قد لا يحتاج ترميم سقف «بيت الثقافة» في صنعاء أكثر من عشرين ألف دولار تقريبا إن لم يكن أقل، لكنها الحرب تخلق واقعا صعبا ينعكس تشويها لكل مظاهر الحياة العامة بما فيها الحياة الثقافية.
إن كان للحياة الثقافية في اليمن عنوان فعنواها الأبرز لن يتجاوز رواق «بيت الثقافة» في صنعاء، بل هي في واقعها الراهن حاليا تعكس ما وصلت إليه حال المنشآت الثقافية اليمنيّة تحت نير الحرب.
أنشئ بيت الثقافة عام 2000، لكن على الرغم من تشييده بهذا التصميم البديع والمعمار الأصيل إلا أنه تم بناء سقفه حديدا معلقا بدون إسمنت ما جعله أقرب إلى سقوف المخازن التجارية، ما يعكس واقع تعامل الحكومة هناك مع المنشآت الثقافية قبل الحرب، كما يعكس الواقع اليوم، مدى تجاهل صيانة هذه المنشآت المهمة على الرغم من الكلفة البسيطة التي يتطلبها ترميم سقفها وجدرانها.
هذه المنشأة المعروفة في صنعاء بـ«بيت الثقافة»، هي أكبر رواق ثقافي حكومي يمنيّ، بل إن «بيت الثقافة» هو الوحيد الذي أنشئ خصيصا لهذا الشأن من قبل وزارة الثقافة، ويحتضن معظم الفعاليات الثقافية والأنشطة الاحتفالية في صنعاء انطلاقا من موقعه وسط العاصمة وتصميمه الذي يخدم النشاط الثقافي، لكن هذه المنشأة باتت مهددة بالخراب، بل باتت شبه خربة، فمن يزورها وينظر إلى سقفها وجدرانها يستغرب من بقاء هذا المنشأة المهمة بدون ترميم.
وحسب مصادر مطلعة فإن وزارة الثقافة ترفض تبني موضوع ترميم هذه المنشأة انطلاقا من أن إدارتها تحصّل رسوما عن الفعاليات الثقافية التي تستضيفها، وبالتالي فلزاما عليها تحمل تكاليف الترميم، لكن إدارة البيت تؤكد أن ما تحصله بالكاد يغطي نفقات النظافة والكهرباء والمصروفات اليومية، في ظل توقف كافة أشكال الإنفاق الحكومي على المنشآت الثقافية منذ بدء الحرب.
الزائر للبيت سيستغرب من الوضع الذي آل إليه، فبعدما كان هذا البيت ومازال من أهم الأماكن التي تستضيف الأنشطة الثقافية، فمن غير المعقول أن يبقى هذا البيت كما هو عليه حاليا من تدهور يتهدده كليا.
تم تصميم الرواق وفق معايير روعيت فيها الخصوصية المعمارية الخارجية اليمنية، كما التزم التصميم الداخلي العامل الوظيفي ثقافيا. يتوزع البيت على ثلاث صالات: الصالة الخارجية من الطابق الأول عبارة عن معرض دائم للكتاب، والصالة الداخلية من الطابق الأول مخصصة للفعاليات والاحتفالات، فيما خصص رواق الطابق الثاني للمعارض التشكيلية، ويطل الرواق على صالة الاحتفالات في الطابق الأول، وعلى الرغم من اعتماد الأحجار والقمريات (نوافذ بشكل نصف دائرة بزجاج ملون) في البناء الخارجي والانضباط الإسمنتي في التصميم الداخلي، إلا أن السقف بقي حديديا مستعارا، ولهذا ظل السقف يخضع لصيانة مستمرة إلى أن تدهورت الأوضاع العامة عقب أحداث عام 2011، وبدأ السقف يتداعى، وبخاصة في موسم الأمطار، وهو الوضع الذي ازداد تدهورا خلال سنوات الحرب المستعرة هناك منذ أكثر من خمس سنوات.
الزائر للبيت سيستغرب من الوضع الذي آل إليه، فبعدما كان هذا البيت ومازال من أهم الأماكن التي تستضيف الأنشطة الثقافية، فمن غير المعقول أن يبقى هذا البيت كما هو عليه حاليا من تدهور يتهدده كليا… فالسقف المعلق يتهاوى وصارت فجوات القطع السقفية المعلقة تتزايد، وكم هو مخجل أن تتسع دوائر أوساخ مياه الأمطار على السقف المعلق وتمتد إلى الجدران. يحتفظ البيت بسجل حافل بآلاف الأنشطة التي استضافها منذ افتتاحه، بما فيها عدد كبير من فعاليات صنعاء عاصمة للثقافة العربية 2004، حيث استضاف البيت عددا من أبرز الشخصيات الثقافية والفنية العربية التي زارت اليمن خلال ذلك العام وفي أعوام أخرى… فهنا تم الاحتفاء بمحمود درويش وأدونيس وأحمد عبدالمعطي حجازي، وكمال أبو ديب وصلاح فضل وعبدالعزيز المقالح وأحمد الشهاوي وعادل إمام ونور الشريف ومحمود حميدة وهيام يونس…وغيرهم. كما انتظمت في رواقه معارض تشكيلية لأهم الفنانين اليمنيين والعرب.
تنطلق أهمية هذا الرواق في كونه الرواق الحكومي الوحيد من نوعه في مجاله وفي موقعه في شارع القصر وسط العاصمة، كما أنه يتميز في كونه الرواق الوحيد في تصميمه المخصص للمعارض التشكيلية… كل ذلك يجعله مقصد معظم منظمي الأنشطة الثقافية والاحتفالية في العاصمة، الأمر الذي يتطلب حجزا مسبقا ينتظر صاحبه موعد تنظيم فعاليته، الأمر الذي يضطر البعض إلى تنظيم فعالياتهم فيه خلال الإجازة الأسبوعية.
الخبر التالي
أخبار ذات صلة
انقر للتعليق
جار التحميل....