تحت عنوان (موقفه من محمود نديم وأحد علماء الأهنوم) ورد :
(دار الحديث بين الوالي العثماني محمود نديم وهذا العالم والسيد عبد الله إبراهيم حول الحكم والوضع بعد أن تغير بدخول الإمام صنعاء فاحتج الأهنومي على محمود نديم قائلاً : أنك أنت الذي مهدت الأمور لدخول الإمام صنعاء وتسليمها إليه من الأتراك، وبإسم الدين قاتلناكم بحجة أنكم أحللتم المكس والرشوة والفساد والظلم وو الخ، واليوم أحل الإمام المكس والرشوة وصارت أكثر وأكثر وقد سمعت أناساً يتمنون الحكم التركي، ولكي نكفر عن سيئاتنا جميعاً لابد أن نحاجّ الإمام حيث يقسم في رسائله ودعايته أنه لا يريد من الدنيا شيئاً إلا الغيرة على الدين وإقامة الشريعة وإزالة الظلم والفساد، فقال الوالي : هذا صحيح وقد وجب علينا القيام بالنصح والإحتجاج، واتفقا على ذلك فودعهما وخرج.
وبعد خروجه ضحك السيد عبد الله إبراهيم فتعجب الوالي وسأله عن سبب ضحكه فقال : ما كنت أظن الوالي يجهل الأمور، والله إنا سنحكم اليمنيين ونجعلهم يتمنون الحكم التركي، وسنفقر اليمن ونستبد… ومع ذلك ستجد اليمنين يدعون لنا مدة أعوام. فقال: بأي سلاح سيحكم الإمام اليمن الذي أعجز الأتراك مدة أربعين عاماً؟ أين المدافع؟ أين السلاح؟ أين الرجال؟ فقال: عندنا سلاح أقوى من أي سلاح. قال: طائرات؟ قال: أقوى. قال: بالله صف لي هذا السلاح.. فقال: برنجي ايكنجي أوجنجي (كلمات تركية تعني: الأول.. الثاني.. الثالث) فقال: أوضح ما نوع برنجي؟ فقال: بثثنا في العوام في القرى والمدن الدعاية بأن أهل البيت هم الذين اصطفاهم الله وهم حجة الله في أرضه، فمن أحبهم نجا، ومن خالفهم هلك، ورضاء الله في رضاهم، وجعلنا للدعاية في كل مجلس وسوق، وألفنا كتباً في هذا، وعمت الدعاية كل تجمع؛ في الوليمة، في العرس، في الموت، في الإستسقاء، وحتى النشادون في السوق، والنشادات في مجالس النساء، وقصائد الشعراء وخطب الخطباء؛ كل هذه شحنت بهذه المعاني، حتى تمكنت هذه العقيدة في القلوب، وحتى أن الرجل يقتل المخالف للإمام سواء كان عربياً أم تركياً، يفعل ذلك وهو يطلب أجره من الله، والولد يعادي والده والأخ يعادي أخاه.
قال: فما إيكنجي؟ قال: هم فقهاء الشيعة في المدن والقرى، وهؤلاء بثثنا فيهم الدعاية وألفنا كتباً في الأحاديث الصحيحة التي أخذناها من الأمهات والصحاح وعزوناها إلينا، وكذلك الموضوعة، وفي الفروع والأصول والتاريخ والسير والقصص، وكلها تعزز في مجملها التشيع وحب أهل البيت، وقلنا لهم: من قرأ في غير هذه فهو ناصبي، حتى أن الأمهات الست وغيرها من كتب السنة لا يمكن أن يقرأها الشيخ لتلاميذه إلا في البيوت، وهؤلاء – أي إيكنجي _ جعلناهم الدعاة لنا عند العوام، فإذا تظلم المواطن زجره الفقيه وقال: حرام عليك تعترض على الإمام فما فوق يده إلا يد الله، ورأي الإمام سديد، وهو أدرى وأخبر بكل شيء، ولا يفعل إلا ما هو مصلحة، وقد قال الإمام عبد الله بن حمزة: لا فرق بين أعمالنا وأعمال الطغاة إلا بالنية.
قال فما أوجنجي؟ قال: هؤلاء هم المخالفون لنا، وقد جعلنا الصنفين يبثون الدعاية ضدهم بأنهم يبغضون أهل البيت وأنهم نصَبَه. وأوجنجي مثل بيت الأمير الذين منهم السيد محمد بن إسماعيل الأمير وبيت الشوكاني الذين منهم شيخ الإسلام محمد بن علي الشوكاني، وبيت المجاهد، وبيت السياغي، وبيت العراسي، والسيد العلامة الحر محمد بن إبراهيم الوزير حتى سلطنا عليه أخاه. ومنهم القاضي عبد الملك الآنسي وولده، والعالم النحرير الحر المقبلي صاحب (العلم الشامخ) وبيت العمري، وغيرهم، هؤلاء إستدعيناهم وقلنا لهم بلسان الحال: نحن حكام اليمن وأنتم قد خرجتم مما نحن عليه، فإما أن تدخلوا معنا وتعيشوا وإلا فهذا، وهو السيف، فدخل البعض وخرج البعض، والذي خرج سلطنا عليه العوام وطاردناه…
فقال محمود نديم: عرفت عرفت، اسمع يا سيد عبد الله فينا نحن الأتراك من يعصي الله ويرتكب الفواحش ويظلم ويفسد، لكن أما أن نكذب على الله وعلى رسوله مثلكم فلا ….!!!