الحشوية»، واتهمه بأنه تزوج بنكاح المتعة «300» امرأة، ووصفه بـ «أنه أكثر الناس تخليطاً في امور دينه، وعلمه، وعمله، واعتقاده»، وقال فيه: «كان تارة يتمخلع تمخلع الفساق، وتارة يعتكف ويتصوف تصوف العشاق»!!.

صنف «ابن الوزير» في الرد على مُتعصبي الزيدية، كتابه الأشهر: «العواصم والقواصم»، وحين ارتفعت وتيرة أذيتهم له، اعتزلهم في الجبال، حتى توفي بـ «الطاعون» مطلع العام «840هـ».

وقال عن هجرته تلك:
ولا عار أن ينجو كريم بنفسه
ولكن عار عجزه حين ينصر
فقد هاجر المختار قبلي وصحبه
وفرَّ إلى أرض النجاشي جعفر

أخبار ذات صلة

جار التحميل....

يستخدم موقع اليمن الاتحادي ملفات Cookies لضمان حصولك على افضل تجربة موافقة إقرأ المزيد