قال الكاتب والإعلامي السعودي «جمال خاشقجي»، الثلاثاء، إنه كان يتمنى أن تحتضن السعودية الربيع العربي، وتتعامل معه كظاهرة حقيقية وليس كمؤامرة، مؤكدا أن مواجهة ذلك التحول هو سبب الفوضى التي تشهدها المنطقة حاليا.
وفي مقابلة مع إذاعة «مونت كارلو» الفرنسية استمع إليها مراسل «الخليج الجديد»، دعا «خاشقجي»، المقيم في الولايات المتحدة حاليا، إلى حل الأزمة الخليجية بأسرع وقت ممكن؛ فالخصم الاستراتيجي (إيران) هو المستفيد الوحيد منها، معتبرا أن دول خليجية منشغلة بمحاربة ما أسماه بـ«التنظيم الدولي الموهوم للإخوان المسلمين بينما التنظيم الدولي الحقيقي إيران ينتشر ويتوسع ولا يهتم به أحد».
وقال: «قناعتي منذ اليوم الأول للربيع العربي، وكان محور كل مقالاتي، أن الربيع العربي ظاهرة حقيقية».
وتابع: «كنت أتمني أن تحتضن السعودية الربيع العربي وتدعمه، وتتعامل معه كظاهرة حقيقية وليس كمؤامرة».
واعتبر أن «مواجهة هذه التحولات (الربيع العربي) هي التي أدت إلى الفوضى الحالية في المنطقة».
الخليج مستثنى من الربيع
لكن «خاشقجي» استثنى دول الخليج من الحاجة إلى «الربيع العربي»، قائلا: «الدول المستقرة الآمنة المطمئنة لا تحتاج إلى أن تدفع بها إلى هذه التحولات؛ فالسعودية (مثلا) تشهد إصلاحات يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وهذا شيء جيد وندعمه».
وأوضح مستطردا: «حديثي عن الجمهوريات العربية البائسة المنهارة؛ فهذه الجمهوريات انهارت وفشلت تماما منذ عقود، وجاء الربيع العربي لإعلان فشلها».
وتابع: «بعض هذه الجمهوريات انهارت مثل ليبيا وسوريا، وبعضها ينهار ويتفكك (حاليا) مثل اليمن، والبعض الآخر لا يزال في خلل كبير واحتمالات الفوضى أو القلق فيه واجبة مثل مصر».
وأكد أن الجمهوريات هي «التي تحتاج إلى مبدأ التداول في السلطة؛ لأن الشرعية الدستورية فيها انهارت تماما منذ أول انقلاب قام به أولئك الضباط الحمقى (في إشارة إلى ما يعرف بثورة 23 يوليو/تموز 1952 في مصر) الذين قادوا الجمهوريات إلى الفشل؛ فتوالت الاخفاقات وانتهت فيها الشرعية الدستورية، واليوم تولدت عشرات الشرعيات الصغيرة المحلية والحزبية والمناطقية، وهؤلاء سيقتتلوا ما شاء الله حتى يُدفع لهم بنظام للتشارك في السلطة».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كان هذا يعني أن دول الخليج لا تحتاج إلى تعددية وديموقراطية وملكيات دستورية أم لا، قال «خاشقجي»: «حاليا لا؛ لأنه في ظل حالة الفوضى التي تعيشها المنطقة نحن في غنى عن فتح أي ملفات جديدة».
وأضاف مبررا آخر لوجهة نظره قائلا: «ثم لا يوجد حراك في دول الخليج. أين الحراك نحو التعددية في دول الخليج؟».
واستطرد: «الكويت بها حراك؛ لأنها متقدمة ديموقراطيا, والبحرين فيها حراك لكنه اتخذ منحى طائفيا للأسف،
لكن بقية الدول، السعودية وقطر والإمارات وعمان، شعوبها راضية بما هي فيه، وبالتالي فنحن نتحدث عن حالة غير موجودة في هذا الدول».
واعتبر أن «هذه الدول (الخليجية) قضيتها الأساسية هي التحولات الاقتصادية والنهضة الاقتصادية وضمان مستقبل أفضل لشعوبها. لا توجد قضية التحول السياسي إلا لدى نخبة بسيطة جدا، والتي لا تجد من يستمع لها في الشارع، وبالتالي لا توجد قضية تحول سياسي في هذه الدول، وبالتالي حديثي لا ينطبق عليها».
الأزمة الخليجية
وبشأن رؤيته للأزمة الخليجية، قال الكاتب السعودي: «كنت أتمنى أن يتم حل هذه الأزمة عبر الأروقة التقليدية؛ كتقديم شكوى لمجلس الأمن، أو لمجلس التعاون الخليجي، وعدم حسمها عبر صراعات السوشيال ميديا؛ فالمعارك الكبرى لا تُحسم في ساحة تويتر أو فيسبوك. هذه قاعدة».
وأضاف: «المعارك الكبرى تُحسم على الأرض أو تحسم في المنظمات الدولية عبر الشكاوي الرسمية. لذلك لا أشارك في هذه الحملات المتسارعة في السوشيال ميديا».
ودعا «خاشقجي» إلى حل الأزمة الخليجية بأسرع وقت ممكن؛ «فالخصم الاستراتيجي (إيران) هو المستفيد، وعبرت عن رأيي هذا صراحة باختصار؛ لأن الأجواء محتقنة ولا تسمح بالرأي الأخر».
واستنكر، في هذا الصدد، حالة التخوين التي تسود المجتمع السعودي حاليا، وهذه «من المفردات السلبية لهذه الأزمة، لافتا إلى أن هذا الأمر لا يبدو صحيا في مجتمع متجانس كالمجتمع السعودي، والذي لم يعرف يوما ما عرفته الأنظمة الشمولية من ثقافة الجواسيس بين مواطنيها.
تعامل الإعلام مع الأزمة الخليجية
كما انتقد «خاشقجي» تعامل المؤسسات الإعلامية الخليجية مع الأزمة، ووصفه بأنه تعامل «غير صحي وغير مفيد»، وبه عيبان كبيران.
وأوضح أن العيب الأول يتمثل في «نشر الأخبار المكذوبة، وهذا يقضي على مصداقية الإعلام».
أما العيب الثاني –حسب الكاتب السعودي- «فهو مسألة تفكيك المجتمع؛ بحيث تحول الجميع إلى أشخاص يشكون بعضهم البعض للسلطة، وهذه حالة حصلت في الأنظمة الشمولية في عراق صدام حسين وسوريا حافظ الأسد وابنه بشار، وهذا أسوا شيء يمكن أن تفعله لوطن متجانس سليم كوطننا السعودي، وهذه بداية نشر ثقافة فاشية».
التطورات الإقليمية
وعن رؤيته لتطورات الأحداث الإقليمية في المنطقة لاسيما في ملفات سوريا واليمن، أعرب الكاتب السعودي عن اعتقاده بأن الأمور «تتجه من سيئ إلى أسوأ».
وقال إن الدول التي كان يجب أن تتحد في مواجهة المشروع الإيراني التوسعي، وهي السعودية وقطر وتركيا والإمارات، اختلفت فيما بينها.
وأضاف: «هذه الدول لم تستطع أن تتفق، والنتيجة أن بشار الأسد وإيران والحوثيين في حالة انتصار، وقد أقلقني خبر قرأته مؤخرا وهو أن إيران تؤسس لمصنع صواريخ في سوريا. إيران صدرت تقنية الصواريخ لسوريا واليمن؛ إذا نحن في السعودية أصبح لدينا أيديولوجيا معادية فكريا وعسكريا في سوريا واليمن».
واعتبر أن إيران حاليا منتصرة في كل الجبهات، وأن أي سعودي يتوقع بأنه سيتمكن من تغيير الأيديولوجية الإيرانية فهو واهم.
وأكد أن «العرقيين التابعين لإيران لن يتغيروا؛ فهؤلاء إيديولوجيون».
واختتم حديثه قائلا: «نحن مشغولون بمحاربة التنظيم الدولي الموهوم للإخوان المسلمين بينما التنظيم الدولي الحقيقي هو إيران ينتشر ويتوسع ولا يهتم به أحد».